عنصرية طبية.. وفيروس يصيب الأطفال في شمال لبنان ومناطق سورية مجاورة


أعراض مرضية غريبة عانى منها عدد كبير من الأطفال في سوريا ولبنان، في المناطق الحدودية السورية اللبنانية، والمناطق القريبة حتى منطقة طرطوس الساحلية السورية، وكافة مناطق الشمال اللبناني. وذلك قبل بضعة أسابيع. هذه الأعراض هي: (إسهالات حادة، تقلصات شديدة في الأمعاء والبطن نتج عنها آلام بطنية شديدة، إقياء، غثيان، ارتفاع في درجة الحرارة، وهن وتعب شديدين، استلال العافية وعدم القدرة على النهوض). هذه الأعراض تبدأ بهجمة شرسة على جسم الطفل وتستمر مدة عشرة أيام تقريباً ثم تزول تدريجياً تزامناً مع اتباع وصفة العلاج المناسبة.

 ولكن، تم تسجيل استمرار الإسهال الشديد رغم أنه تم إعطاء الأطفال عدة أنواع من أدوية الإسهال، فلم توقف الإسهال، الأمر الذي نتج عنه عند الكثير من الأطفال الإصابة بالجفاف ولكن بدرجات متفاوتة، فبعض الأطفال أصابه تجفاف بدرجة بسيطة أمكن علاجه بإعطاء الطفل ثلاثة ظروف يومياً من مسحوق  دوائي يستخدم لعلاج حالة الإسهال الشديد خاص بالأطفال، كما يتم إعطاء الطفل المصول الفموية المساعدة. في حين بعض الأطفال وصلت حالتهم إلى الجفاف بدرجة وسطى، والبعض بدرجة كبيرة ولم يتم علاج هذه الحالات إلا بعد إدخال الطفل إلى المشفى بشكل إسعافي عاجل.

الأطفال المصابون في سوريا تم  إدخال غالبيتهم إلى المشافي وإعطاء الطفل الأدوية والسيرومات والمصول، فتم الحّد من انتشار العدوى نتيجة توفر المشافي المجانية والأدوية المناسبة، وقد ذكر أحد أطباء طرطوس أنه وصل إلى عيادته (25) طفلاً يعاني من نفس الأعراض.

الأطفال اللاجئون وانتشار المرض في لبنان

المشكلة الأكثر إيلاماً كانت في المناطق اللبنانية الحدودية مع سوريا بشكل خاص (مناطق الشمال اللبناني كافة)، فقد انتشرت العدوى بكثرة بين الأطفال السوريين بشكل خاص واللبنانيين على حد سواء، لكن الأطفال اللبنانيين لهم أطبائهم ومشافيهم، أما السوريين فقد ألمهم العجز والحاجة وتكلفة العلاج الباهظة في لبنان وباتوا عاجزين في أغلب الأحيان أمام علاج أبنائهم. ففي بداية أعراض المرض يتجه غالبيتهم بأبنائهم المصابين إلى المراكز الطبية العامة المخصصة  للسوريين والتي بغالبيتها يعمل فيها أطباء متدربون جدد ليكون السوريون حقل تجارب وتدريب. وأغلب الأطباء اللبنايين الجدد يجهلون الحالة وتشخيصها ويعطون الدواء غير المناسب، مما يؤدي لتدهور حال الأطفال، وهنا يضطر الأهل للذهاب بطفلهم بعد تفاقم حالته إلى طبيب خاص لبناني والذي تبلغ كشفيته (75) ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل (50) دولار أمريكي، ويضاف اليها أسعار الأدوية الباهضة، وبالإضافة لطلبه بتحويل الطفل إلى المشفى وبالتالي يترتب على ذلك تكاليف كبيرة لإجراء تحاليل وفحصوصات وغيرها تصل تكاليفها لمئات الدولارات تفوق قدرات أي لاجئ سوري في لبنان.

وشرحت  لنا أم لطفل سوري أصيب بنفس المرض وهي لاجئة في شمال لبنان، أن ابنها كان من المحظوظين من السوريين الذين ذهبوا بطفلهم إلى المركز الطبي في بلدة "الكواشرة" في محافظة الشمال اللبنانية، حيث يداوم فيها طبيب سوري متمرس تمكن من علاج غالبية الأطفال الذين قصدوه، حيث تبلغ  كشفيته (20) ألف ليرة لبنانية أي ما يقارب (13) دولار أمريكي، وتم العلاج بإعطاء الطفل إبر عضلية وأدوية شراب ومصول شراب تعطى عن طريق الفم للحد من الاضطرار إلى إدخال الطفل المصاب للمشفى وتخفيف الحمل عن السوريين.

وعن طرق انتقال هذا المرض، اختلفت آراء الأطباء، فبعضهم توقع أن يكون سببه  فيروس طفيلي يغزو الأمعاء، وقد يكون انتشر بالهواء والبعض توقع أن يكون انتشر مع الخضار كالخس والبقدونس.

عنصرية بعض المراكز الصحية اللبنانية والعاملين فيها

يعاني السوريون مشكلة كبيرة من سوء معاملة أغلب اللبنانيين، ومن ذلك أثناء توجه السوريين للمراكز الطبية اللبنانية لإعطاء الطفل الإبرة العضلية، إذ رفض أحد المراكز إعطاء الطفل السوري الإبرة وكان الجواب (إما بتخلي الطبيبة المناوبة تعيد فحص الطفل وتشخيص المرض وألا نحنا ما منعطي الابرة للطفل)، ورفض الصيادلة أيضاً التبرع بوخز الطفل السوري الإبر، بالرغم من أنهم قاموا بصرف الوصفة وقبض ثمن الأدوية ومن ضمنها الابر، وكانت أجوبتهم "خدو الطفل لعند دكتوره يعطيه الابرة نحنا ما منتحمل هيك مسؤولية وما بيصير ينعطى الطفل إبر"، وكل هذه الاعتراضات فقط لأن الطبيب المعالج سوري، ولا يوجد ختم طبيب أو مشفى أو مستوصف  لبناني على الوصفة.

وغالباً عندما تكون وصفة الدواء من طبيب سوري تتم "المسخرة "عليه من قبل الصيدلي اللبناني والتحدث بطريقة ساخرة والتشكيك بصحة العلاج وزرع الشك لدى السوريين بأن العلاج خاطئ، أما عندما تكون الوصفة من طبيب لبناني يتصرف الصيدلي اللبناني من دون أي تعليق. بالرغم من أن العلاج الأنجع كان من وصف الطبيب السوري وأفضل بكثير من اللبناني.

وكان عدد من الأطفال المصابين قد تم إدخالهم إلى المشفى لعدة أيام. وتمكن الأطفال المسجلين لدى الأمم المتحدة من إتمام العلاج حيث تتكفل الأمم المتحدة بنسبة 70% من التكلفة. ولكن بعض الأطفال غير مسجلين لدى الأمم المتحدة، حيث اضطر الأهل للسعي جاهدين لعدم إدخالهم إلى المشفى بسبب العجز عن دفع التكاليف مما اضطرهم إلى أخذ أطفالهم إلى أكثر من طبيب حتى تماثلوا للشفاء.
 
ومن آثار هذا الفيروس أنه ينتقل بالعدوى لبعض الأهل المحتكين مع الطفل المصاب. واستمرت الأعراض ما يقارب الخمسة أيام مع أخذ أدوية مناسبة للحالة.

ترك تعليق

التعليق