لماذا ارتفعت وتيرة هجرة السوريين من ليبيا؟، وإلى أين؟


عادت حركة هجرة السوريين من ليبيا، سواء باتجاه دول الاتحاد الأوروبي (عبر البحر)، أو إلى الدول المجاورة براً أو جواً.

وفور ذكر الهجرة عبر البحر وخصوصاً من ليبيا، تتوارد إلى أذهاننا حالات وفاة السوريين غرقاً التي كثرت عامي 2014 و 2015 خلال محاولتهم الهجرة باتجاه تلك الدول. ومع عودة الهجرة عادت حالات الغرق إلى الواجهة. آخر تلك الحالات كانت وفاة الطفل شادي عبد الباري وشقيقته رهف، أثناء محاولتهم العبور من ليبيا باتجاه ايطاليا بحراً، مع والديهم، في الثامن عشر من تموز / يوليو الجاري.

دولار يهوي.. والهجرة تعود إلى الواجهة

عاود سعر الدولار في ليبيا اتجاهه نحو الارتفاع مجدداً، بعد أن كان يتجه هبوطاً مطلع العام الجاري، حيث وصل سعر صرف الدولار حينها إلى 4 دينارات مقابل الدولار الواحد. وذلك بعد أن وصل خلال السنتين الفائتتين إلى 10 دينارات للدولار الواحد.

سعر الدولار اليوم يتأرجح بين 6.5 و 8 دينارات للدولار الواحد.

"أحمد"، لاجئ سوري مقيم في ليبيا، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "رغم انخفاض سعر صرف الدولار خلال الأشهر القليلة الماضية إلا أن أسعار البضائع لم تشهد انخفاضاً يُذكر، بعد الارتفاع  الكبير الذي طالها قبل ذلك، مع ارتفاع سعر الدولار".

"أحمد" أضاف: "لا تزال البضائع المدعومة التي تطرحها الحكومة في الأسواق بنصف السعر الذي تباع فيه، موجودة، إلا أنه يسمح للعائلة بأخذ كميات محددة دون السماح بالشراء والتبضع بحرية".

"أنس" لاجئ سوري آخر مقيم في البلاد قال لـ "اقتصاد": "المشافي الحكومية في ليبيا ورغم قلتها فرضت مبالغ مالية على  المراجعين السوريين تعادل نصف القيمة عن المشافي الخاصة (المصحات) منذ بداية العام بعد أن كانت مجانية".

 وذكر "أنس" المبالغ التي باتت تطلبها المشافي الحكومية مقابل عمليات الولادة كمثال، فقال: "دفعت 500 دينار عندما رزقني الله وزوجتي بمولود منتصف العام في حين كان علينا دفع مبلغ 1000 دينار، لو دخلنا مشفى خاص، أما لو كانت الولادة قيصرية فسيتوجب علينا حينها دفع 1500 دينار في المشفى الحكومي أو 3000 دينار في مشفى خاص".

"أنس" نوه إلى أن راتب العامل لا يزال يتراوح بين 45 و 50 دينار، في اليوم الواحد، أي حوالي 1500 دينار شهرياً. وأشار إلى أن التطورات المذكورة أعلاه كانت أسباباً رئيسية في عودة الهجرة إلى الواجهة في البلاد.

بين البر والبحر.. السوري هو الخاسر الوحيد

عودة الهجرة إلى البلاد كانت في عدة أشكال، منها الهجرة بحراً باتجاه دول الاتحاد الأوروبي، وهي الأكثر شهرة. أو الهجرة براً باتجاه إحدى الدول المجاورة.

"محمد" شاب سوري يحزم أمتعته اليوم للسفر باتجاه مصر بعد تردي الأوضاع في ليبيا. تحدث في تصريح خاص لـ "اقتصاد" عن تفاصيل الرحلة التي سيذهب بها، والمصاعب التي قد تواجهه، فقال: "سأضطر لدفع مبلغ 2000 دينار مقابل السفر جواً من ليبيا باتجاه السودان، حيث سأكمل الطريق من هناك براً عبر الصحراء باتجاه مصر بتكلفة قد تصل إلى 400 دولار للشخص الواحد".

"محمد" قال إن المخاطر في الطريق تكمن في انتشار المهربين وقطاع الطرق ضمن الصحراء والذين يعترضون القوافل المهاجرة في معظم الأحيان ويقومون بسلبها.

أما بالحديث عن الهجرة عبر البحر، فقد قال "محمد": "الرحلات تنطلق من مدينة زوارة، الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط والتي تبعد عن طرابلس مسافة 120 كيلو متر، غرباً، وتبعد عن الحدود التونسية مسافة 60 كيلو متر فقط. وتصل تكاليف الرحلة إلى 3000 دينار للشخص الواحد، مقابل نقله إلى إيطاليا بحراً".

 لكن خفر السواحل بات يتأخر في إنقاذ الركاب في حال غرقهم، كما قال "محمد"، في إشارة إلى عدم رغبة الاتحاد الأوروبي في استقبال لاجئين جدد. في حين يقوم خفر السواحل الإيطالي باحتجاز ما تبقى من الركاب الأحياء لديه لعدة أيام، ومن ثم تتم إعادتهم إلى ليبيا.

أما في حال عبور القارب للبحر والوصول إلى الجانب الآخر، فإن المهاجرين غالباً ما يتخذون ألمانيا وجهة رئيسية لهم. أما في حال القي القبض عليهم من قبل الشرطة الإيطالية فإنهم سيكونون أمام سيناريوهين، الأول إجبارهم على البصم والبقاء في إيطاليا، أما الثاني فهو إعادتهم إلى ليبيا، حيث تكررت عملية الإعادة مؤخراً حتى بعد دخول الأراضي الإيطالية.

"محمد" أشار إلى أن المهاجرين يتخذون ألمانيا وجهة لهم تاركين إيطاليا فوراً، بسبب الرواتب الضئيلة التي تقدمها الأخيرة للاجئين.

 مديرية الأمن في مدينة "زوارة"، قامت في السابع عشر من تموز / يوليو الجاري بضبط شاحنة بداخلها 100 مهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة كانوا يتجهزون للهجرة نحو أوروبا عبر البحر، قضى منهم 8 أشخاص بينهم 6 أشخاص وامرأة، خنقاً، لوجود غالونات تحوي مادة البنزين ضمن الشاحنة المغلقة، الموضوعين بداخلها.

يُذكر أن 26 مهاجراً من جنسيات مختلفة بينهم سوريون، قضوا غرقاً في الثامن عشر من تموز / يوليو الجاري أيضاً قبالة سواحل قبرص، كانوا قد خرجوا من مدينة مرسين التركية باتجاه قبرص ليكملوا الطريق منها إلى اليونان ومن ثم إلى أوروبا، حيث تمكن خفر السواحل من إنقاذ 103 أشخاص وانتشال 26 جثة، في حين بقي حوالي 25 شخصاً في عداد المفقودين.

ترك تعليق

التعليق