صحفي سوري يقتحم عالم المشعوذين في الزعتري


تمكّن الصحفي السوري "أحمد الحسن" من اقتحام عالم التنجيم والسحر والشعوذة في مخيم الزعتري، والكشف عن أساليب عمل المشعوذين والمنجمين في إيهام وخداع الناس البسطاء هناك، لينجز تحقيقاً استقصائياً بعنوان "خيام المندل"، فاز مؤخراً بجائزة منتدى الإبداع الإعلامي في جامعة اليرموك بمدينة إربد الأردنية.

 وروى معد التحقيق لـ"اقتصاد" قصة اقتحامه لهذا العالم الغريب الغامض الذي بدأ -كما يقول- بجلسة مع أحد أصحابه من ساكني مخيم الزعتري ( شمال الأردن) وحديثه عن وجود أشخاص ذكوراً وإناثاً يستغلون حوائج الناس وجهلهم في وضع حجُب وتعاويذ كاذبة لهم على أسس خاطئة ولقاء مبالغ مالية كبيرة. الأمر شدّه ودفعه -كما يقول- لإنجاز تحقيق يكشف فيه هذه الممارسات السلبية ليس فقط فيما يخص من يقوم بها إنما فيما يخص ضحاياها، فالكل يعلم بؤس ومأساة أهالي الزعتري وظروفهم المعيشية الصعبة.
 

(مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن)

الحسن لفت إلى أنه بدأ بتكوين قاعدة معلوماتية جيدة عن الموضوع وباشر بكتابة مخطط للتحقيق بدءاً من فرضيته مروراً بكلفته المادية والاحتياجات التي يستدعيها ومن ثمّ تداعيات الغوص في تفاصيله وما يمكن أن يضمن له السلامة والحماية وخصوصاً أن الكثير ممن يمارسون هذا العمل يتّسمون بطابع عدواني ويُؤثرون العمل بسرية مطلقة.

لم يكن من السهل على الصحفي الشاب اقتحام عالم السحر والشعوذة في المخيم لحساسية الموضوع بالنسبة للكثير من سكان الزعتري، إضافة إلى أن الفكرة بحد ذاتها خطرة وتحتاج جرأة كبيرة، فموضوع السحر والجن-كما يقول- مذكور في القرآن ولا يمكن إنكاره، لذلك تطلب الموضوع منه بحثاً طويلاً استمر لأكثر من شهر واستشارة رجال ثقات.

 وأبان محدثنا أنه كان حريصاً على تدوين كل شيء يتعلق بالموضوع قبل الانطلاق في رحلته المحفوفة بالسرية وكان عليه –كما يقول-تجهيز مجموعة من القصص والأسماء المستعارة ليستخدمها في تمويه شخصيته أمام المشعوذين الذين سيقابلهم في الزعتري.

(صورة منشورة مع التحقيق الصحفي عن المشعوذين في الزعتري)

وروى معد التحقيق الذي ينحدر من مدينة إزرع بريف درعا، ويدرس ماجستير الإعلام في جامعة اليرموك الأردنية حالياً، أنه التقى في الزعتري بداية بسيدة ستينية تُدعى "أم عبدو" وقص عليها قصة مفتعلة مدعياً أنه طالب في تخصص الصيدلة وكان الأول على قسمه إلا أنه أصبح منذ فترة يشكو من عدم تمكنه من الدراسة وقراءة الكتب وأنه أصبح لا يستطيع الإجابة على أسئلة الامتحانات ويخشى أن يؤثر ذلك على معدله ويؤخر تخرجه.

 وتابع الحسن أن أم عبدو طلبت منه قماشاً من ملابسه وكتبت له مجموعة من الحُجب وأخذت منه مبلغاً معيناً، والسيناريو ذاته حصل مع المشعوذين الآخرين ومن يدعون فك السحر أو معرفة الطالع أو جلب الغائب.

 وكشف محدثنا أنه كان حريصاً على سلامته واتخاذ احتياطاته فكان يضع في جيبه مصحفاً ويصلي ركعتين قبل كل موعد اتقاء لأي ضرر محتمل.

 وأشار محدثنا إلى أن المشعوذين هم سلسلة واحدة إن أمسكت أولها وصلت إلى آخرها، وكلهم-كما يقول- يتم إغراؤهم بالمال وأسلوب الكلام وكيفية عرض القصة وإمكانية إقناعهم بصدقها وهذا ما كان حريصاً على تنفيذه.

وحول اختياره عنوان "خيام المندل" لتقريره وما يمكن أن يوحيه العنوان من "تعميمية"، أوضح محدثنا أن اختيار العنوان في التحقيقات الصحفية، ولذلك حرص على اختيار عنوان لافت وجذاب دون أن يتقصد التعميمية، مضيفاً أن العنوان غالباً ما يكون عبارة عن ومضة طارئة في بداية التقرير أو نهايته.

 وأردف محدثنا أن ممارسات الشعوذة والسحر موجودة في مخيم الزعتري فعلاً ولا يمكن نكرانها أو تجاهلها وكانت مهمته –حسب قوله- رصد هذه الممارسات ومتابعتها وتوثيقها وهذا أقل دور يمكن أن يقوم به الصحافي المسؤول عن مجتمعه وأهل بلده.
 
واستدرك الحسن أن "هذه الممارسات عادة ما تكون كامنة ومختفية ومستترة تحتاج إلى من يجرؤ على إماطة اللثام عنها ويكون مستعداً لتحمل العواقب".

 وأكد محدثنا أن ما قام به كان جهد طالب في سنته الأخيرة من مرحلته الجامعية في درجة البكالوريوس بإرشاد واهتمام من الدكتور "علي الزينات" والأستاذ "محمد حجات" وبإشراف الدكتور "خلف الطاهات"، أساتذته في كلية الإعلام بجامعة اليرموك الأردنية، الذين كانوا خير داعم له ووفروا له سبل إعداد التحقيق وإنجازه.

ترك تعليق

التعليق