وشى حتى بأقاربه، وقاتل أبناء مدينته.. هذه حكاية الديراني المتسول في شوارع طرطوس


أثار تسجيل مرئي لمقاتل من جيش النظام يتسول في شوارع محافظة طرطوس، نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، ردود أفعال متباينة بين متعاطف وآخر يتهم الشاب الذي فقد عينه في إحدى المعارك، بتشويه سمعة جيش النظام، فيما أظهرت منصات المعارضة شماتتها من هذا المشهد على اعتباره معبّراً بكل وضوح عن المعاملة التي يتلقاها جنود النظام جرحى ومعاقين.


لكن الشيء الذي لم ينشر بشكل واضح، هو أن هذا الشاب ليس من الطائفة العلوية بل من مدينة داريا ذات السمعة البطولية في مواجهة حملات النظام العسكرية لمدة 5 سنوات.

تقول المعلومات التي حصل عليها "اقتصاد" من جيران الشاب، أنه يدعى محمد هيثم مدور، مواليد داريا 1996. نزح عقب الحملة العسكرية على داريا شتاء 2012 مع أسرته إلى منطقة (شواقة) الواقعة بين داريا وجديدة وصحنايا، والتي غدت موطن مئات النازحين من أبناء المدينة حيث يمتلكون مزارع وكروماً فيها.

في "شواقة"، مارس محمد السرقة، كما ربطته علاقات مع الحواجز الأمنية التي بدأت بالانتشار على خلفية معارك داريا.

ويفيد بعض أبناء داريا الذين كانوا جيراناً لعائلة الشاب أن سيارة تابعة للأمن توقفت أمام بيت محمد ليترجل منها مع مجموعة أمنية ويدلهم على عدد من الشبان زاعماً أنهم ينسقون مع الجيش الحر، وكانت المفاجأة أن أول من اعتقل من هؤلاء هم أخوه هاشم وصهره زوج أخته إضافة لابن خاله. كما وشى بالعديد من جيرانه حيث لا يزال معظمهم في سجون النظام دون معرفة أي خبر عنهم.

في 2014، حُبس لبضعة أشهر في سجن عدرا بتهمة السرقة، ثم التحق بالخدمة العسكرية الإلزامية حال خروجه من السجن.

ويقول مدنيون على معرفة بالشاب أنه كان يقاتل إلى جانب النظام في مدينة داريا. ونتيجة لمشاركته الكبيرة في المعارك أصيب برصاصة قناص تابع للمعارضة في عينيه أدت لفقدانه إياهما.


ولا يمكن تحديد تاريخ إصابته بشكل دقيق لكنه أصيب في العام 2015. ونتيجة لهذه الإعاقة التي يقدرها قرار عسكري صادر بحقه بحدود 10 بالمائة، سُرح من الخدمة الإلزامية وتم إعفاؤه من الخدمة الاحتياطية.


محمد هيثم مدور، يعتبر مثالاً لمن باع وطنه وشعبه في سبيل النظام الذي تركه يعاني من فقدان البصر دون أن يقدم له شيئاً ملموساً، سوى كتاب شكر وعرفان بجهود الشاب في مقاتلة "الإرهابيين"، الذين هم أبناء مدينته داريا.


ويقول من يعرف هذا الشاب إن الحال المزري الذي وصل إليه هو نتيجة طبيعية للأضرار الجسيمة التي أوقعها بأقاربه وأبناء مدينته. "في رقبته 9 أشخاص على الأقل وشى بهم واعتقلوا ولم يخرج منهم سوى شابان فقط".

ترك تعليق

التعليق