في الرحيبة.. اصطد عقرباً بوزن كبير، واحصل على 100 ألف ليرة


تشهد مدينة "الرحيبة" في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، منذ عدّة أسابيع، حملات بحث متواصلة يقوم بها أبناؤها من أجل صيد العقارب السامة، وذلك بناء على رواية متداولة بين الأهالي مفادها، استخدام العقارب في صناعة الأدوية من قبل إحدى الشركات الطبية التي تعاقدت مع أحد أبناء المنطقة للحصول على عقارب ذات أوزان محددة مقابل بدلٍ مادي مرتفع.

في هذا السياق، قال "عبد الرحمن مطر"، أحد أبناء مدينة "الرحيبة"، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد"،  "بدأ أبناء المدينة أولى محاولاتهم في صيد العقارب قبل نحو شهر من الآن، حيث باتوا يقضون غالبية أوقاتهم في البحث عن عقارب كبيرة مع الحرص على عدم قتلها وبيعها حيّة إلى وسيطٍ محلي يقوم بدوره ببيعها لشركة طبية".

وأضاف: "على الرغم من جميع محاولات أبناء مدينة الرحيبة لاصطياد عقربٍ كبير، إلا أن معظم محاولاتهم باءت بالفشل، لأن قليلاً منهم فقط، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة أو أقل، من استطاع تلبية شرط الشركة الطبية التي حددت مواصفات معينة للعقارب المراد شراؤها، أهمها الوزن؛ لما لها من فوائد في الأبحاث الطبية".

أشار "مطر" إلى أن وسيط الشركة الطبية عرض في البداية سعراً وقدره 50 ألف ليرة سورية، لكل عقربٍ يتراوح وزنه من 50 إلى100 غرام، ولكن ونظراً لندرة وجود عقارب بهذا الوزن في المنطقة، فإن الوسيط قام في الآونة الأخيرة برفع السعر ليصل إلى 100 ألف ليرة سورية.

أسباب الانتشار

اندفع القسم الأكبر من أهالي مدينة "الرحيبة" ولا سيما من فئة الشباب، وراء صيد العقارب بغرض التسلية والترفيه عن النفس، وقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مدينة "الرحيبة" على مدار الأسابيع الفائتة بمناشير عن انتشار صيد العقارب في المنطقة. ومع زيادة الحديث عن العقارب باتت تعليقات أبناء المدينة لا تخلو من الفكاهة والسخرية في كثيرٍ من الأحيان.

بدوره، قال "إحسان عبد الغني"، أحد المهتمين حالياً بصيد العقارب، إن الأمر يتخطى حدود الترفيه والتسلية لدى قسمٍ لا بأس به من أبناء مدينة "الرحيبة"، إذ دفعتهم الظروف الاقتصادية المتردية إلى تجربة حظوظهم في صيد العقارب وبيعها علها تكون سبيلاً في تحصيل أي موردٍ مادي يساعدهم على مقاومة متقلبات الحياة خاصة مع ارتفاع نسبة البطالة في المنطقة.

وأضاف قائلاً لـ"اقتصاد": "يجتمع الشباب عند الساعة العاشرة من كل ليلة، على شكل جماعات، لبدء عملية صيد للعقارب، ذلك أن خروج العقارب من أماكن اختبائها يتزامن مع انخفاض درجات الحرارة في مثل هذا التوقيت للبحث عن الغذاء والماء".

أوضح "عبد الغني" أن مدينة "الرحيبة" تتميز بمناخها شبه الجاف، وتحتوي مناطق جبلية وعرة، وصخوراً منتشرة في وسط المدينة تكثر فيها الزواحف السامة مثل: العقارب والأفاعي، بالإضافة إلى أن بيوتها الطينية القديمة تعتبر موطناً مهماً لتكاثر وانتشار هذه الأنواع من الزواحف في أوقات الصيف الحارة.

ونوّه كذلك إلى أن العامل الرئيس وراء انتشار هذه الظاهرة الغريبة وغير المألوفة في مدينة "الرحيبة"، في هذا التوقيت بالذات؛ يرجع بالدرجة الأولى إلى الأوضاع المعيشية الصعبة المتدهورة في عموم المنطقة؛ بفعل الحصار الذي فُرض عليها خلال السنوات الماضية، كما أن اتفاق "المصالحة" المُبرم مع النظام نهاية شهر نيسان/ إبريل الماضي، لم يحمل معه أي بوادر تحسن في الواقع المعيشي لعموم أبناء المنطقة.

ظاهرة مفيدة

السيدة "أم عصام"  التي تسكن في بيتٍ شعبي طيني قديم "لُبُنْ"، وصفت هذه الظاهرة بالمفيدة؛ لأنها تساهم في تخليص الأهالي من العقارب التي تنشط بشكلٍ كبير في الأحياء التي تغلب عليها البيوت التقليدية الطينية القديمة، وبالتالي فإنها تُشكل خطراً على الصغار والكبار على حدٍ سواء.

وقالت في حديثها مع "اقتصاد": "في كل عام تتخذّ الأسر بعض الإجراءات اللازمة لتفادي انتشار العقارب ومنها: رش المبديات الحشرية حول المنزل، وخصوصاً (الكبريت الأصفر) وهي مادة رائجة وفعّالة في مكافحة العقارب، كما لا بدّ أيضاً من التخلص من أي أكوام للخشب أو الصخور في الحدائق، والتأكد من سدِّ كافة الشقوق والفتحات الصغيرة أسفل الأبواب لمنعها من الدخول إلى المنزل".

حقل تجارب

تعدّ العقارب أحد أهم الزواحف المستخدمة الآن في حقل التجارب والأبحاث الطبية، لعمرها الطويل الذي يصل إلى 25 عاماً، فضلاً عن سُمِّها الذي يدخل في صنع الأمصال واللقاحات ضد أنواع مختلفة من الأمراض؛ منها أمراض المفاصل، علماً أن كمية السم التي يمكن للعقرب تخزينها تتراوح بين 0،5 مليمتر إلى 2 مليمتر، وبعد إفراغ العقرب للسم يحتاج إلى يومين أو ثلاثة لتكوين سم جديد.

ترك تعليق

التعليق