حي "البياضة" بحمص.. العودة للحياة، ترافقها محاولات تشييع


بعد التدمير والتهجير الممنهج الذي اتبعه النظام في مدينة حمص، ومنها حي "البياضة"، وما قام به من تدمير للمنازل والبنايات العالية (مثل بناية "العساف" بشارع "الأسد" سابقاً، شارع الثورة لاحقاً، والتي أصبحت على الأرض). وبعد خروج ثوار حمص منها. قام "شبيحة النظام الطائفيين" بنهب الحي لدرجة أنهم سرقوا الرخام والسيراميك وحتى أغطية فوهات الصرف الصحي. وقاموا بعدها بحرق الكثير من المنازل لتصبح غير صالحة للسكن مرة أخرى.

وبتاريخ (30/ 7 /2017) تم تنظيف الشوارع داخل الحي من الردم وركام الأبنية المهدمة نتيجة القصف والأعمال الحربية، وسمح لبعض أهالي الحي بزيارة بيوتهم والاطلاع على وضعها.

وفي تاريخ (13/1 / 2018) أعلن مجلس مدينة حمص الأوراق المطلوبة للحصول على موافقة العودة لحي "البياضة" وهي:
- وثيقة الملكية.
- بيان عائلي.
- غير محكوم.
- براءة ذمة (كهرباء + ماء).
- إحالة من مكتب النافذة الواحدة بالمحافظة.
- تصريح مختار "البياضة".
- صورة عن الهوية.

ويتم تسليم الأوراق لقسم شرطة "البياضة" حتى تتم الدراسة الأمنية والموافقة بالعودة أو الرفض. فقدّم عدد من الأهالي الذين مازالوا في الداخل السوري طلبات للعودة، وجاءت الموافقات لعدد قليل منهم فقط، ومازال عدد ممن قدموا طلب عودة منذ أكثر من ستة أشهر ينتظرون القرار الأمني للموافقة على عودتهم إلى الحي أو لا.

من عاد إلى الحي
 
عاد إلى حي "البياضة" ما يقرب من (180) عائلة غالبيتهم من "المتاولة" سكان "البياضة" القديمين، وعدد من أهالي العسكريين وقتلى النظام، وعدد ممن "بيّض" صفحته مع النظام ومن المحسوبين عليه.

يقوم الأهالي بتقديم أوراق ثبوتية الملكية، ودفع ما يترتب عليهم من فواتير ماء وكهرباء وهاتف، وبعد توقيع الأوراق من الأفرع الأمنية تحال الأوراق إلى الهلال الأحمر، يتم إرسال لجنة كشف لتحسب الأضرار ليتم تعويض جزء منها، ولكن يؤكد الأهالي أنه لم يتم تعويضهم حتى اللحظة بأي مبلغ، وأن ترميم المنزل يتم على نفقتهم الخاصة، باستثناء ما تكفل به الهلال الأحمر بتركيب أبواب وشبابيك لغرفتين ومطبخ وتقديم خزان ماء لكل عائلة، وحتى الآن لا توجد خدمات تذكر في الحي.

إصلاحات خدمية محدودة ومحسوبيات

قام أهالي حي البياضة بتشكيل لجنة مكونة من عدة أعضاء من وجهاء الحي وممن هم على علاقة جيدة مع الأمن للمطالبة بتخديم الحي والمسارعة بقبول طلبات الأهالي للعودة. فقام كل من (سهيل سلطان وعمار عباس)، وهم أعضاء في لجنة حي "البياضة"، بزيارة مديرية الصرف الصحي، وطرحوا المشاكل التي تتعلق بالصرف الصحي بالحي، فقام مدير دائرة الصرف الصحي "سهيل ديب" بتكليف لجنة للعمل على إصلاح الأعطال.

 دخلت لجنة الإصلاح إلى الحي، وبتاريخ (22/ 4/ 2018) قامت بإصلاح بعض الأعطال وتم وضع أغطية لفوهات الصرف الصحي بشوارع معينة بناء على "المحسوبيات"، فتم وضعها في (شارع المختار وشارع عمر عاتقي)، وبقيت فوهات "مجارير" الشارع الرئيسي وشارع الزير سابقاً (سمي اليوم شارع سناء محيدلي) وعدد من الشوارع، مكشوفة دون إغلاق، ويشتكي من يسكنها من بقاء "الجور" مكشوفة خوفاً على أطفالهم وسياراتهم.

وكالعادة، أُعلن عن ضخ الملايين لتنظيم الصرف الصحي في حي "البياضة"، فدخلت اللجنة ونفذت إصلاحات بسيطة بعدد محدود جداً في الحارات التي يسكنها المتنفذون وأصحاب المحسوبيات. ويسأل الأهالي، "أين تلك الإصلاحات؟!"، ولكن ما من مجيب ولا من رقيب.

كهرباء ولكن..

بالنسبة للكهرباء فحتى اليوم ما يزال حي "البياضة "من دون كهرباء، وقد طلبت "لجنة الحي" من الأهالي المبادرة بالتسجيل على عدادات كهرباء لدى شركة الكهرباء ليتمكنوا من مراجعتها والمطالبة بإيصال التيار الكهربائي إلى الحي. وبسبب انقطاع التيار الكهربائي تماماً عن الحي وبتاريخ (26/ 4/ 2018) تمت إضاءة بعض الشوارع بـ (اللدات) بمساعدة جمعية" سند"، وساعد بأعمال التركيب رئيس لجنة الحي والعضو (عمار عباس) وفعاليات أهلية منهم (تمام المغربل - منذر نوايا - أحمد الخطيب).

ويرى الأهالي العائدون إلى الحي أن موضوع (اللدات) ليست عملية، فلماذا لا تقوم الحكومة بتركيب إنارة عبر الطاقة الشمسية؟

مع أنه بتاريخ ( 10 شباط 2018) قامت ورشات إصلاح الكابلات الأرضية بإعادة تأهيل كابلات المتوسط (20 ك.ف) وتركيب علب وصل أرضية للكابلات وتأمين التغذية لمراكز التحويل الزير الأرضي والاطفائية في حي" البياضة" وسوق السيارات.

وبتاريخ (7 آذار 2018 ) بدأت الورشة بأخذ مقاسات وأبعاد أماكن زرع الأعمدة الخاصة لشبكة الكهرباء، وتم سحب الأعمدة التي مازالت موجودة من حارات ومن ثم تركيبها في حارات أخرى وسجلت فواتير الأعمدة القديمة المنقولة على أساس أنها أعمدة حديثة وهذا ما تم نقله من أحد المهندسين ضمن لجنة شركة الكهرباء.

 ومازال موضوع الكهرباء يؤرق الأهالي فحتى اللحظة لا بوادر لوصول قريب للتيار الكهربائي إلى الحي والاعتماد على (اللدات) لا يفي بالغرض.

المدارس

أما بالنسبة للمدارس فقد تم إعادة تأهيل مدرسة "عبد الرحمن شتور" في شارع القاهرة مقابل الاطفائية، وتم تغيير اسمها لتصبح مدرسة عز الدين القسام، ونقل إليها بعض الأثاث، وفتحت لطلاب المرحلة الابتدائية فقط.

وبتاريخ ( 27 آذار 2018) زار مدير تربية حمص المدرسة بعد افتتاحها، ووعد بتقديم كل ما يلزم لإكمال العملية التعليمية ولكن بحسب الإمكانات المتاحة. والآن تمت المباشرة بترميم أربع مدارس هي (عبد الباري فهد - اسكندرونة - طلائع تشرين - طارق بن زياد).

المساجد تتحول إلى حسينيات للشيعة

أما بالنسبة للمساجد فلم تتم إعادة ترميم أي مسجد في حي "البياضة" باستثناء جامع "المصطفى"، ولكن المفاجأة كانت ومع ذكرى اعتصام الساعة بمدينة حمص، افتتح مفتي حمص "عصام المصري" أول حسينية (حسينية المصطفى للشيعة) في حمص في حي البياضة. إذ تم افتتاح الجامع ولكنه حوّل إلى "حسينية"  للشيعة.

 وتمتلك حمص أهمية كبيرة للمليشيات الشيعية بحكم موقعها الذي يصل لبنان بالعراق لذا تسعى لوضع يدها على المدينة وريفها.

أحوال معيشية بسيطة

أما بالنسبة للحياة والحركة التجارية، فما تزال بطيئة جداً في الحي، بانتظار عودة مزيد من السكان وعودة التيار الكهربائي إلى الحي، وقد تم افتتاح بعض محلات الخضار والسمانة، وبتاريخ ( 24/4/2018 ) عاد "أبو سليم حالو" لفتح محل المناقيش في الحي.

وأخيراً

لا يزال بعض الأهالي وإن كانت أعدادهم قليلة ينتظرون الموافقة الأمنية للعودة إلى حيهم ومنزلهم، فهل سيسمح لهم النظام بالعودة..؟، ويبرز السؤال الأهم.. أليس افتتاح "حسينية" في حي "البياضة" يضع أمامنا كثيراً من إشارات الاستفهام؟، وبما أن أهالي حي "البياضة" مهجرون بشكل قسري وهم من العرب المسلمين "السنة"، ويتواجدون في معظمهم، خارج سوريا، فكيف لهم بالعودة إلى حيهم، وقد رأينا بداخله وجوه غريبة عن وجوه سكانه الحقيقيين؟!


ترك تعليق

التعليق