العناصر الروسية في غوطة دمشق.. ضامنة أم محتلة؟


"تمت استعادة المنطقة المذكورة من قبل وحدات تتبع لقوات الحرس الجمهوري السوري في وقت سابق دون تدخل من القوات الروسية، لذلك فإن موسكو غير مسؤولة عن تحديد إمكانية عودة السكان المحليين إلى المدينة المذكورة".

هذا ما أصدرته القناة الرسمية لقاعدة حميميم الروسية بتاريخ 26 أيار / مايو، وذلك لدى توجيه أحد الأشخاص رسالة يستفسر من خلالها عن موعد عودة سكان بلدة "العتيبة" في الريف الدمشقي بعد أكثر من خمس سنوات على سيطرة قوات النظام عليها.

استوقفتنا هذه الرسالة لدراسة دور قوات الإحتلال الروسي ومدى تغلغله بمفاصل الدولة السورية وسيطرته عليها.

فبعد أكثر من سبع سنوات على اندلاع الثورة السورية وعبورها بالكثير من المنعطفات، نجد حال الكثير من السوريين بين مؤيد لدور الاحتلال الروسي ومعارض له، وبين من يستجدي مساعدتها من أجل الحماية من بطش قوات الأسد.

وليس بعيداً عن بلدة "العتيبة"، فقد استطاع "اقتصاد" الوصول إلى آراء بعض سكان الغوطة الشرقية حول دور القوات الروسية المحتلة، وطبيعة معاملتها لأهالي تلك المنطقة.

يقول السيد (خ .م) أحد سكان مدينة "عربين" في غوطة دمشق الشرقية، إن الأهالي اليوم باتوا يرون في الشرطة الروسية، دور الضامن الحقيقي من بطش النظام وأعماله الإنتقامية.

وأنشأت الشرطة الروسية مراكز مراقبة لها على أطراف كل بلدة سقطت بيد قوات الأسد، في الغوطة الشرقية.
 
وأضاف (خ. م): "حاولت مجموعات من ميليشيا النظام سرقة منازل المدنيين الواقعة على أطراف البلدة، بعد عمليات دهم للمنازل، فاستطاعت سرقة كمية من الذهب والمجوهرات، فقام الأهالي بتشكيل لجنة مدنية وتقديم شكوى إلى مركز المراقبة التابع للشرطة الروسية، والتي بدورها قامت بتوبيخ عناصر النظام وإعادة المسروقات إلى أصحابها".

وختم السيد (خ .م) حديثه لـ "اقتصاد": "نحن كأهالي غوطة دمشق الشرقية ننظر بلا أدنى شك أن الروس هم قوة احتلال مهما قدموا لأهالي المناطق التي سقطت بيد النظام المجرم، لكن يمكن الوثوق بها إلى حد معين مقابل الأهوال التي كنا سنراها من النظام وميليشياته، (على مبدأ الكحل أحسن من العمى)".

بدوره أفاد السيد (ب . خ) أحد سكان مدينة سقبا، أن حاجز ميليشيا النظام قام بمصادرة بعض الطرود الغذائية، بعد أن اشتراها من صالات البيع بالجملة ونقلها إلى بقالته في نفس المنطقة، فقام بتقديم شكوى إلى مركز المراقبة التابع للشرطة الروسية، الذي قام بدوره بإعادة ما تم سرقته وتوجيه توبيخ شديد للعناصر التي قامت بهذا الفعل.

نشير هنا وبحسب مصادر خاصة لـ "اقتصاد" أنه تم رصد الكثير من المواقف المشابهة للمواقف التي ذكرت أعلاه، ولكن لا يتسع المقام لنشرها في هذا المقال.

لكن أهم ما يستوقفنا في هذه المادة هو لجوء الجانب الروسي إلى القيام بدور الضامن على الأرض أو "الحامي" إن صح التعبير لأهالي المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام في عموم سوريا بمساندة قوية من الاحتلال الروسي، الأمر الذي يشير إلى نية هذه القوات التواجد لفترة طويلة بعد بناء قاعدة شعبية مع الأهالي، ولا سيما أن نسبة كبيرة من عناصر الشرطة الروسية هم من المسلمين الشيشان، وبذلك يمكن إيجاد عامل مشترك وقوي للإنخراط بالمجتمع السوري، وهو ما تسعى إليه القيادة الروسية بعد أن صبت جام غضبها وحممها على رؤوس السوريين منذ تدخلها عام 2015 لصالح نظام الأسد.

وفي نفس السياق أفاد الأستاذ "عبد الجبار" أحد السكان المهجرين من الغوطة باتجاه الشمال المحرر، أنه وأثناء خروجهم من مدينة دوما باتجاه مخيم الوافدين الذي انطلقت منه القوافل، أقاموا صلاة المغرب داخل المخيم، وما لبث أن انضم إلى صفوفهم بالصلاة بعض عناصر الشرطة الروسية، الأمر الذي خلّف الاستغراب والذهول لديهم، مما يؤكد وجود نية لدى الروس بالبقاء طويلاً في سوريا ودفع الأهالي لقبول الشرطة الروسية على أنها الضامن الحقيقي من بطش النظام.

ويبقى حال من بقي في الداخل السوري يعاني الأمرّين بين جيش من المفترض أن يأخذ لقب حماة الديار فعلاً قبل أن يكون قولاً، وبين محتل يُفرَض عليه أن يتعامل معه من مبدأ السلامة أولاً.

ترك تعليق

التعليق