أسعار فلكية في مخيم الركبان.. وسط كارثة صحية ومعيشية


يعيش الآلاف من النازحين السوريين المتواجدين في مخيم الركبان على الحدود السورية -الأردنية حالة فقر مرعبة في ظل تعرض المخيم لحصار جزئي نهاية العام الماضي. كما يعاني المئات من واقع صحي كارثي أدى لانتشار العديد من الأوبئة والأمراض.

الناشط "سعيد سيف" الذي اطلع على واقع المخيم عن قرب قال لـ "اقتصاد": "هذا المخيم هو الأسوأ في الداخل السوري بسبب تواجده بمنطقة صحراوية لايوجد فيها أي مقومات للحياة".

أنشئ مخيم الركبان منذ قرابة 3 سنوات عقب إغلاق الأردن كامل الشريط الحدودي مع سوريا، وتشكل من مئات النازحين الفارين من الحرب من مختلف المحافظات السورية، لكن إقفال الحدود في وجوه النازحين أدى لجعل هذا التجمع المتواجد في منطقة منقطعة عن العالم يعيش أوضاعاً كارثية لا تحتمل.

كان مخيم الركبان الذي يضم قرابة 70 ألف نازح، يحصل على إمداداته من المواد الغذائية والإنسانية عبر طريق الرقة لكن هذا الطريق انقطع نهايات العام 2017 عقب تقدم قوات النظام إلى البادية الشرقية ليدخل المخيم في حصار شبه تام أدى لتصاعد الأسعار إلى عدة أضعاف.

يتحدث سعيد سيف عن معاناة المدنيين في الحصول على الطعام. "الأسعار ملتهبة تماماً ومع حالة الفقر الشديدة تغدو الحياة داخل المخيم أشبه بالجحيم".

يتابع: "تصل ربطة الخبز إلى حدود 1500 ليرة إن وجدت. مطربان المربى الذي يباع خارج المخيم بـ 700 ليرة يتجاوز في المخيم 7 آلاف ليرة. علبة الحلاوة وصلت إلى 3500 ليرة. أما العلبة الصغيرة من حليب الأطفال فلا يقل سعرها عن 4 آلاف ليرة".

ارتفاع الأسعار أتى كنتيجة طبيعية للحصار المفروض ولنشاط عمليات التهريب إلى المخيم عبر تجار يتعاملون مع ضباط النظام. "هؤلاء هم المستفيد الأكبر على حساب آلاف المدنيين المحاصرين"، يؤكد سيف.

إضافة لارتفاع الأسعار وتقلص المواد الضرورية يعاني المخيم من مشاكل صحية تسببت بها مجموعة من العوامل أهمها تلوث مياه الشرب التي يحصل عليها الأهالي من الأردن ومن بعض الآبار القليلة المتوفرة في المنطقة.

كما يعاني المخيم من نقص شديد للمواد الطبية والأدوية ولا يستطيع المستوصف الوحيد في المنطقة تقديم أي شيء سوى العلاجات الأولية وحبوب المسكن.

يؤكد سيف أن المشكلة الصحية الأكبر تمثلت في الولادات المتعسرة التي تسببت بوفاة 7 نساء على الأقل.

نقص اللقاحات جعل الأطفال عرضة للإصابة بأمراض متنوعة كشلل الأطفال والكساح والسل واللشمانيا والكوليرا.

التعليم أيضاً شكل مشكلة كبيرة إذ لا يحصل قرابة 20 ألف طفل على كتب وقرطاسية في 5 مدارس بدائية. "معظم الأطفال لا يمتلكون القدرة على كتابة أسمائهم بسبب رداءة التعليم"، والحديث هنا لسعيد سيف.

لم يسمح الأردن -وفقاً لمصدرنا- بدخول المنظمات الإنسانية عبر أراضيه إلى الداخل السوري ما أفقد المخيم مصدراً أساسياً للحصول على الغذاء والمساعدات الطبية في حين لا يحصل المدنيون على فرص عمل كافية تساعدهم على شراء احتياجاتهم.

بلغت نسبة المساعدات التي قدمتها المنظمات الإنسانية لمخيم الركبان خلال السنتين الماضيتين 3 بالمائة فقط قدمتها منظمة اليونيسف.

قال سعيد سيف: "جميع ما يدخل إلى المخيم عبارة عن مواد تهريب يدفع المدنيون للحصول عليها مبالغ خيالية".

وشدد بالقول: "الوضع كارثي إلى أبعد الحدود".

ترك تعليق

التعليق