الحالة المادية تمنع بعض المجنسين السوريين من الإدلاء بصوتهم الانتخابي في تركيا


ما بين الواجب الانتخابي وضيق ذات اليد، يعيش بعض السوريين الحاصلين على الجنسية التركية في أزمة نفسية تسبب لهم الإزعاج. قسم كبير منهم يعيش في بلد بعيد عن صندوقه الانتخابي، وتكاليف التنقل وبُعد المسافات تعيقهم عن ممارسة واجبهم.
 
السوريون الذين حصلوا على الجنسية التركية إلى الآن في تركيا ينقسمون إلى شريحتين:
 
الأولى: طبقة الأغنياء والتجار الذين حصلوا على الجنسية نتيجة عملهم وتجارتهم أو مدخراتهم التي وضعوها في البنوك التركية، ومعظم هؤلاء قادمون من دول الخليج أو من التجار والصناعيين السوريين، الذين نقلوا تجارتهم ومعاملهم إلى المدن التركية.

هؤلاء ليس لديهم أية مشكلة مادية ويملكون السيارات الفاخرة والأموال، ويستطيعون ركوب الطائرات، وهم قادرون على السفر إلى المكان الذي سجلوا فيه عنوانهم.

غالبية هذه الشريحة لا تُعتبر مؤيدة للثورة، أو مهتمة بموضوع الحريات والعملية الديمقراطية، ولا تهتّم إلا بمصالحها المادية، وبالتالي فلا مشكلة عندها إن أدلت بصوتها أو لم تنتخب، ولا يهمها من سيصل إلى السلطة، لأنها تستطيع استخدام أموالها للحفاظ على مواقعها وميزاتها ضمن المجتمع التركي.

الشريحة الثانية من الحاصلين على الجنسية التركية هم من المثقفين الذين يحملون شهادات جامعية، وهؤلاء منحتهم الحكومة التركية الجنسية تقديراً لعلمهم، وباعتبار أنهم طبقة مثقفة واعية ويمكن أن يكون لها تأثير اقتصادي واجتماعي وعلمي.

ولكن غالبية هذه الشريحة لم تستطع أن تشق طريقها إلى العمل بشهادتها العلمية، وقسم كبير منهم يعمل بالأعمال اليدوية والمجهدة وبأجر يومي أو شهري زهيد، لا يتناسب مع الأعباء المادية التي يتحملونها، ومعظم هذه الشريحة من الذين تجاوزوا سن الشباب، ولديهم أسر وأطفال في المدارس وطلاب في الجامعات، واضطر قسم كبير منهم إلى توجيه أبنائه للعمل، وترك الدراسة للمساعدة في تغطية المصاريف المنزلية.

هذه الشريحة تدرك وتريد أن تمارس العملية الديمقراطية، وتعتبر الانتخابات وحرية ممارسة العمل السياسي وحرية الرأي من أهداف الثورة السورية، وهؤلاء معظمهم مازال فاعلاً في الثورة، أو كان له دور في نشاطاتها بالداخل، وحافظوا على تواصلهم مع إخوتهم في الأراضي المحررة، أو مع أهاليهم الذين مازالوا يعيشون المعاناة في مناطق سيطرة نظام الأسد.

ولأن غالبية هذه الشريحة المهمة والمهتمة بالانتخابات تعيش في مناطق بعيدة عن الموطن الانتخابي لها، تبعاً للمكان الذي تعمل به، فقد عانت من مشكلة توفير النقود اللازمة للانتقال من أجل الإدلاء بصوتها الانتخابي.

"عباس أبو محمد"، مهندس زراعي يعمل في مزرعة تقع بالقرب من العصمة التركية أنقرة، ولديه أربعة في أسرته من المفروض أن يدلوا بصوتهم، لأنهم حصلوا على الجنسية وهم زوجته، وابنتيه وابنه الذين يدرسان في الجامعات. اضطر أن يتوجه يوم أمس السبت إلى مدينة أنطاكية منفرداً، وتاركاً بقية أفراد أسرته الأربعة، ليدلي بصوته.

قال لـ "اقتصاد": "كنت أتمنى لو أنني اصطحبت عائلتي معي، فهذه التجربة الديمقراطية سوف تفيدهم، فنحن لم نمتلك حرية الاختيار في بلدنا أبداً، وكان عليهم أن يخوضوا هذه التجربة، لكي يستفيدوا منها مستقبلاً في سوريا، فنحن وإن حصلنا على الجنسية التركية سنعود متى سقط المجرم بشار الأسد، ولكن للأسف السفر مكلف ولم يتمكنوا من الحضور".

ترك تعليق

التعليق