استغلال شركات النقل التركية للسوريين.. تجربة مراسل "اقتصاد" بالتفصيل


استأنفت الحكومة التركية قرار منح إذن السفر للسوريين المقيمين على أراضيها والراغبين بالتنقل بين الولايات التركية في الرابع والعشرين من آذار / مارس المنصرم، بعد إيقافه لحوالي الشهر، عقب انطلاق عملية غصن الزيتون التي انتهت بسيطرة الجيش الحر المدعوم من تركيا على مدينة عفرين شمال مدينة حلب.

التشديد الذي فرضته الحكومة التركية على الطرقات الواصلة بين الولايات التركية خلال فترة المعركة وحتى بعد انتهائها وخصوصاً
على السوريين الذين ينتقلون دون إذن سفر، فتح الباب أمام شركات النقل لكسب مرابح كبيرة مقابل نقل السوريين دون الإذن.

إن لم يعجبك.. فالمخفر قريب

"خلال عطلة عيد الفطر المبارك ذهبت لقضاء العطلة واستبدال الوثيقة المؤقتة ببطاقة الكيملك، نظراً لاستخراجي لها من
 مدينة ازمير التركية"، يروي مراسل "اقتصاد" ما حصل معه خلال الرحلة، بالتفصيل.

"رحلة الذهاب كانت سهلة نظراً لتوجهي إلى ولاية بورصا أولاً عن طريق البحر لعدم الحاجة إلى إذن سفر، ومن ثم قام صديقي
الحاصل على إقامة سياحية بقطع تذكرة لي إلى إزمير أيضاً، لعدم حاجة حامل الإقامة لإذن السفر.

ذهبت عقب انتهاء العيد مباشرة إلى شعبة الأمنيات في الولاية لاستبدال الوثيقة بالكيملك فحصلت على موعد في الشهر التالي.
هنا أصبحت مضطراً للعودة إلى مدينة اسطنبول مجدداً كي لا أخسر عملي.

توجهت إلى أحد المكاتب التابعة لشركة نقل كان قريباً من مكان إقامتي في الولاية، والذي أكد بدوره عدم حاجتي لإذن سفر خلال الرحلة، نظراً لأن الرحلة ستكون ليلاً، ولا يوجد حواجز للشرطة خلال الطريق.
 
توجهنا إلى كراج الانطلاق حوالي العاشرة ونصف ليلاً، حيث كان من المقرر للرحلة الانطلاق في الحادية عشر. تأخر الباص حتى وصل إلى الحادية عشر ونصف. وبعد أن وضعنا أمتعتنا وجلسنا في مقاعدنا بدأ مساعد السائق بالتجول بين المقاعد طالباً من السوريين إذن السفر الخاص بكل شخص.
 
أثناء تجوله صعدت امرأتان ورجل من سوريا أيضاً فسألهم على الفور عن إذن السفر فكان الجواب بعدم وجوده فأمرهم بالنزول فوراً من الباص إلا أن السائق أمره بتركهم لأنهم من طرف (فلان)، لم أستطع سماع اسمه إلا أنه شخص تركي.
 
كنا 5 أشخاص لا نحمل إذن السفر, قام المساعد بإحصاء العدد وتوجه إلى شخص أسفل الباص ليخبره بالعدد ومن ثم عاود الصعود.

في المرة التالية جاء طالباً من الحاصلين فقط على بطاقة الكيملك من ولاية ازمير، إبراز بطاقاتهم فما كان مني إلا أن أبرزت وثيقتي. فأمرني على الفور بالنزول من الباص واقتادني إلى الشخص الذي تحدث معه في النزول الأول والذي طالبني على الفور بمبلغ 2500 ليرة تركية بحجة أنها غرامة ستدفع للجندرما التركية لأنني أقدمت على محاولة السفر دون الإذن. الكراج كان شبه خال من عناصر الشرطة أو الجندرما طبعاً.

استطعت سحب حقيبتي والخروج من الكراج على عجل بعد أن صرفوا نظرهم عني لدقائق.

 ذهبت في اليوم التالي إلى المكتب الذي حجزت التذكرة منه فطلب مني الموظف سراً العودة في اليوم الذي يليه، واعداً بحل الأمر, هنا قمت برفع صوتي محتجاً على ما حصل وبأن عملي في اسطنبول ولا أستطيع التأخر أكثر. قال أمام الزبائن، بأنني أكذب وبأن موظفي شركتهم يعرفون القوانين ولا يمكن لأحدهم أن يقدم على قطع تذكرة سفر لسوري لا يحمل إذن.
 
بعد جدال طويل قال الموظف بأنه إن لم يعجبني الكلام فإن المخفر قريب وبإمكاني رفع دعوة. طبعاً، لا يمكنني القيام بذلك نظراً
لعدم حصولي على إذن سفر أولاً، ولعدم وجود ما يثبت بأن هذه الشركة قامت بقطع التذكرة حيث كانت التذكرة خالية من أي اسم يعود للشركة، كي لا تدان، حيث كانت التذكرة أشبه بفاتورة كهرباء خالية من أي علامات.

في اليوم ذاته مساء توجهت إلى الكراج مجدداً للذهاب باتجاه اسطنبول فاضطررت لدفع مبلغ 110 ليرات تركية مقابل التذكرة لأنني لا زلت لم أحصل على الكيملك ولا إذن سفر لدي، في حين ذهبت التذكرة الأولى وثمنها سدى، والبالغ 90 ليرة تركية، مع العلم أن تعرفة الحصول على تذكرة سفر بين ولايتي اسطنبول وازمير يتراوح أساساً بين 80 و 85 ليرة تركية فقط.

في إزمير تختلف اجراءات الحصول على إذن سفر داخلي عن ولاية اسطنبول، حيث يتوجب على الشخص الذي يريد الحصول على إذن سفر مراجعة مركز "قائم مقام" المسؤول عن منطقته وجلب سند إقامة أولاً من مركز النفوس إضافة إلى صورتين شخصيتين وهو ما كان سيتطلب مجهوداً ووقتاً أطول إضافة إلى عدم قدرتي على إحضار سند إقامة من النفوس لعدم امتلاكي عقد إيجار منزل في الولاية وهو ما سيجعل الأمر مستحيلاً".

شركات النقل استغلت بدورها الموضوع لترفع التسعيرة على السوريين غير الحاملين لإذن سفر حيث وصلت تعرفة النقل بين ولايتي بورصة وازمير مثلاً، والذي لا تتجاوز المسافة بينهما الـ 5 ساعات إلى 65 ليرة تركية، في حين تتراوح التعرفة الأساسية بين 45 و 55 ليرة تركية، حسب تصنيف الشركة.

أما الرحلة بين إزمير واسطنبول، فتجاوزت تكلفتها 110 ليرات تركية.

الشركات لم تكن وحدها من استغل الموقف, بل شارك فيه عدد كبير من السوريين الذين يملكون سيارات والذين امتهنوا النقل مهنة مربحة لهم خصوصاً مع مثل هكذا قرارات حيث وصلت تعرفة الركوب لشخص واحد بين ازمير واسطنبول إلى 275 ليرة تركية بحجة عدم التمكن من السفر بين ازمير واسطنبول بطريق واحد ووجوب المرور بقونيا أولاً والمتابعة من طريق آخر، وهو ما سيزيد الرحلة تكلفة وجهداً.

يُذكر أن الحصول على إذن السفر من ولاية اسطنبول يحتاج فقط التوجه إلى شعبة الأجانب في منطقة بيازيد في حال كان الشخص مقيماً في القسم الأوروبي أو الشعبة في منطقة سلطان بيلي في حال كانت الإقامة في القسم الآسيوي، وتقديم الكيملك وصورتين شخصيتين فقط.

ترك تعليق

التعليق