تكاليف مليونية للزواج في السويداء.. والعنوسة للجنسين بمعدلات مرتفعة


تعاني محافظة السويداء، جنوب البلاد، من ارتفاع نسبة العنوسة للجنسين، بشكل ملحوظ، خلال السنوات السبع الماضية، نتيجة عزوف الكثير من الشباب عن الزواج لأسباب عدة.

ولعل الظروف الاقتصادية الصعبة للشبان دفعت الكثير منهم للعدول عن فكرة الاستقرار والزواج، لاسيما مع ارتفاع تكاليفه أضعافاً مضاعفة في ظل تردي الحالة الاقتصادية والبطالة التي ازدادت بشكل كبير في المحافظة.

خواتم الزواج للمقتدرين

أفاد "فارس العبد الله"، صاحب إحدى محال الصياغة في السويداء، أن سعر الذهب ارتفع، خلال الأعوام الماضية، بنحو أربعة أضعاف، فسجل غرام الذهب رقماً قياسياً ووصل إلى 16500 ليرة سورية.

وأضاف "العبد الله" في حديث لـ "اقتصاد": "انخفض الطلب على الذهب بمعدل النصف لاسيما خلال العامين الماضيين، على الرغم من أن الذهب من أبرز احتياجات الشبان المقبلين على الزواج"، معتبراً أن ارتفاع سعره بما لا يتناسب مع دخل المواطن الثابت هو السبب في ذلك.

وأردف "العبد الله" أن سعر "المحابس" من عيار 21 يبدأ من 85 ألفاً للمحبسين ليصل إلى 200 ألف، وذلك تبعاً لشكل الخاتم وحجمه، مشيراً إلى أن الشاب يحتاج لـ 500 ألف ليرة سورية ليتمكن من إلباس عروسه محبساً وخاتم زينة وعقداً متوسطاً فقط.

حفل الزفاف بالملايين

أكد "داني أبو مغضب"، مدرس من السويداء، يحضّر لزواجه بعد شهر، بأن التكاليف التي دفعها استعداداً للحفل حتى اللحظة، وصلت لأكثر من مليون ونصف مليون ليرة سورية، ما بين تجهيز غرفة نوم بسيطة وبعض الملابس والمستلزمات الرئيسية.

وقال "أبو مغضب" في حديث لـ "اقتصاد"، إن سعر غرفة النوم بلغ 350 ألف ليرة سورية، بينما وصل سعر المصاغ الذهبي الذي اشتراه لعروسه 650 ألف ليرة سورية، ووصلت تكاليف جهاز العروس من الثياب لحوالي 300 ألف ليرة، وحجز فستان الزفاف لليلة واحدة 100 ألف ليرة، وأما الحلوى التي سيتم تقديمها في عقد القران 150 ألفاً.

وأشار "أبو مغضب" إلى أنه "حتى اللحظة لم يدفع مهر عروسه، ولم يشتر الحلوى الخاصة بحفل الزفاف والتي ستكلفه قرابة 250 ألف ليرة، وذلك لأنه ليس بوسعه تقديم الطعام للحاضرين هذا ناهيك عن تكلفة بطاقات الدعوة وحجز صالة الزفاف، لافتاً إلى أنه يحتاج لأكثر من مليون ليرة لإتمام حفل الزواج.

ونوه إلى أن راتبه لا يتجاوز الـ 40 ألف ليرة، وأنه لم يكن ليقدم على الزواج لولا استعانته بشقيقه المقيم في دولة الإمارات العربية، وأن الكثير من الشباب أقرانه غادروا السويداء وهاجروا إلى أوروبا هرباً من فكرة الزواج الذي يحملهم عبئاً اقتصادياً غير قادرين على تجاوزه.

الفئات المدنية غائبة

اعتبرت "فاتن مقلد، باحثة اجتماعية، أن عزوف الشبان عن الزواج في السويداء يعتبر من أخطر المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها المحافظة، والتي يمكن أن تؤثر على المدى الطويل بنمو المجتمع واستمراره.

وحمّلت "مقلد" وجهاء المجتمع والشرائح المدنية وحتى الدينية المسؤولية تجاه هذه الظاهرة، مشيرة إلى أنه من واجب هذه الفئات توعية الشبان لضرورة بناء الأسرة والعمل على التقليل من متطلبات الزفاف تماشياً مع الوضع الاقتصادي.

وتحدثت مقلد لـ "اقتصاد"، عن تحول الزواج لحلم لدى الكثير من الشباب، مؤكدة أن سن الزواج ارتفع خلال السنوات الماضية لثلاثين عاماً لدى شريحة واسعة منهم، وذلك لأسباب عدة على رأسها الوضع المادي المتردي، والملاحقة من قبل النظام بسبب الخدمة العسكرية.

البطالة سبب العزوبية

اعتبر المحامي "مهران سراي الدين"، أن البطالة نتيجة فصل الكثير من الشباب من وظائفهم بسبب الخدمة العسكرية السبب الأبرز برفض الشبان لفكرة الزواج.

وقال سراي الدين لـ "اقتصاد": "إن الكثير من شباب السويداء اضطروا للتوجه لأعمال لا تتناسب وتحصيلهم الدراسي بغية كسب قوتهم اليومي، وبالتالي تحولت فكرة الزواج عند هؤلاء لضرب من الخيال".

وأردف سراي الدين أنه وبطبيعة الحال يعتمد الشباب في السويداء على السفر والغربة، إلا أنه وبسبب الحصار نتيجة تخلف الآلاف منهم عن الخدمة في جيش النظام، أجبروا على البقاء داخل السويداء، وهذا ما زاد الوضع الاقتصادي سوءاً.

وتابع سراي الدين: "سجلت، خلال الفترة الماضية، حالات زواج لعدد من الشبان تمت دون تكاليف، وبحفلة عائلية بسيطة لم تكلف إلا القليل من المال، وذلك بعد الاتفاق بين العروسين على توفير تكاليف الزواج المرتفعة مقابل تأمين سكن واحتياجات أكثر أهمية من الحفل والبطاقات وفستان الزفاف".

ترك تعليق

التعليق