التبغ في السويداء.. زراعة حديثة يحتكر النظام محصولها


عمل النظام منذ أن وصل إلى سدة الحكم على تهميش محافظة السويداء وخنقها اقتصادياً، شأنها شأن العديد من المحافظات التي أراد النظام تحجيم دورها وإقصائها عن الواجهة السياسية والاقتصادية في تلك الفترة.

ودأب على رفض كافة المشاريع التي من شأنها أن تحسن الوضع الاقتصادي للسويداء، وحصر نشاطها الاقتصادي على مصنعين أحدهما للخمور وآخر للأحذية، وذلك رغبة منه بجعلها المحافظة الأكثر فقراً بين المحافظات السورية.

ولم تكن الزراعة بأحسن حال من الصناعة إذ حارب النظام عمليات تطوير المشاريع الزراعية في المحافظة، لا بل كان يرفض حتى فكرة حفر آبار ارتوازية تضمن للمزارعين عدم تلف مشاريعهم في مواسم الجفاف، على الرغم من غنى المحافظة بالمياه الجوفية، إضافة لقيامه بمحاربة زراعة الكثير من الزراعات والمحاصيل.

وزراعة التبغ، على سبيل المثال لا الحصر، تعتبر إحدى الزراعات التي حاربها النظام، فلم تشهد المحافظة قبل عام 2011 مشاريع زراعية لهذه المادة، والتي كانت زراعتها تقتصر على بضع أمتار هنا وهناك بقصد الاستخدام الذاتي لعدد من المزارعين، في حين لم تعطي وزارة الزراعة في حكومة النظام أي تراخيص للمزارعين لزراعة التبغ في السويداء.

نشاط  حديث في زراعة التبغ

أفاد المهندس الزراعي "وائل كرباج" أنه وبعد خروج مساحات واسعة من أراضي محافظة درعا عن سيطرة النظام وخسارته لمحاصيلها الزراعية، وخاصة التبغ، التفت النظام إلى أراضي محافظة السويداء، في محاولة منه لتعويض النقص الكبير في المحصول.

وأضاف "كرباج" لـ "اقتصاد": "بدأت مديرية الزراعة التابعة للنظام في السويداء بتشجيع المزارعين على زراعة التبغ، وتقديم الإغراءات لهم كالبذار والأسمدة والمبيدات الحشرية بأسعار مخفضة، وبقروض زراعية موسمية، وتحت شروط بأن يلتزم المزارع بزرع المساحة المرخصة له، في حين تحتكر المؤسسة العامة للتبغ المحصول ويمنع على المزارع بيعه في السوق السوداء".

وتابع: "تزيد المساحة المزروعة بالتبغ في السويداء حالياً عن (1500) دونم معظمها في ريفي السويداء الغربي والشمالي، وخصوصاً في بلدات (مجادل والمزرعة والدور والصورة)، وعمر هذه الزراعة ثلاث سنوات فقط، وتزرع بالتبغ من نوع (برلي)"، مشيراً إلى أنه يتم تطبيق اختبارات على زراعة أنواع من التبغ في مناطق السويداء المرتفعة، والتي تعاني من نسبة رطوبة عالية.

إنتاج مرتفع

أكدت "جمانة رزق"، معنية بالشأن الاقتصادي، أن المؤسسة العامة للتبغ تحتكر المحصول المنتج من هذه المادة في السويداء، وتقوم بمراقبة المساحة المزروعة وكمية الإنتاج الزراعي منه.

وأردفت "رزق"، في حديث لـ "اقتصاد"، أن تلك المراقبة لم تمنع بعض المتنفذين في مؤسسات النظام الأمنية من زراعة مساحات من الأراضي بالتبغ دون ترخيص ليتم بيعها في السوق السوداء، حيث يتضاعف سعرها عن السعر الذي تدفعه مؤسسة التبغ، مشيرة إلى أن مساحة الأراضي المزروعة بهذا المحصول والخارجة عن سيطرة مديرية الزراعة تقدر بحوالي (500) دونم.

وأشارت إلى أن "مساحة الأراضي المزروعة بالتبغ بلغت في السويداء (2000) دونم بطاقة إنتاجية تصل إلى 350 كغ للدونم الواحد، حيث يبلغ الناتج العام حوالي (700) طن من التبغ بقيمة شراء تصل إلى (600) مليون ليرة سورية".

وأوضحت أنه "وبالمقارنة بين مردود المزروعات الأخرى وزراعة الدخان، وعلى سبيل المثال زراعة القمح، ينتج الدونم الواحد من الأرض المزروعة بالحنطة (200) كيلو غرام بسعر (175) ليرة سورية للكيلو، فيكون الناتج المالي للدونم (35) ألف ليرة، وبالمقابل يبلغ ناتج الدونم المزروع بالتبغ (300) ألف ليرة سورية"، مؤكدة أنه وفي حال ازدهار زراعة التبغ سيكون المردود الاقتصادي كبيراً جداً".

زراعة الحشيش على هامش التبغ

شهدت السويداء محاولات لزراعة الحشيش، ولكن بمساحات قليلة جداً، تتركز جميعها في مناطق زراعة التبغ وخصوصاً بلدة (مجادل)، حيث نجحت تجربة زراعة الحشيش في هذه المناطق وفقاً لـ "ملهم حمدان"، مهندس زراعي.

وقال "حمدان" لـ "اقتصاد": "تم الحصول على البذار من مناطق البقاع في لبنان، وهناك تخوف كبير من انتشار هذه الزراعة في ريف السويداء الغربي نظراً لمردوده المالي العالي جداً، ولنشاط العصابات والميليشيات التي تعمل بغطاء من أجهزة النظام الأمنية في تلك المنطقة".

ولفت إلى أن "نشاط الاتجار بالحشيش، واستيراده لاسيما من لبنان لازال الأكثر رواجاً على حساب زراعته، والتي تقتصر على بعض الأماكن"، مشيراً إلى أن هذه الزراعة بالذات تنشط برعاية من قبل أجهزة النظام وميليشيا حزب الله اللبناني، وتقتصر على قادة عدد من العصابات والميليشيات.

ترك تعليق

التعليق