من مدرات الدخل.. بدء عمليات حصاد المحاصيل العلفية في ريف درعا


بدأت في مناطق درعا المحررة عمليات حصاد النباتات العلفية "النعمانة" و"البيقية"، التي تعتبر من مدرات الدخل والسيولة النقدية المباشرة للمزارعين، وذلك بسبب إقبال مربي الثروة الحيوانية على شراء بذورها، لأهميتهما في العليقة العلفية المقدمة للحيوانات.

وأشار المهندس الزراعي صلاح الدين المحمود، إلى أن تبن نباتات البيقية والنعمانة، يعتبر من المواد الأساسية في تعليف وتسمين الأبقار والأغنام، التي سيتم تسويقها خلال شهر رمضان الكريم، وعيد الأضحى المبارك.

وقال: "لذلك يحرص مربو الحيوانات، على تأمين هذا المواد بشكل مبكر من المزارعين، الذين يعمدون بدورهم إلى الإسراع بحصاد هذه المحاصيل للحصول على أسعار أفضل، سيما وأن شهر رمضان على الأبواب، والمزارعون بحاجة إلى تأمين أموال، للإنفاق على احتياجاتهم خلال الشهر الفضيل".

ويقول أبو قاسم، 49 عاماً، وهو مزارع، "قمت بزراعة أكثر من 30 دونماً من النعمانة، لأنها مطلوبة بالسوق، وعمرها الزمني قصير بالمقارنة مع المحاصيل الأخرى"، لافتاً إلى أنه بدأ مبكراً في حصاد محصوله، من أجل بيعه، وتأمين احتياجات منزله من المواد الضرورية، قبل حلول شهر رمضان.

وأشار إلى أن الكثير من المزارعين يحصدون هذه المحاصيل قبل أن تتيبس فعلياً، خوفاً عليها من شرارة أو نيران يمكن أن تلتهمها، كون المناطق المحررة معرضة للأسوأ دائماً. وأردف أن الشواهد كثيرة على قيام قوات النظام بحرق المحاصيل الزراعية بشكل متعمد، في عدد من مناطق المحافظة.

وأضاف أن المزارع يضع كل مجهوده وأمواله في الأرض، ويحرص دائماً أن لا يتعرض محصوله لأي سوء، لأنه هو مورده الأساسي، الذي يعتمد عليه في تأمين احتياجاته، لافتاً إلى أن سعر بذور طن البقية تتجاوز الـ 140 ألف ليرة سورية، وسعر طن النعمانة نحو 120 ألف ليرة سورية، فيما يتجاوز سعر طن التبن ما بين 50 و60 ألف ليرة سورية، وذلك حسب كميات الإنتاج المطروحة في السوق.

ويشير عبد اللطيف السعيد، 20 عاماً، إلى أن حصاد النعمانة والبيقية والأعمال الزراعية الأخرى، تشكل مصدراً مهماً لبعض الشباب العاطل عن العمل، لافتاً إلى هذه الأعمال باتت تؤمن عشرات فرص العمل للشباب، وخاصة للذين منعتهم الظروف من الخروج من المناطق المحررة إلى مناطق أخرى، بسبب الملاحقات الأمنية.

وأضاف أنه شكل ورشة للحصاد مع بداية هذا الموسم، تتكون من عشرة شباب من أصدقائه، وبدأوا بباكورة نشاطهم العملي هذا العام في حصاد النعمانة، حيث تعاقدوا على حصاد 20 دونماً، مقابل 90 ألف ليرة سورية، بمعدل 4500 ليرة سورية للدونم الواحد.

وأضاف أنهم يحتاجون إلى نحو خمسة أيام، لإنجاز مهمتهم، بسبب صعوبة الحصاد، كون الأعواد ما تزال طرية، وقلعها يحتاج إلى قوة إضافية، موضحاً أن هذه المحاصيل يتم حصادها باليد، وبالمنجل فقط، وهي متعبة جداً.

وأشار إلى أنهم يعملون يومياً من الساعة الرابعة فجراً وحتى العاشرة قبل الظهر، ينجزون خلالها حصاد أربعة دونمات على الأقل، مؤكداً أن تجانس الورشة وتفاهمها، كون أفرادها من جيل واحد، يبدد الكثير من الشعور بالتعب، ويجعل العمل رغم تعبه ممتعاً.

وقال: "كلنا كشباب نحتاج إلى المال لنفقاتنا الشخصية على الأقل، كشراء الملابس، ونفقات الموبايلات، ومساعدة الأهل على الأقل بالتخفيف عنهم بالمصاريف اليومية".

وأضاف أن دخل الأسر المادي، في معظم مناطق درعا، يعتمد على الزراعة، والأعمال التجارية الاستهلاكية المحدودة، وحوالات المغتربين، التي ماتزال تسند مئات الأسر منذ انطلاق الثورة، مشيراً إلى أن هذه الموارد المادية، بالكاد تكفي لشراء المواد الأساسية.

وأوضح أن نفقات الشباب غير المنتج، وتأمين احتياجاتهم ومصاريفهم الشخصية، تشكل ضغطاً على جميع الأسر، وهو ما يدفع هذه الفئة إلى البحث عن أي عمل لسد بعض نفقاتهم.

فيما أكدت أم ضياء، وهي أرملة تعول أسرة مكونة من خمسة أفراد، أنها شكلت ورشة حصاد بالتعاون مع عائلتين من جيرانها، تعداد الورشة نحو 13 فرداً بين كبير وصغير، لافتة إلى أن الحياة "أصبحت صعبة"، "ومن لا يعمل لا يأكل".

وأضافت: "جارت علينا الأيام، ورحلنا من مناطقنا البعيدة بسبب قصف النظام لمناطقنا وتهجيرنا منها"، لافتة إلى أن زوجها كان يملك عملاً تجارياً محترماً يدر عليهم أرباحاً جيدة لكن موته بقذيفة، وعدم وجود مصدر مدر للدخل، أتى على كل ما كان في حوزتها من أموال، حتى أصبحت مضطرة للعمل "بالفاعل" لتعول أسرتها.

وأشارت إلى أن ورشتها تعمل في السنة نحو ثلاثة أشهر بالأعمال الزراعية، تبدأ من أعمال تعشيب المزروعات من النباتات الضارة، وصولاً إلى حصاد القمح، وجمع البندورة، وحصاد الحمص، موضحة أنها تمارس هذا العمل منذ ثلاث سنوات، وتعتاش منه، بالإضافة إلى ما تقدمه لها بعض الجمعيات، وبعض أصحاب الأيادي البيضاء.

يشار إلى المحاصيل الزراعية، تؤمن كل عام مئات فرص العمل الموسمية، للشباب والأسر الفقيرة، ويتجاوز تحصيل الفرد منها أكثر من خمسين ألف ليرة سورية، في ظل انعدام فرص العمل الأخرى.


ترك تعليق

التعليق