لماذا لم تستخدم روسيا الـ "اس 400" في مواجهة الضربة الغربية بسوريا؟


أكثر ما كان لافتاً في التعقيبات التي صدرت، صباح اليوم السبت، من العواصم المؤثرة في المشهد السوري، كان ذلك الذي نشرته وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي"، نقلاً عن وزارة الدفاع الروسية، والذي قال "أياً من الصواريخ العابرة التي أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يدخل منطقة مسؤولية الدفاعات الجوية الروسية التي تحمي المنشآت في طرطوس وحميميم"، في إشارة إلى القاعدتين الروسيتين البحرية والجوية.

فهل كانت مهمة منظومة "اس 400"، التي نشرتها روسيا في سوريا، وروجت كثيراً لفاعليتها، حماية القواعد العسكرية الروسية فقط؟، أم حماية نظام الأسد؟

بطبيعة الحال، فإن هذا التصريح الصادر عن المؤسسة العسكرية الروسية، موجه لمُشتري السلاح الروسي، وهو يريد أن يقول لهم، لم نستخدم منظومات دفاعنا الصاروخية المتطورة في مواجهة الهجمة الصاروخية الغربية، لأن الأمر لا يستحق التصعيد.

وما يؤكد أن همّ المؤسسة العسكرية الروسية، هو تأكيد جدارة قدراتها العسكرية، في نظر مُشتري السلاح الروسي، الذين تابعوا بدقة، ما حدث في سوريا، فجر السبت، هو ذلك التصريح الآخر الذي نقلته وسائل إعلام روسية عن وزارة الدفاع بموسكو، أيضاً، والذي أشار إلى أن نظام الأسد استخدم صواريخ وأنظمة جوية سوفيتية صُنعت قبل 30 عاماً، لمواجهة الهجمة الصاروخية الغربية. فيما اعترف النظام بسقوط 110 صواريخ على مواقعه، لكنه ادعى أنه تمكن من حرف بعضها عن مساره.

وهكذا، يبدو أن المؤسسة العسكرية الروسية تريد أن تقول لمُشتري السلاح الروسي: لم نتدخل بمنظوماتنا الدفاعية الصاروخية الحديثة، في مواجهة الهجمة الغربية، والأمر انحصر على رد فعل النظام السوري، الذي اعتمد على منظومات دفاعية عتيقة للغاية، لذلك كانت جدواها محدودة.

لكن، كيف سيؤثر ذلك على هيبة روسيا، وعلى حصتها من سوق السلاح العالمي؟.. هذا سيكون السؤال الأبرز في الأيام القليلة القادمة.. فمُشترو السلاح الروسي، سيترقبون تداعيات الضربة، وهل ستقف عند هذا الحد، أم سيكون لها موجات لاحقة؟، وهل كانت هناك تفاهمات سرّية من وراء الكواليس، تضمن عدم التصعيد العسكري المباشر بين الروس والغرب في سوريا؟، أم لا؟

الجواب على السؤال الأخير تحديداً، ستتضح معالمه في الأيام القليلة القادمة، وذلك عبر ترقب تداعيات الضربة، سياسياً، على نظام الأسد. فإن حصلت تطورات سياسية، في مواقف القوى المؤثرة بالمشهد السوري، باتجاه التسوية، على حساب نظام الأسد، فهذا يعني، ببساطة، أن روسيا عجزت عن حماية حليفها، وقدمت تنازلاً نوعياً، لإنقاذ نفسها من احتمالات المواجهة العسكرية المباشرة مع الغرب. وهذا يعني، أن السلاح الروسي، والغطاء السياسي المرافق له، غير كفيل بتأمين مُشتري هذا السلاح من الغضبة الأمريكية. وهو ما سيؤثر سلباً في حصة روسيا من سوق السلاح العالمي، وفي هيبتها الدولية التي عمل فلاديمير بوتين، بشكل حثيث، على ترميمها، خلال العقدين الأخيرين.

والعكس صحيح تماماً. بمعنى، إن بقي المشهد السياسي والميداني السوري على معادلاته الراهنة، فهذا يعني أن الضربة العسكرية الغربية المحدودة، وعدم حصول رد عسكري روسي حيالها، يُفيد بأن قوى الطرفين، العسكرية، متعادلة نسبياً، وأن الغرب اتفق مع الروس على تجنب المواجهة المباشرة في سوريا، عبر امتصاص الروس لضربة غربية محدودة، تحفظ هيبة الغرب، والأمريكيين تحديداً، لكنها لا تغيّر شيئاً على أرض الواقع. وهذا يعني أن الروس تمكنوا من حماية حليفهم الأسد، بجدارة. وهذا يعني، أن مُشتري السلاح الروسي، والطامحين بالغطاء السياسي الروسي المرافق له، يستطيعون الرهان بقوة وطمأنينة عليه.

ترك تعليق

التعليق