تحصيل أموالكم "بدها صبر".. هكذا أغرت التربية متعهدين بريف حمص!


بعد شهرين من بسط قوات النظام سيطرتها على مدن وبلدات ريف حمص الشمالي، تواجه المؤسسات المدنية للدولة معضلة حقيقية في إعادة ترميم ما دمرته مدفعية المؤسسة العسكرية وطائرات القوات الروسية في سوريا. فالسيطرة على مناطق جديدة لا تعني تهجير فصائلها العسكرية فحسب، بل تعني، أيضاً، ترميم المرافق العامة وإدخال الخدمات وفي مقدمتها التعليم والصحة.

يُعتبر القطاع التعليمي من أكثر القطاعات تضرراً أثناء الحرب في سوريا. فقد عانى من عملية سرقة ونهب ممنهجة على أيدي عصابات منظمة في السنوات الأولى من الثورة. ناهيك عن استهداف الأبنية المدرسية من قبل مدفعية وطائرات النظام لقتل أكبر عدد ممكن من السكان، وتدمير البنى التحتية، لزيادة العبء على مؤسسات المعارضة، وذلك بحجة تواجد مقرات بعض الفصائل فيها.

في الآونة الأخيرة قامت مديرية التربية في حمص باستدعاء المتعهدين والمقاولين من منطقة ريف حمص الشمالي الذين عملوا معها قبل عام 2011، لاجتماع عاجل، حيث عرضت عليهم خطة التربية في إعادة ترميم وصيانة 65 مدرسة في ريف حمص الشمالي في إطار استعداداتها للعام الدراسي الجديد.

يتحدث أحد المقاولين الذين حضروا الاجتماع، وطلب عدم الكشف عن هويته: "وبعد انتهاء مدير التربية واللجنة المختصة في هذا الموضوع من شرح خطتهم وتأكيدهم على أهمية السرعة في العمل، أبدى المتعهدون الذين وصل عددهم لـ 17، جهوزيتهم للعمل وقدرتهم على إتمام المهمة في الوقت المطلوب، إلى أن سأل أحد المتعهدين عن المبلغ المرصود من قبل المديرية لإتمام هذا المشروع ليفاجئهم رئيس اللجنة بقوله، لم يرصد أي مبلغ بعد ولا توجد ميزانية بعد".

حيث طلبت اللجنة ومدير التربية من المتعهدين البدء بالعمل وأن الحساب سيكون بعد انتهاء المشروع بوقت غير معلوم، وأكدوا على أن المبالغ لن تضيع وستُحصّل، لكن الأمر بحاجة لـ "صبر".

ويتابع المقاول كلامه: "هكذا أنواع من المشاريع تكون الأرباح فيها مضاعفة 3 مرات تقريباً، حيث تصرف المبالغ المالية بناءً على الكشف المالي الذي سيقدمه المتعهد فمن المستحيل رصد المبلغ قبل البدء بالعمل، لأن المدارس المستهدفة منها ما هو مهدد بالانهيار ومنها ما حفرت تحته الأقبية، ومنها ما لم يتضرر بشكل كبير. ولا يمكن حصر حاجيات المدرسة بشكل دقيق لاسيما أن الحساب إلى أجل غير مسمى".

 وعلى الرغم من كل هذه الإغراءات إلا أن جميع المتعهدين رفضوا الدخول بهكذا عمل لعدة أسباب، أبرزها أن وزارة التربية لو كانت تملك المال، لكانت طرحت مشروع الترميم في مناقصة كالعادة. ناهيك عن أن أغلب المتعهدين الموجودين بالاجتماع يعانون من تحصيل أموال عالقة لدى مؤسسات الدولة منذ ما قبل الـعام 2008. دون أن ننسى، وضع البلد غير المستقر.

في سياق متصل، زار مهندسون ولجان فنية بلدات ريف حمص الشمالي، لمعاينة الأضرار التي لحقت بأبنية المدارس وقاموا ببث إشاعة مفادها أن شركة ألمانية وشركة هولندية تعهدتا بإعادة إعمار مدارس ريف حمص الشمالي.

وبهذا الصدد، قال مصدر مطلع لـ "اقتصاد"، من داخل "الهلال الأحمر السوري"، طلب عدم الكشف عن هويته، أن ضغوطاً مُورست على محافظة حمص ومديرية التربية فيها، ليضغطوا بدورهم على منظمات خيرية وإنسانية، من بينها "الهلال الأحمر"، ومنظمة "عون"، وجمعية البر والخدمات الاجتماعية، و"الأمانة السورية للتنمية"، كي تشارك في أعمال صيانة وترميم بعض المدارس بالسرعة القصوى، نظراً لقرب بدء العام الدراسي الجديد.

ترك تعليق

التعليق