هجرة السوريين من تركيا إلى أوروبا تنتعش مجدداً.. لكن بتفاصيل مختلفة عن العام 2015


خلال الفترة الأخيرة، شهدت حركة دخول اللاجئين عبر الحدود التركية باتجاه اليونان، نشاطاً كبيراً، خصوصاً بعد ازدياد تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا، عقب عمليات التهجير التي شهدتها الأراضي السورية سواء في مناطق محيط العاصمة دمشق أو أرياف كل من حمص وحماة، وسط سوريا.

بطبيعة الحال، الدخول إلى اليونان غالباً ما يكون مجرد محطة لإكمال الطريق باتجاه دول أوروبا الغربية، رغم ارتفاع أجور المهربين.

من أدرنة.. إلى اليونان مباشرة.. أو؟

أبرز الطرق البرية الواصلة بين تركيا واليونان، هي الطريق التي تبدأ من ولاية أدرنة Edirne والتي تقع في أقصى الجهة الشمالية الغربية من القسم الواقع في أوروبا.
 
"أبو أحمد"، لاجئ سوري حاول الدخول إلى الأراضي اليونانية قبل حوالي أسبوعين، عبر الطريق البرية. وروى في حديث خاص لـ "اقتصاد" تفاصيل الرحلة التي انتهت بالفشل والعودة إلى الأراضي التركية مجدداً.

 "انطلقنا من منزلنا الكائن في منطقة اسنيورت باتجاه (أكسراي) وسط اسطنبول الأوروبية، والتي كانت مركزاً للتجمع قبيل الانطلاق باتجاه ولاية أدرنة. انطلقنا في حوالي الساعة الحادية عشر والنصف ليلاً باتجاه ادرنة، ووصلنا الولاية بعد حوالي ساعتين، حيث بدأ مشوار السير على الأقدام، الذي دام حوالي ربع ساعة فقط قبل بلوغنا نهر (إفروس) الفاصل بين الحدود التركية - اليونانية والذي قطعناه بقارب صغير (بلم)، ليقوم المهرب بعدها بتركنا، بعد أن أشار إلينا بالذهاب في اتجاه معين. بقينا تائهين في الأراضي الزراعية حوالي يوم كامل، قبل أن تجدنا الشرطة اليونانية، والتي قامت بدورها بتسليمنا لأفراد مجهولين لم نتمكن من التعرف على هويتهم".

تابع "أبو أحمد": "الجهة التي استلمتنا كانت مؤلفة من رجال ونساء مسلحين قاموا باحتجازنا في غرفة صغيرة وأقدموا على ضرب الشباب ضرباً مبرحاً، إضافة إلى قيامهم بنزع الحجاب لإحدى الفتيات وإجبارها على خلع (المانطو). وقبل إعادتنا إلى الأراضي التركية، قاموا بكسر جميع أجهزتنا المحمولة إضافة إلى مصادرة جميع الأموال من فئة (يورو أو دولار)".

"أبو أحمد" أضاف قائلاً: "العناصر قاموا باقتلاع عين أحد الشبان أثناء ضربه بعد أن وجهوا له ضربة بأنبوب فولاذي عليها".

وأشار "أبو أحمد" إلى أن جميع من قام المهرب بتركهم بعد الإشارة إلى الاتجاه الواجب الذهاب فيه، كانوا من الذين يقل المبلغ الذي دفعوه مقابل الدخول إلى اليونان، عن 1600 يورو, حيث تابع المهرب المسير في اتجاه آخر مع الذين دفعوا 1600 يورو وأكثر.

البحر أقل تكلفة.. ولكن

خلال التقرير الذي أعده "اقتصاد" عن مصاعب وتفاصيل الرحلة من تركيا إلى اليونان، تمكنا من التواصل مع الشاب "أبو حمزة" الذي عبر الطريق بحراً من ولاية إزمير التركية باتجاه الجزر اليونانية.
 
"أبو حمزة" قال: "خرجت قبل حوالي 6 أشهر من ولاية إزمير باتجاه اليونان عبر البحر. كان مركز التجمع في منطقة (بسماني) وسط الولاية حيث قام المهرب بنقلنا من هناك بباص مغلق إلى نقطة الانطلاق في البحر".
 
"أبو حمزة" أكمل قائلاً: "الرحلة دامت حوالي 4 ساعات في البحر قبل أن يتوقف البلم لانتهاء الوقود فيه بعد أن تجاوزنا الحدود الإقليمية التركية باتجاه اليونانية حيث قام بعدها أحد المسافرين معنا بالتواصل مع خفر السواحل اليوناني الذي أتى لإنقاذنا".

تابع: "خفر السواحل قاموا بنقلنا إلى جزيرة خيوس اليونانية ومن ثم قاموا بتوزيع الطعام والملابس على المتواجدين قبل نقلنا عبر حافلات إلى كامب (فيال), حيث تم إدخالنا جميعاً، أولا إلى غرفة جرى تفتيشنا فيها بشكل كامل إضافة إلى بعض التحقيقات حيث تم اعطاؤنا مواعيد لمقابلات مع منظمة (الياسو) التابعة للحكومة اليونانية، ومن ثم تم توزيعنا داخل الكامب على غرف للإقامة المؤقتة".
 
"أبو حمزة" تابع: "مقابلتي كانت بعد شهر من تاريخ دخولي حيث يتم إجراء تحقيق كامل عن حياة اللاجئ ومن ثم إرسال المعلومات إلى السلطات اليونانية في أثينا ليأتي الرد بعدها بالقبول أو الرفض".

بعد حوالي الشهر تقريباً، حصل "أبو حمزة" على رد بالقبول. لكن كثيرين ممن أجروا المقابلة جاءهم الرد بالرفض. ويعتقد "أبو حمزة" أن قبوله كان نتيجة وجود حالة خاصة لديه، وهي إصابته في اليد خلال سنوات الحرب. وتم تحديد موعد لمقابلة ثانية مع "أبو حمزة"، بعد حوالي سنة ونصف، من أجل الحصول على الإقامة.
 
"أبو حمزة" أشار إلى أن إقامته في الكامب دامت حوالي 3 أشهر فقط حيث انتقل بعدها للعيش في العاصمة اليونانية أثينا مع زوجته. وتتكفل الـ UN بدفع إيجار المنزل إضافة إلى حصوله وزوجته على راتب 150 يورو لكل منهما.

ونوه "أبو حمزة" إلى أن تكلفة الرحلة أساساً من تركيا باتجاه اليونان لم تتجاوز 500 دولار للشخص الواحد.

معظم الذين يسلكون طريق البحر اليوم هم الراغبون باللجوء إلى اليونان، في حين يعتمد الذين يريدون إكمال طريقهم باتجاه أوروبا على طريق البر من ولاية أدرنة.

يذكر أن تكلفة السفر بطريقة غير شرعية إلى دول أوروبا الغربية، لا تقل اليوم عن 5500 يورو للشخص الواحد وترتفع لتصل إلى 9000 يورو. في حين لم تتجاوز الـ 2000 دولار عامي 2013 و 2014 أي خلال الفترة التي شهدت فيها أوروبا توافداً مكثفاً للاجئين السوريين هرباً من الحرب.

ترك تعليق

التعليق