إيجارات المنازل في القلمون الشرقي.. قصّة ارتفاع مستمر


شهدت منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، على مدار السنوات الماضية، ارتفاعاً كبيراً في إيجار البيوت السكنية، وذلك بسبب الكثافة السكانية التي كان لها الدور الأبرز في زيادة أسعار الإيجارات، بعدما تحوّلت مدن وبلدات المنطقة إلى نقطة جذب للكثير من العائلات السورية النازحة التي تسعى وراء الحصول على ملاذ آمن من نيران الحروب.

في السياق ذاته، قال "أبو يحيى" وهو رب أسرة مكونة من سبعة أشخاص، من حي "جوبر" الدمشقي، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد"، "مضت 3 سنوات على وجودي أنا وعائلتي في منطقة القلمون الشرقي، تنقلت خلالها بين أربعة منازل، لأن أصحاب البيوت يطلبون من المستأجر دفع مبالغ مالية لعدّة أشهر متقدمة، أو يرفعون أجرة المنازل بعد فترةٍ وجيزة من قبولهم بإيجار منازلهم، وهذا ما يفوق أوضاعنا الاقتصادية المتردية أساساً بفعل استمرار الحرب والنزوح من مكانٍ إلى آخر".

وأضاف أن حالة بعض البيوت لا تتناسب مع ما يطلبه المؤجرون من مبالغ مالية، ذلك أنها بحاجة إلى ترميم وصيانة لكثير من تجهيزاتها ولا سيما التجهيزات الصحية الخاصة بالمطابخ والحمامات، في وقتٍ يعدّ فيه غالبية النازحين في عداد العاطلين عن العمل، بسبب الظروف المحيطة بهم جراء النزوح وقلة فرص العمل المتاحة أمامهم.

وأشار "أبو يحيى" إلى أنه تمكن من تأمين منزل سكني بموجب عقدٍ مدته ثلاثة أشهر بإيجار شهري قيمته 15 ألف ليرة سورية، لكن المفاجأة كانت بعد بضعة أشهر، عندما طلب مالك المنزل زيادة إضافية على قيمة الأجرة لتصل إلى20 ألف ليرة سورية.

بدوره قال "محمد الحمصي"، لموقع "اقتصاد"، "اضطررت إلى مغادرة مدينة الرحيبة، بعد أن أقمت فيها أنا وعائلتي المكونة من خمسة أفراد لمدّة عامين، والسبب أن الإيجارات تواصل ارتفاعها في هذه المدينة، التي تشهد عاماً تلو الآخر اكتظاظاً سكانياً، وهو ما يفوق قدراتي المادية، وبالتالي تتزايد مخاوفي في كل شهر من عدم قدرتي على تأمين مصاريف العائلة بما فيها أجرة المنزل".

وأضاف: "أقطن حالياً في مدينة جيرود المجاورة، وعلى الرغم من صعوبة الحياة وقيام صاحب المنزل برفع قيمة الإيجار إلا أنني أشعر ببعض الراحة في مقر إقامتي الجديد لأن الإيجارات والأسعار في جيرود تبقى أقل مما هي عليه بمدينة الرحيبة".

لا تنحصر مصاعب السكن في منطقة القلمون الشرقي الخاضعة لسيطرة المعارضة بالضغط السكاني، وصغر المساحة العمرانية، وقلّة الوحدات السكنية لكونها منطقة ريفية فحسب، وإنما تعاني المنطقة بالدرجة الأولى من إجراءات صارمة فرضها النظام على دخول مواد البناء إليها، ولا سيما مادة "الإسمنت" اللازمة إما لتنفيذ مشاريع عمرانية جديدة، أو لاستكمال مشاريع قديمة ما تزال متوقفة.

فيما يخص أسعار الإيجارات الشهرية للمنازل في مدن وبلدات القلمون الشرقي، أوضح "أبو محمد" أحد أصحاب المكاتب العقارية في المنطقة، أن إيجارات المنازل السكنية تتراوح ما بين 15 – 25 ألف ليرة سورية، فيما يختلف الأجر إذا كانت الشقة مفروشة، حيث أنها لا تقل عن 50 ألفاً، دون احتساب فواتير المياه والكهرباء في جميع عقود الإيجار.

وبينّ في حديثه مع "اقتصاد"، أن هذه الأسعار مرتبطة بعوامل عديدة أبرزها: مكان ومساحة السكن إضافةً إلى عدد الغرف الموجودة فيه وتجهيزاته الفنية والخدمية، وهي أسعار قد تبدو مرتفعة نسبياً ولا تتناسب مع الوضع الاقتصادي للكثيرين من أبناء المنطقة والنازحين فيها على حدٍ سواء.

وأشار "أبو محمد" إلى أن قسماً كبيراً من غير أبناء المنطقة النازحين إليها يضطرون إلى الحصول على موافقات أمنية من أفرع النظام لاستكمال شروط تثبيت عقود الإيجار بينهم وبين أصحاب المنازل في مدن وبلدات منطقة القلمون الشرقي، مع العلم أن قوات النظام تطالبهم بإبراز تلك العقود أثناء مرورهم عبر الحواجز العسكرية المحيطة بالمنطقة.

ترك تعليق

التعليق