لا حوالات في درعا.. والسيولة شحيحة


تسببت المعارك التي تشهدها محافظة درعا، منذ أكثر من أسبوعين، وما نتج عنها من تداعيات وحركة نزوح واسعة، بتوقف جميع أشكال الحياة الاقتصادية في العديد من مناطق المحافظة.

وأشار عدد من الأهالي في مناطق درعا المختلفة، إلى أن الأوضاع الاقتصادية لدى عامة الناس باتت سيئة جداً، وأن الأسواق التجارية حتى في المناطق التي مازالت آمنة إلى حد كبير تبدو خاوية، وذلك بسبب عدم توفر السيولة المالية بين أيدي السكان، وضبابية وضع المناطق المختلفة.

وقال "أبو سامر"، وهو تاجر مواد غذائية، إن جميع المواد الاستهلاكية والمعيشية متوفرة في العديد من المناطق، لكن الناس لا يملكون سيولة مالية لشرائها، لافتاً إلى أن الكثير من عمليات البيع والشراء شبه متوقفة، أو تتم بالدين، "حتى الله يفرجها"، كما قال.

وأضاف أن معظم السكان يعتمدون في معيشتهم على الحوالات المالية والمساعدات التي تصل من المغتربين بشكل شهري، مشيراً إلى أن وصول الحوالات متوقف منذ بدء الحملة العسكرية على درعا، وقد يستمر إلى فترة طويلة، وهو ما أفقد الأسواق السيولة المالية الكافية، وحد من أنشطتها وتبادلاتها التجارية.

وقال: "صحيح أن قسماً كبيراً من عمليات البيع والشراء تتم بالدين، لكن للتجار إمكانيات وقدرات مالية محدودة، وعاجلاً أم آجلاً سيتوقفون عن هذا الشكل من التعاملات عند بلوغ حد معين"، مبيناً أن التجار أيضاً بحاجة لسيولة مالية، لدفع أثمان سلع جديدة.

وفي هذا الإطار أشار قسيم العبدالله، وهو صاحب محل سمانة، إلى أنه يبيع بالدين للزبائن الذين يعرف أن لديهم مداخيل شهرية ثابتة، مثل أصحاب الرواتب، أو ذوي المغتربين، لكنه قال إن إمكانياته المادية محدودة، ولا يستطيع أن يتجاوزها.

وأضاف: "أستطيع أن أبيع بالدين إلى حد 200 ألف ليرة سورية، لكن أكثر من ذلك سأقع بعجز مالي كبير لا أستطيع تحمله".

من جهته، أشار "مهند"، وهو صاحب مكتب حوالات وتصريف أموال في ريف درعا الغربي، إلى أن عمليات التحويل في جميع مناطق المحافظة متوقفة بسبب المعارك، لافتاً إلى أن غياب رؤية مستقبلية لوضع درعا، وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها المناطق، هما السبب في ذلك.

وقال إن مكاتب الحوالات في المناطق المحررة، هي عبارة عن سلسلة من الوسطاء والتجار، الذين ينشطون خارج سوريا، وداخل مناطق سيطرة المعارضة، موضحاً أن عمل هذه المكاتب يقوم أساساً على الاستقرار، والثقة، والعلاقات الشخصية، وأي خلل يصيب آلية عملها، مهما كان بسيطاً، سيوقعها بخسائر مالية كبيرة.

وأضاف أنه في وضع كوضع درعا، التي تعيش مناطقها حالة من عدم الاستقرار، نتيجة حملة النظام وحلفائه عليها، فمن باب درء الخطر، ودفع الضرر، تم وقف التحويلات وعدم استقبالها، لأنه لا يوجد أمان لا بالنسبة لأصحاب الحوالات ولا لذويهم ولا للمكاتب، كون هذه العمليات تتم خارج قوانين النظام.

وقال: "إذا دخل النظام لا سمح الله إلى تلك المناطق فإنه سيجد في هذه المكاتب ذريعة للفتك بكل المتعاملين معها وإثبات تهمة التعامل مع دول يعتبرها عدوة".

وأضاف أن حجم التحويلات الشهرية التي كانت تصله قبل المعركة الأخيرة يتجاوز الـ 20 ألف دولار، عمولته عن كل ألف دولار، 20 دولار، إضافة إلى أرباح التصريف وبعض العمولات التي يحصل عليها من المكاتب الرئيسية المنتشرة في بعض الدول العربية وتركيا، لكنه أردف بأن كل شيء متوقف الآن.

من جهته، أشار "أبو ضياء السلامة"، 58 عاماً، إلى أنه يقف عاجزاً الآن عن تأمين الأموال اللازمة، لتغطية نفقات أسرته الشهرية، لافتاً إلى أنه كان يستلم حوالة شهرية من أولاده في ألمانيا قبل نهاية كل شهر، لكن الحوالة لم تصل حتى الآن.

وأضاف أنه سأل الكثير من مكاتب الحوالات في المنطقة، فكان جوابهم واحد، أن الحوالات متوقفة، وليس لديهم أي معلومات عن متى سيتم استئناف وصولها.

يشار إلى أن سعر الدولار ما زال يحافظ على 435 ليرة سورية منذ عدة أيام في ريف درعا الغربي التي تُعتبر منطقة شبه آمنة، حتى الآن. فيما يعرض الدولار في مناطق أخرى بنحو 425 ليرة سورية. والتعاملات شبه معدومة، بسبب عدم توفر السيولة المالية بالليرة السورية، وفق ما أفادت به بعض المكاتب.

ترك تعليق

التعليق