من بقي في تلكلخ.. "يا مسهرني" يجتاح شبابهم، والتعديات تطال أعراضهم


كانت مدينة "تلكلخ" الواقعة في ريف حمص الغربي، من أولى المدن التي شهدت حراكاً ثورياً سلمياً تطور لمسلح، ومن أولى المناطق التي أعيدت لسيطرة النظام بعد ارتكاب المجازر والجرائم ضد الإنسانية فيها، فأطبق عليها "النظام" بقبضة أمنية طائفية شديدة، ومن بقي فيها من مدنيين سيطر على حياتهم هاجس الخوف ورعب الاعتقال والخطف، مما دفع الكثيرين من الشباب القاطنين في مدينة تلكلخ إلى التطوع ضمن فرق ما يسمى الدفاع الوطني (الشبيحة) المختلفة الموجودة في المنطقة، وضمن هذه المجموعات يتم العمل على تغيير الأفكار، ومحاولة تشييع الشباب المتطوعين بأساليب متنوعة تهدف لتحويلهم لقطعان طائفية لا تستخدم العقل البشري.

انتشار لحبوب المخدرات

ينتشر في صفوف مجموعات "الشبيحة" المختلفة، الإدمان على شرب حبوب مثل (البالتان والكبتاغون بالإضافة للحشيش...)، ويروي الكثير من شباب تلكلخ المتطوعين بأنه يوزع عليهم حبوب تجعلهم لا يشعرون بشيء، ليدخلوا القتال بلا مشاعر وبلا أي خوف ووجل أو أي إحساس بالإنسانية، ويبقى "العنصر" نتيجة تأثير هذه الحبوب مستيقظاً بلا نوم عدة أيام، وباتوا مدمنين على هذه الحبوب في حياتهم العادية، والاسم المنتشر لهذا النوع من الحبوب (يامسهرني).

 ويعرف البالتان بأنه نوع من الأدوية يمكن الحصول عليه من الصيدليات بوصفات طبية بسعر (500) ليرة للعبة (العلبة تحوي 30 حبة).

 في حين يتم الترويج لأنواع من المخدرات بشكل مخفي، حيث يبلغ سعر حبة" الكبتاغون" ( 400) ليرة سورية، ويباع الحشيش بالأوقية أو بالسيجارة، ويبلغ سعر سيجارة الحشيش (3000) ليرة سورية، في حين تباع أوقية الحشيش بـ (5000) ليرة سورية وأغلبها من مصدر لبناني وهو ما يعرف بحشيش حزب "الله".

الاعتقال يطال الجميع

كل من يوجد في تلكلخ من أهالي تلكلخ الأصليين، حتى وهم متطوعون مع "الشبيحة"، كل منهم مشروع معتقل، سواء بسبب نشاط ثوري سابق، حتى لو كان أثناء الاحتجاجات السلمية التي قامت بداية الثورة ضد النظام، أو نتيجة تقارير أمنية و"إفساديات"، أو بسبب حقد من أحد "العلويين" الذين كانوا يسكنون قبل الثورة في قلب مدينة "تلكلخ" واضطروا للخروج منها في بداية الثورة، وذلك بهدف الانتقام والتشفي، وتفريغ المدينة من أهلها "السنة".

تلكلخ.. واقع "التشبيح" والإذلال للأهالي

ظاهرياً مدينة "تلكلخ" آمنة تسيطر عليها القوى الأمنية التابعة للنظام، وكثير من المعارضين من أهالي مدينة "تلكلخ" الذين باتوا مهجرين منها "ينقمون" على من بقي في الداخل وأظهر الولاء والتأييد للنظام المجرم، ولكن من لا يعيش اليوم في مدينة تلكلخ لن يشعر بالظلم والقهر والخوف الذي يعيشه من هم في الداخل.

 فـ تلكلخ مدينة تسيطر عليها قوى "تشبيحية" حاقدة على أهاليها. تفرض هيمنتها على الأهالي وتهدد بالتصفية أو الاعتقال لمن لا يلبي مطالبها وينصاع، أو لا يتغاضى عن تجاوزاتهم التي لا تحتمل. فتجد عناصر منهم تجوب سوق مدينة "تلكلخ" ليلاً وهم سكارى يشتمون الناس ويرددون المفردات الخادشة للحشمة والأخلاق، بالإضافة للـ "التشفيط" بالموتورات والسيارات "المفيمة" على طريق المدارس أثناء انصراف الطالبات و"التلطيش" عليهن واللحاق بهن بطريقة محرجة ومسيئة، ومحاولات فرض إقامة علاقات عاطفية معهن والتهديد لمن ترفض باعتقال والدها أو أحد أخواتها.

ويزيدون على ذلك التعدي على أرزاق الناس، وتنتشر حالات السرقة التي تتم ليلاً حيث يسيطر على أرجاء مدينة "تلكلخ" ظلام حالك في شوارعها بلا إنارة وكهرباء، بالإضافة إلى عامل الخوف المسيطر على نفوس الأهالي حيث يخافون من الكلام بأي انتقاد أو مطالب خوفاً من التقارير الأمنية المنتشرة انتشار الوباء في المدينة.

مخطط النظام لسوق الطلاب الجامعيين إلى الجيش

يتبع النظام أبشع أساليبه لحرمان طلاب "تلكلخ" الجامعيين وطلاب القرى المجاورة النازحة إليها، من جامعاتهم، وسوقهم إلى الخدمة العسكرية، على الرغم من أن الطالب الجامعي معفي من الخدمة طوال مراحل دراساته الجامعية، حيث يقدم الطالب الجامعي كل عام طلب تأجيل دراسي إلى شعبة التجنيد يقبل فوراً.

استطاع النظام الالتفاف حول هذا الموضوع حيث تقوم حواجزه المنتشرة في مدينة تلكلخ باعتقال الطلاب الجامعيين أثناء توجههم إلى جامعاتهم بعدة حجج، ويستمر احتجازهم حتى تمضي فترة التقديم على تأجيل الخدمة، وبعدها يتم سوقهم إلى الخدمة العسكرية الإلزامية.

وعليه أمام هذه التجاوزات والتعديات يقف المواطن في تلكلخ وريفها، عاجزاً لا قدرة له على تقديم شكوى أو الدفاع عن نفسه أو عرضه وأملاكه، وتقف الجهات الأمنية التابعة للنظام موقف المتفرج إما بشكل متعمد أو نتيجة لعدم قدرتها وعجزها عن ضبط قطعان "الشبيحة" المنفلتة والتي تسرح وتمرح بلا حساب أو عقاب.

ترك تعليق

التعليق