بدأ من الصفر.. مهندس سوري يؤسس واحدة من أكبر الشركات في صناعة وتجارة الرخام بتركيا


خلال أقل من أربع سنوات، أصبحت شركة dalil mermer، لمهندس الإنشاءات السوري "محمد الشهاب"، من "أفضل وأنجح" الشركات التركية العاملة في مجال صناعة وتجارة الرخام التركي - وفق تصنيف وزارة التجارة التركية - هيئة الصادرات-.


 ورغم أن الشركة بدأت بإمكانيات مادية متواضعة لم تتعدى الـ 500 دولار غير أنها باتت اليوم تنافس أهم الشركات التركية التي تعمل في ذات المجال منذ سنوات طويلة.
 

ينحدر "محمد الشهاب" من ريف إدلب الجنوبي. نال شهادة الهندسة المدنية من جامعة حلب عام 2006 وعمل موظفاً في القطاع الحكومي. ومع بداية الثورة السورية ونتيجة التضييق الحاصل على الشعب السوري من قبل النظام، اتخذ قراراً بالهجرة إلى تركيا مثل ملايين السوريين. ولدى الوصول إليها كان الشهاب-كما يقول لـ"اقتصاد"- يعدُّ انتصار الثورة وحتمية سقوط النظام بالساعات، لا بالأيام أو الشهور أو السنوات. ولم يكن مهيئاً لإنجاز أي نجاح لاعتقاده أنه يبحث عن ملجأ آمن لمدة قصيرة ريثما يسقط النظام. وعندما شعر أن الأمور بدأت تأخذ منحى التعقيد في سوريا وأن القصة ستطول-حسب تعبيره- كان لابد من التحرك والعمل.


في بداية استقراره بولاية أزمير، لمس المهندس الشاب-كما يقول- أن تركيا بلد فرص ونجاحات يمكن استغلالها فاتخذ قراره بممارسة نشاط تجاري ضيق ومحدود في هذه الولاية المطلة على البحر، والتي اكتشف أنها تمتلك مقومات اقتصادية ضخمة ولكنها شبه مجهولة بالنسبة للعرب بحكم عدم توفر شركات عربية أو تواجد عربي بشكل عام عدا اللاجئين فأسس عام 2013 شركة "دليل مرمر" التي كانت أول شركة عربية يتم تأسيسها في الولاية، وكانت الانطلاقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت -كما يقول- وسيلته الوحيدة لبناء علاقات تجارية مع العملاء في الخارج، وتقديم خدمات الترجمة والاستشارات الاقتصادية لهم وتوجيههم للمصانع، وتأمين بضاعة وأعمال الشحن والجمارك. وكان نشاطها إدارياً محضاً دون رأس مال في البداية. ومع بداية العام 2014 تم ترخيصها رسمياً ليبدأ بشراء الرخام من مصانع في ولاية "دينيزلي" و"موغلا" و"أفيون".


ولفت محدثنا إلى أنه حرص من خلال شركته على اتباع سياسة تسويقية طويلة الأمد، تهدف لتكوين أرضية قوية للشركة، بعيداً عن أساليب الغش والخداع التي اتبعها بعض الأجانب العاملين في السوق التركي آنذاك.
 

وتمكن المهندس القادم من حلب من إبرام عقود مع شركات تركية ضخمة كانت تعاني من مشكلة التواصل مع الأسواق العربية بسبب اللغة، فكان بمثابة الوسيط التجاري الضامن لهذه الشركات، ثم حصل فيما بعد على حصرية المبيع لبعض هذه الشركات، وخصوصاً أن هناك شركات -حسب قوله- لم تكن تملك خبرة وافية في التسويق للزبائن العرب.


 وأردف الشهاب أن شركته التي تضم اليوم 28 موظفاً سورياً وتركياً أبرمت عقود تسويق حصرية لبعض المنتجات التي أصبحت تُباع من خلال شركة "دليل مرمر" حصراً.
 


كما أبرمت الشركة التي تتخذ من ولاية أزمير مقراً رئيسياً لها عقوداً مع قطاعات حكومية سواء في المملكة العربية السعودية والبحرين وليبيا وتونس والجزائر وقطر والإمارات العريية المتحدة، معتمدة على ثقلها التجاري في السوق، إضافة إلى جودة الخدمات-حسب قوله-.


في عام 2016 دخل الشهاب قطاع التصنيع حيث استحوذت شركته على منجم كان يعاني من التعثر واستطاع بخبرته إعادة العمل بهذا المنجم ونجح في تفعيله واستثماره، نظراً لأن الرخام فيه كان من النوع الجيد، مما أتاح للشركة الانفتاح على أسواق جديدة في العديد من الدول الأوروبية والشرق أوسطية كـ "كندا" و"ألمانيا" و"هولندا" و"سويسرا" و"الصين" و"كازاخستان".


 وأوضح محدثنا أن شركته باتت قادرة على تلبية طلبات السوق من الرخام التركي أياً كان نوعه، مشيراً إلى أن "هناك 86 صنفاً من الرخام التركي جميعها متوفرة في الشركة".


ولفت محدثنا إلى أن أحد عوامل نجاح شركة "دليل مرمر" يُعزى لوجودها في مدينة أزمير التي باتت عاصمة التجارة التركية، إضافة إلى احتوائها على أكبر معرض تجاري دولي مسقوف في الشرق الأوسط وثالث أكبر معرض في العالم، ويُقام فيها سنوياً معرض للرخام يعتبر من أهم المعارض على مستوى العالم، وبحكم وجود مكتب دائم للشركة في المدينة فهذا ساهم في استقطاب الزبائن بسهولة، حيث يزور المعرض سنوياً حوالي 100 ألف زائر.


 وتابع الشهاب بنبرة حماس أن أحد أسباب نجاحاته عدم اتباع أساليب التسويق التقليدية، بل اعتمد أسلوباً مختلفاً في الدعاية التجارية يقوم على مبدأ تقديم خدمات الاستشارة المجانية فيما يخص الرخام وبشكل مباشر للمستهلك.


ولفت المستثمر الشاب الى أن هناك في تركيا فرصة كبيرة تكمن في نقطة ضعف الشركات التركية في التسويق التجاري والتواصل مع الأسواق العربية، وهناك –كما يؤكد- شركات عاملة في السوق منذ أكثر من عشرين عاماً، ولكن لم تستطع الوصول إلى الزبائن العرب بسبب ضعف الفكر التجاري لديهم ولذلك على من يريد النجاح الاستفادة من هذه النقطة واستغلالها.


وختم الشهاب ناصحاً الشباب السوري المتواجد في تركيا بضرورة الاستفادة من التواجد والمعطيات والتسهيلات التي تقدمها الحكومة التركية، وتحويل عوامل الضغط الإقتصادي التي يعيشونها إلى دوافع للنجاح وإطلاق مشاريعهم الخاصة في كل المجالات.


ترك تعليق

التعليق