دمشق.. عائلات تشتري اللحم الأحمر بالغرامات


لا تزال أسعار اللحوم في أسواق العاصمة دمشق تُحلّق بعيداً عن متناول يد المواطن، بمختلف مهنه وموارده المالية، وما يزال تراجع الطلب عليها في الأسواق سيد الموقف.

وتراجعت الثورة الحيوانية بكافة أشكالها تحت تأثير الحرب المُندلعة وسوء الإدارة الرسمية لها منذ سبع سنوات، تجلّت بانخفاض كبير في أعدادها نتيجة نفوق الكثير منها أو تهريبها خارج البلاد، وعجز كبير لدى المُزارعين المُربين في تأمين مُتطلبات الثروة الحيوانية بسبب انتقالهم من مكان لآخر تحت وقع العمليات العسكرية العنيفة التي عانت منها كافة الجغرافية السورية وعجز نسبة النمو الطبيعية عن تعويض حجم الخسائر في الأعداد لا سيما الإناث منها.

وفيما يتعلق بمعاناة المُزارعين المُربّين للأغنام والأبقار أوجزها الفلاح (م ، ن) من بلدة الكسوة بريف دمشق، حيث صوّر لـ "اقتصاد" مُعاناتهم قائلاً، إنّهم يُعانون قلّة الأعلاف وارتفاع أسعارها وتحكّم التجار بمدى توفّرها، بالإضافة إلى نُدرة الّلقاحات الخاصّة بقطعان الأبقار والأغنام، وذبح الكثير من الفلاحين إناث العواس، وعدم قدرة المُربّين على الاحتفاظ بخراف التسمين لفترات زمنية بسبب تقدّمها بالعمر وعدم وجود البديل، وغياب المصدر المُنتظم لتوريد اللحوم منذ عام 2011.

أمّا السيد (ج ، ل)، يعمل بتجارة اللحوم في باب الجابية وسط دمشق، نوّه لـ "اقتصاد" بسير حركة السوق مشيراً إلى أنّ حركة البيع تتأثر مُباشرةً بالأسعار انخفاضاً وارتفاعاً واستقراراً، وبعد انخفاض سعر اللحوم بأيّة نسبة مُمكنة يشهد السوق إقبالاً نسبياً وبالمقابل بعد أيّ ارتفاع يشهد جموداً لا يُوصف يتكبد على أثره غالبية العاملين في تجارة اللحوم خسائر مادّية كبيرة.

وأردف (ج ، ل) أنّه وحتى اليوم هناك عائلات تقوم بشراء اللحوم بالغرامات القليلة بسبب عدم قدرتهم على دفع ثمن نصف كيلو أو مائتي غرام بالحد الأدنى.

ويُشير السيد (ج ، ل): "مهما بلغت فوارق الأسعار بين الانخفاض والأسعار لا تُقدّم ولا تؤُخّر إطلاقاً أمام المُستهلك الفقير الذي يفتقد لكافة أشكال الموارد المادّية وسط أعباء حياة غير مُتناهية لا يحملها معه سوى مُحيطه الاجتماعي".

مجلس الوزراء ووزارة التجارة الداخلية وما يُسمّى بمؤسسة حماية المُستهلك في نظام الأسد، تُخفّف الضغط عن كُل المؤسسات الرسمية عبر إعلاناتها المُتكررة لما تُسمّيه "محاولات هادفة لتأمين مادّة اللحوم للناس بأسعار مُنخفضة"، لكنّها لم تنجح بتأمين الحد الأدنى من الوعود التي تُقدّمها حتى وصلت تعويضاً عن حالة العجز التي تعيشها الأسواق، إلى قرار تقديم دعم مادّي مُباشر للفلاحين يُلزمهم تأمين "بكاكير" الأبقار ذات قيمة المردود العالي والنوعية الجيّدة عن طريق القروض بحسب ما قاله لـ "اقتصاد" السيد (جبران ، أ)، أحد سكان حي البرامكة بدمشق.

وأكثر ما أدهش جبران اقتراح جمعية الفلاحين تشجيع تربية المواشي في المنازل الآهلة بساكنيها بسبب خروج الكثير من المراعي عن سيطرة قوات نظام الأسد.

ويُضيف جبران: "بالرغم من استيراد 8 آلاف رأس من الأبقار بهدف ترميم النقص الحاصل في عموم الثروة الحيوانية وزيادة الطاقة الإنتاجية لكافة مُنتجاتها، إلّا أنّ تخفيضات الأسعار ما هي إلّا عبر الأوراق المُدوّنة عليها وتُنافي واقع أسعار الأسواق جُملةً وتفصيلاً الأمر الذي يدفع الكثير من العائلات لتحويل استهلاكها إلى الفروج ذي السعر المُتدني مقابل اللحوم".

لا يتجاوز استهلاك العاصمة من الغنم بشكل يومي 1500 رأس بعد أن كان سجل مُعدّل استهلاكها قبل العام 2011 أكثر من 10 آلاف رأس، وتستهلك يومياً من لحوم العجل 55 رأس لا أكثر، بينما يصل استهلاك مادّة الفروج لأكثر من 300 طن وذلك بسبب توفره نتيجة تهريبه من تركيا عبر الأراضي السورية المُحرّرة في الشمال السوري الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في سعره تجاوز الـ 30% بحسب إحصاءات شبه رسمية وأخرى عن مصادر خاصّة.

أمام مُستجدّات سياسية مُستمرة تفرض ظلالها الاقتصادية السلبية بالدرجة الأولى على المُستهلك تخلو موائد سكان العاصمة من كافة أشكال اللحوم الحمراء ليحتل مكانها البروتين النباتي كالـ "الحمص والفول" ورُبما تخلو الأخيرة في المستقبل القريب لتصبح كافة الأكلات "سادة" خاليةً حتى من "مُكعبات الماجي"  كما يُريد نظام الأسد.

ويبلغ سعر كيلو لحم الغنم هبرة في أسواق العاصمة 7500 ليرة سورية، ولحم الجدي هبرة 6 آلاف ليرة، ولحم العجل هبرة 5 آلاف ليرة، ولحم البقر هبرة 4200 ليرة، بينما سعر كيلو الفروج الواحد 1050 ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق