مع تعاظم سيناريو التهجير.. قاطنو الجنوب الدمشقي يستطلعون تفاصيل الحياة في الشمال


قاطنو جنوب العاصمة من الرافضين للتسوية مع نظام الأسد والراغبين بالخروج من المنطقة، ينشغلون هذه الأيام بالتواصل وطرح الأسئلة على معارفهم وأصدقائهم من الذين سبقوهم في التهجير إلى الشمال السوري، سواء من حي القدم الدمشقي أو من بلدات الغوطة الشرقية، لمعرفة تفاصيل دقيقة عن الحياة في إدلب وطبيعتها، وإذا ما كانت مكلفة، وما يتوجب عليهم أخذه معهم قبيل انطلاق رحلة التهجير الشاقة.
 
فملف جنوب العاصمة دخل مرحلة حاسمة نتيجة تدخل الطرف الروسي وطلبه من الفصائل العسكرية في بلدات الجنوب الدمشقي، حسم قرارها بين ثلاثة خيارات، التسوية أو التهجير، والخيار الثالث الحرب. وتم طرح الخيارات الثلاثة يوم الاثنين الماضي في اجتماع جمع ممثلين عن بعض فصائل المقاومة وثلاثة جنرالات روس، بالإضافة لعميد من قوات النظام، تلاه اجتماع آخر يوم أمس السبت، تحددت فيه الخطوط العريضة لمصير المنطقة والتي تلخصت باتفاق على الخروج، فيما تُركت الخطوات التنفيذية لهذا الاتفاق لوقت لاحق. فيما تحاول البلدات الثلاث، يلدا ببيلا بيت سحم وفصائل المقاومة فيها، إيجاد صيغة تحمي البلدات ومن يرغب بالبقاء فيها، من أخطار المليشيات الشيعية من جهة، وتنظيم الدولة من جهة أخرى.
 
  هذا التطور السريع والمفاجئ لكثير من الناس في جنوب العاصمة، دفعهم للبحث عن مستقبلهم القريب في إدلب أو إحدى مناطق الشمال السوري بعد الخروج.

 عبدو أحمد، لاجئ فلسطيني من مخيم اليرموك ومقيم في بلدة بيت سحم، يقول لـ "اقتصاد": "منذ فترة طويلة ونحن نعيش في المنطقة حالة من الانتظار والترقب بين إشاعات التهجير والبقاء. لكن الآن الوضع شبه محسوم. الخروج من المنطقة سيكون قريباً. وأعتقد أنها مسألة أيام. بالنسبة لي لا أريد أن أُصدم بالواقع الجديد في رحلتي القادمة، لذلك تواصلت مع أصدقائي من حي القدم الذين خرجوا إلى إدلب قبل فترة قصيرة لأسألهم كيف ستكون أيامي الأولى هناك وما يتوجب علي أخذه معي من هنا. ونصيحة أصدقائي تلخصت بما يلي: (الرحلة شاقة ومتعبة لا تتوقع أن حياتك ستكون سهلة فأنت خرجت بحاجاتك الشخصية فقط عند وصولك للمخيم سيعطونك سلة غذائية وبطانية وفرشة ستقيم في المخيم لمدة خمسة أيام عليك أن تبدأ بالبحث عن منزل للإيجار. الأسعار في إدلب تتراوح بين 8000 ليرة إلى 50000 ليرة شهرياً، بحسب موقع المنزل وكسوته. اصطحب معك بعض الصحون والملاعق وإبريق شاي وكاسات، لأنك ستدخل إلى منزل غير مفروش ستحتاج إلى عدة أيام لتتأقلم مع وضعك الجديد والذي سيكون مرتبط بمستواك المادي، وإذا كنت ترغب بالانتقال فوراً إلى تركيا فالأمر ليس مستحيلاً لكنه مكلف)".
 
علي أبو حسين، من سكان بلدة يلدا حالياً، يقول إنه طلب من  صديق له في إدلب أن يختصر له طبيعة الحياة هناك وكم تكلفة المعيشة الشهرية تقريباً، والذي قال له "ستفاجئ بالمنطقة هنا كل شي عليك أن تشتريه بالمال. لكن بطبيعة الحال تبقى أفضل من الحصار. كلفة المعيشة الشهرية تقريباً 150 دولار للشخص، وإيجار منزل في وسط إدلب تقريباً 25 ألف ليرة، وكلما اقتربت من الحدود التركية ارتفعت الأسعار إضافة لمصروف المياه والكهرباء والانترنت والغذاء وإمكانية الحصول على فرصة عمل ضعيفة لكن عليك أن تبحث".
 
في سياق آخر، يقول الناشط حاتم الدمشقي لـ "اقتصاد" إن تجار المنطقة الراغبين بالبقاء أو من يمكننا تسميتهم بتجار الأزمات  يرفضون شراء أي شيء من ممتلكات الراغبين بالخروج ممنين أنفسهم بالاستيلاء عليها بعد خروجهم إن تم تنفيذ الاتفاق. بالنسبة لكثير من الأشخاص فإنهم يفضلون إتلاف ممتلكاتهم الشخصية على أن يتركوها لضعاف النفوس هؤلاء.

ترك تعليق

التعليق