مشاكل المولدات.. فاقت طاقة سكان القامشلي


في ساحة مدرسة حاتم الطائي الابتدائية في الحي الغربي بمدينة القامشلي، يتصاعد الدخان، ويضج المكان بهدير صوت مولدة وضعت هنالك لتخدم أهالي البيوت القريبة منها، دون أن يراعي أصحاب المولدة مستلزمات الهدوء الذي يحتاجه الطلبة في المدرسة. ناهيك عما تفرزه المولدة من مواد ضارة لصحة الأطفال.

الحدائق عادة ما تكون متنفس السكان ورئة المدن. ولكن في مدينة القامشلي، انقلبت الحكاية، إذ باتت الحدائق المكان المخصص للمولدات، والتي كانت آثارها ظاهرة على أوراق الأشجار في الحدائق.

وحول ذلك تحدث الطبيب عبد الرحمن أحمد، وهو من سكان القامشلي، في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد"، بأنهم راجعوا البلدية عدة مرات وقدموا شكاوى لإزالة المولدات من المرافق العامة ولكن دون جدوى، بحجة عدم تواجد أماكن مخصصة لها.

وتابع بأن المدينة باتت شبه خالية من الأشجار إذ أن المواد التي تصدرها المولدات قضت على كل ما هو أخضر في المدينة إضافة لانتشار حالات مرضية بين السكان كالأمراض الصدرية والتنفسية المزمنة، بسبب ما تصدره تلك المولدات من ثاني أوكسيد الكربون ومواد سامة أخرى.

وأضاف بأنه للحد من انتشار الأمراض بين السكان لابد للهيئات المختصة في المدينة من إتباع عدة خطوات ضرورية كتحسين الطاقة الكهربائية، وتركيب مصافي للمولدات، ومنع قطع الأشجار وقيام حملات تشجير للمدينة، ومنع التشغيل العشوائي وفرض ضرائب على المخالفين.

أسعار الأمبيرات

حددت بلدية القامشلي منذ شهر أسعار الأمبيرات، فقد بات سعر الامبير 1300 ليرة، مقابل عمل 8 ساعات للخط الواحد. كما حددت 1400 ليرة، مقابل 8 ساعات للخطين أو أكثر، مع فرض غرامة بلغت 500 ألف ليرة، لكل من يخالف ذلك.

تعمل المولدات ضمن الأحياء من الساعة 1 ظهراً حتى الـ 4 عصراً، ومن الساعة الـ 7 مساءً حتى الـ 12 منتصف الليل. وأما في الأسواق فنظام التشغيل يبدأ من الـ 9 صباحاً حتى الـ 12ظهراً، ويكمل من الـ 4 عصراً حتى الـ 8 مساء.

لكن هذا القانون بات حبراً على ورق. فمنذ ما يقارب العام هنالك أحياء يدفع مشتركو الأمبيرات فيها مبالغ تصل للـ 1500 ليرة، كحي السياحي. في حين هنالك أحياء أخرى رُفعت أسعار الاشتراك فيها لـ 1400 ليرة، مثل حي الوسطى، ومبلغ 1300 ليرة في حي الهلالية.

ويُرجع أصحاب المولدات هذا الارتفاع إلى رفع سعر المازوت من جانب هيئات الإدارة الذاتية بقيمة 10 ليرات.

 ذلك علاوة على حالات اختلاس تعرض لها السكان في الحي الغربي، كما هو الحال لدى "حسين عبدو" الذي قال لـ "اقتصاد" بأنه تعرض للنصب بمبلغ 25000 ليرة سورية إذ وضع تجارٌ مولدة في الحي، وطلبوا من كل منزل 25000 ليرة، علاوة على أخذ مبلغ 7000 ليرة سورية لتركيب قواطع وتمديد أسلاك لتوصيل الأمبيرات للمنزل، على عكس باقي الأحياء والتي على عاتق كل منزل فيها دفع مبلغ 7000 ليرة فقط.

ويتابع: "على الرغم من إيصال الخبر للبلدية، لكن دون جدوى. وعلى العكس، فأصحاب المولدة باتوا يتحكمون بنا نظراً لحاجتنا لهم، إذ أنهم أحياناً يطفئون المولدة لساعات بحجة وجود عطل أو ارتفاع حرارة المولدة أو خوفاً من حدوث حرائق نتيجة استمرار عمل المولدات".

البلدية في القامشلي.. تبرر

"استغلال أصحاب المولدات للمشتركين سيتوقف بعد أن تم إصدار قانون يلزم أصحاب المولدات بأسعار الاشتراك وساعات العمل".. بهذا الكلمات، بدأ عبد الملك عبد الله، الرئيس المشترك لبلدية القامشلي، حديثه لموقع "اقتصاد".

وأضاف: "نعلم بأنه كان هنالك خروقات لأصحاب المولدات وتجاوز الاشتراك أحياناً 1600 ليرة. وحرصاً منا على عدم إلحاق مصاريف زائدة بالمواطن، أصدرنا هذا القرار".

وأكمل: "حول وضع المولدات داخل المدارس وفي الحدائق العامة، لدينا مشروع لإنشاء أماكن مخصصة لتلك المولدات وإزالتها من المرافق العامة وسنعمل بأقصى جهدنا كي لا يلحق الضرر بجمالية المدينة".


خمس سنوات مرت منذ أن حطت أولى المولدات في أحياء مدينة القامشلي. ويعلم السكان اليوم، أن المولدات كانت الحل الإسعافي أمام مشكلة انقطاع الكهرباء والتي باتت تدريجياً تنقطع لساعات أطول، حتى وصلت انقطاعاتها لحدود عشرين ساعة في اليوم الواحد. وبلغ عدد المولدات في المدينة، أكثر من380 مولدة مركزية في إحصائية لبلدية الشعب المركزية في القامشلي. وعلى الرغم من أنها كانت المصدر الوحيد للطاقة الكهربائية، لكنها جلبت معها مشاكل فاقت طاقة السكان في المدينة.

وتخضع مدينة القامشلي، الواقعة بريف محافظة الحسكة، شمال شرق سوريا، لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية، في أجزاء واسعة منها. فيما يسيطر النظام السوري على منطقة المربع الأمني وجيوب أخرى صغيرة.

ترك تعليق

التعليق