مهن رمضانية تشكل متنفساً اقتصادياً لبعض الأسر في درعا


مع حلول شهر رمضان من كل عام، تنشط في مناطق محافظة درعا، العديد من المهن المؤقتة، التي تعتبر حكراً على هذا الشهر دون سواه، تبدأ بحلوله، وتنتهي بانتهائه، يمارسها الكثير الشباب والرجال، في مسعى لتأمين مصادر رزق، تسهم في تأمين بعض احتياجاتهم الضرورية، وتعينهم على حل بعض مشكلاتهم المادية.

ويعد بيع العصائر، عصائر "العرقسوس" و"التمر هندي"، واحداً من هذه المهن، التي تختص بها أسرة "أبو محمود"، الرجل الستيني، ذي الإعاقة الجسدية، الذي أفقدته الحرب السورية أفراد أسرته، بين معتقل وشهيد، وتركته دون معيل.

ويقول "أبو محمود": "أعمل أي شيء يتناسب مع مقدرتي ووضعي الصحي، لتأمين نفقاتي ونفقات زوجتي، فأنا بائع بسطة خضار تارة، وبائع محروقات تارة، وبائع عصائر في رمضان تارة أخرى، فأينما يهب السوق أهب معه".

وأضاف أنه في رمضان من كل عام، يتحول إلى بائع عصير، معتمداً في ذلك على خبرة زوجته "أم محمود" في هذا المجال، لافتاً إلى أن لزوجته خبرة كبيرة في تحضير شرابي السوس والتمر هندي، اكتسبتها عبر سنوات عمرها كربة منزل مجتهدة متمكنة من عملها، حسب وصفه.

ولفت إلى أنها تحضر عصائر لذيذة، من خلال تركيبة خاصة طورتها بنفسها، تُكسب العصائر طعماً ولوناً مختلفين، مشيراً إلى أن زوجته تحضر العصائر في المنزل، وهو يعبئها في أكياس نايلون خاصة، ويبيعها على بسطة في السوق.

وأضاف أن مبيعاته تصل إلى نحو 50 كيساً يومياً، وأنه يبيع الكيس البالغة سعته نحو لتر ونصف، بـ 150 ليرة سورية، موضحاً أن أرباحه اليومية، وحسب مبيعاته، تتراوح ما بين 3000 و 5000 ليرة سورية.

وأشار إلى أن هناك الكثير من البائعين في السوق، الذين ينشطون في رمضان، لكن مبيعاتهم أقل منه، مشيراً إلى أن السمعة الطيبة التي اكتسبها إنتاجه من العصائر، ولذة مذاقها، جعلته يتصدر الجميع في حجم المبيعات.

بيع القطايف مهنة رمضانية أخرى

فيما يشير قصي السالم، 40 عاماً، إلى أنه في رمضان، يتفرغ لبيع "القطايف" التي يحضرها تحت مظلة صغيرة في الشارع أمام أحد المحلات التجارية، لافتاً إلى أن عمله الذي يمارسه منذ عدة سنوات، وحصرياً خلال شهر رمضان، كل ما يحتاجه هو رأس مال صغير لشراء الطحين، وحشوة القطايف، التي تتكون من الجوز، وجوز الهند المطحون، والقشدة، التي يبيعها في أكياس صغيرة، وفرن خاص لشوي العجين يعمل بالغاز.

وأضاف أنه يبيع أقراص العجين الخاصة بالقطايف بسعر 300 ليرة سورية للكغ، مشيراً إلى أن مبيعاته اليومية تتجاوز الـ 10000 ليرة سورية، أرباحه الصافية منها أكثر من 3500 ليرة سورية.

وقال إنه يؤمن من مهنته هذه، مصاريف شهر رمضان، واحتياجات العيد له ولأسرته المكونة من خمسة أفراد، مشيراً إلى أنه كان موظفاً في مديرية زراعة درعا، قبل أن يفقد عمله قبل ثلاث سنوات بسبب الملاحقات الأمنية، واستدعائه للاحتياط في جيش النظام، الأمر الذي جعله يهرب إلى المناطق المحررة، ويعمل في مجال الأعمال الحرة.

بائع "قوالب الثلج" مهنة رمضانية تنشط في المناطق المحررة، التي تفتقد للتيار الكهربائي

ويقول خالد العيسى، 55 عاماً، إنه يعمل منذ عامين في بيع قوالب الثلج، التي يحصل عليها من براد يصل إلى المنطقة، لتوزيعها على الباعة المنتشرين في القرى، مشيراً إلى أنه يحصل كل يوم، على نحو خمسين قالب ثلج، ويحفظها في براد يعمل بالطاقة الشمسية، يضعه أمام منزله لمدة ساعة أو ساعتين حتى يتم تصريفها.

وأضاف أن أرباحه منها تتجاوز الـ 2500 ليرة سورية، وهي تساعده إلى جانب محصوله الزراعي، في تحسين أوضاعه المادية، لا سّيما في شهر رمضان، الذي يتطلب المزيد من الإنفاق.

مبيعات "خبز الصاج" و"المعروك" مهنة تنشط أيضاً في المناطق المحررة

فيما أكد سهيل العبدالله، 35 عاماً، أنه يمارس خلال شهر رمضان بيع "خبز الصاج"، وهو خبز يجد إقبالاً في شهر رمضان، لافتاً إلى أن استهلاك الناس من الخبز العادي يتراجع خلال هذا الشهر، لذلك يحبذ بعضهم شراء خبز الصاج الرقيق، الذي يدخل أيضاً في بعض الأكلات الشعبية.

ولفت إلى أنه يبيع كل رغيف "شراك" بـ 25 ليرة سورية، وأن حجم مبيعاته يتجاوز الـ 7 آلاف ليرة سورية، أرباحه منها النصف تقريباً، موضحاً أن توفر الخبز العادي في المخابز بعد انتهاء شهر رمضان، يضعف الإقبال على خبز الصاج، ما يجعل دخله يتراجع إلى حد كبير.

وأشار إلى أنه يعرض إلى جانب "خبز الصاج" أيضاً، "المعروك" السادة و"المعروك" المحشي بالعجوة، الذي يشتريه من أحد الأفران في مدينة نوى، لافتاً إلى أن أرباحه منها، إلى جانب أرباحه من بيع خبز الصاج، تؤمن له دخلا محترماً خلال شهر رمضان.

ولفت إلى أن معظم الناس، وخاصة الشباب منهم، يمارسون المهن الرمضانية المتعلقة بالمأكل والمشرب وذلك لعدم وجود أنشطة اقتصادية أخرى، مشيراً إلى حجم المعاناة الكبير الذي يعاني منه أهالي المناطق المحررة، بسبب انتشار البطالة، والفقر، ونقص السيولة المالية، الذي يترافق مع شح وتراجع كبيرين بالمساعدات الإنسانية، التي كانت تسند بعض الأسر.

ترك تعليق

التعليق