طبق "التسقية" يوحد الجميع على مائدة الإفطار في إدلب


للوهلة الأولى يعتقد المُهجرون خصوصاً "الشوام" أن الأكلة الشهيرة المعروفة بـ "التسقية" غائبة تماماً عن المطبخ الإدلبي. بل حتى الحُمّص الحب الذي يسلق لساعات متواصلة لا وجود له في محلات ومطاعم المحافظة التي تبيع الفول والفلافل. لكن في رمضان يتشارك الجميع في هذا الطبق الذي يتناوله الأدالبة في شهر رمضان فقط بينما يقبل عليه الدمشقيون سائر أيام السنة (صبيحة يوم الجمعة كموعد مقدس) فضلاً عن الشهر الكريم.


ويمتاز هذا الطبق بنكهة مميزة. ويواظب السوريون على تناوله لعقود طويلة من الزمن. كما تُعتبر اللقيمات الأولى من فتة الحمص بمثابة البداية لكل وجبة إفطار في دمشق وغيرها من المدن السورية.

تشرح السيدة "أم جميل" طريقة صنع التسقية حيث تبدأ المكونات من الحمص المسلوق جيداً الذي يضاف مع مائه الساخن إلى كمية محددة من قطع الخبز.


وتقول أم جميل لـ "اقتصاد": "قبل هذه العملية علينا تحضير الفقسة وهي مكونة من المسبحة (الحمص المدقوق) والطحينة والثوم واللبن الرائب إضافة لملح الطعام. تحرك هذه المقادير جيداً وتوضع على الحمص والخبز كطبقة سميكة في الأعلى".


يأتي دور السمن الساخن الذي يصب على هذه المكونات ليضيف نكهة خاصة يحبها الجميع.

تشير أم جميل إلى أن البعض يستعمل الزيت عوضاً عن السمن وهذا الأمر يتبع للذوق ويعتبر اختيارياً، "لكني أفضل السمن فهو ألذ و يضيف طعماً منسجماً مع تركيبة الفتة".


يعشق "محمد" وهو شاب دمشقي يقطن في إدلب (طرطشة) السمن المحمى وهو يهبط على الطبقة العليا من التسقية. "هذا الصوت رائع جداً. إنه سر هذه الأكلة القديمة ولا يمكنني تناولها دون حضور هذا المشهد بالذات"، يؤكد محمد، ثم يسارع إلى حمل طبق التسقية ليضعه على مادة الإفطار في انتظار أذان المغرب في إحدى ضواحي إدلب.


تؤكل التسقية مع المخلل لا سيما المصنوع من اللفت والبعض يتناول معها أوراق النعناع والبصل الأخضر وأحياناً الفجل وقطع الخيار. لكن محمد الموله بهذه الأكلة اختار وضع جميع هذه الأصناف إلى جانب طبقه الكبير.

في إدلب ما إن يصدح المؤذن بالتكبير حتى تتسابق الأيدي للاغتراف من هذا الطبق الشهي حيث يشبه "أبو مجمود" صوت الملاعق المتلاطمة بتغريد الطيور "لا تستغرب من هذا التشبيه فلهذا الطبق وقع خاص في نفسي".

يسترسل أبو محمود في حديثه عن التسقية، "أحياناً أتخاصم مع زوجتي لعدم وجود هذه الأكلة على مائدة الإفطار. يصعب تناول الفطور دون تذوق طعم الحمص مع الطحينة واللبن مع المخلل الحامض. يالها من نكهة".

ترك تعليق

التعليق