الموظف السوري الشاب أمام خيارين لا ثالث لهما.. والبديل "الطائفي" جاهز


في بداية الثورة السورية، وبينما كانت المناطق السورية مشتعلة بغالبيتها، فقد النظام السيطرة على كافة الدوائر الحكومية في المناطق الثائرة. ورغم إصدار النظام للعديد من القرارات التي طالب من خلالها الشباب بالالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية وخدمة الاحتياط، تخلف الكثير من الشباب عن أدائها وأصبحوا سجيني مناطقهم المحاصرة عاجزين عن اجتياز حواجز النظام.

واستمر الوضع على هذا الحال حتى عام 2015 حين أصبح التدخل الروسي والإيراني علنياً، واستطاع النظام من خلالهما استعادة السيطرة على كثيرٍ من المناطق الثائرة بعد تدميرها وتهجير سكانها، وبالتالي تمت عودة فرض سيطرة النظام على الدوائر الحكومية.

مطابقات وبيان وضع من شعبة التجنيد تطيح بالموظفين
 
كان العديد من الموظفين ممن هم متخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية أو خدمة الاحتياط  مازالوا قائمين على رأس عملهم ويتقاضون رواتبهم المحدودة القيمة الفعلية، حتى صدر عام 2015 قرار بإجراء (مطابقة) لكافة موظفي" الدولة"، حيث يتوجب على كافة الموظفين الحضور بشكل شخصي لإجراء مقابلة مع موظف مختص يأخذ منهم بياناتهم وينزلها على الحاسب، وصورة عن الهوية، وقائم على رأس العمل من مديره المباشر يبين فيه تاريخ آخر يوم دوام له و"فيش" بآخر راتب قد تقاضاه.
 
كما طُلب من الموظف الشباب إحضار (بيان وضع) من شعبة التجنيد في منطقته التابع لها، تبين أنه قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو لا، وهل هو مطلوب لتأدية خدمة الاحتياط في جيش النظام أم لا، وهذا الأمر الذي كان تعجيزياً بالنسبة للشباب المطلوبين لتأدية إحدى الخدمتين ومصيدة لجرهم للاعتقال أو إجبارهم على الالتحاق بصفوف جيش النظام، كانت من نتائجه إيقاف رواتب الكثير من الموظفين ومن ثم فصلهم من وظائفهم.

اقتحام دوائر حكومية وسوق موظفين للخدمة العسكرية موجوداً

كما تم سوق العديد من الموظفين الشباب المتخلفين (موجوداً) لتأدية خدمة العلم الإلزامية أو خدمة الاحتياط  من خلال مداهمة مكان دوامهم الوظيفي وتكبيل أيديهم وإهانتهم بسبب تخلفهم ومن ثم حبسهم حبساً تأديبياً في سجن الشرطة العسكرية حيث يعانون من شتى وسائل التعذيب ومن ثم يتم سوقهم إلى مركز" الدريج" القريب من حمص، لأداء الدورة وبعد انتهاء الدورة يمنح الموظف إجازة لمدة أربعة أو خمسة أيام ليتم الفرز بعد الإجازة.

وعمد الكثير من الشباب للهرب بأي طريقة ممكنة إلى مناطق خارج سيطرة النظام ودول مجاورة وبشكل غير شرعي حتى خلال الإجازة مقابل رشاوى واستغلال مهربين متعاونين مع جهات تابعة للنظام بمبالغ تتراوح بين ( 1000- 3000) دولار، ولكن من لا يملك المبلغ المطلوب دفعه "للشبيحة" للهرب خارج البلاد، اضطر للاستمرار في الخدمة.

فصل موظفين وخلل في دوائر المؤسسات ورشاوى

كانت مرة وحيدة التي طلب بها من الموظفين الشباب إحضار بيان وضع من شعبة التجنيد، وتم فصل العديد من الموظفين بعدها، الأمر الذي أخل بسير الدوائر الحكومية. وأُوقف بعدها طلب "بيان وضع"، واستمرت المطابقة بشكل سنوي للتأكد من وجود الموظفين على رأس عملهم، وهنا وجد الموظفون المسؤولون عن إجراء المطابقة فرصة للكسب فأصبحت المطابقة تتم شكلياً والكثير من الموظفين وبعضهم "المفيشين" يرسل من ينوب عنه لإجراء المطابقة.

وبتاريخ 21/11/2017 عممت حكومة النظام الأسدي على كافة الدوائر قراراً يقضي بفصل الموظفين المتخلفين عن دعوة الاحتياط فوراً.
 
قوائم وجداول نصف سنوية للايقاع  بالموظفين

بتاريخ 18/4/2018 عممت حكومة "النظام" على دوائر وشعب المديريات كافة بوجوب موافاة المديريات وارسال جداول بيانية بأسماء العاملين الذكور (دائمين - متعاقدين- مؤقتين- بأي صفة كانت) ممن هم ضمن سن "التكليف" ما بين 18 - 42 سنة، وما بين 18 - 46 سنة للأطباء، وذلك من واقع البطاقة الشخصية ودفتر خدمة العلم ليصار إلى تطبيق أحكام خدمة العلم بحق المتخلفين عن خدمة العلم الإلزامية والاحتياطية خلال مدة أقصاها أسبوع فقط.

على أن تجدد هذه الجداول كل ستة أشهر مع كافة التبدلات اللاحقة (استقالة - إنهاء خدمة بكافة أشكالها - وفاة) وفي حال امتناع العاملين عن تقديم البيانات، المطلوب الإبلاغ عنهم لإتخاذ الإجراءات اللازمة وفرض أشد العقوبات. واختتم التعميم بأنه ستتم مساءلة كل من لا يتقيد بمضمون هذا التعميم.

وأخيراً، يمكن للمتابع أن يلاحظ  أنها قرارات ستفرغ الوظائف من كافة الموظفين الشباب، ويرى فيها "الأسد ونظامه الطائفي" سبيله الوحيد لمنح زوجات وبنات قتلاه الوظيفة الموعودين بها، وذلك عبر تفريغ الوظائف من شبابها وخاصة "السنة" وإحلال آخرين مكانهم. ففي "الدولة الطائفية المتجانسة"، يبقى الشاب السوري أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يختار: أن يكون مقاتلاً في صفوف جيش طائفي يقتل ويهجر أبناء البلد، أو أن يختار الهروب خارج مناطق سيطرته، وبالتالي سيستوطن مكانه من هو أحق منه بهذا "الوطن"، كما يدعي" مجرم الحرب الإرهابي الأسد"، حارق البلد وبائعه.

ترك تعليق

التعليق