أراضي وغابات ريف اللاذقية.. حسرة في نفوس المهجّرين يزكيها موسم الربيع


تقدم نظام الأسد في ريف اللاذقية بداية عام 2016، فنزح معظم سكان قرى جبلي الأكراد والتركمان وسكنوا المخيمات، وفقدوا موردهم الوحيد لجني المال من أجل تأمين حاجات حياتهم اليومية.

وتعمد نظام الأسد حرق الغابات وتدمير الغطاء النباتي وزرع الأراضي بالقنابل العنقودية.

تتميز النواحي التي كانت محررة من ريف اللاذقية، "ربيعة وكنسبا وسلمى"، بتعدد البيئات المناخية، ففي المناطق المنخفضة القريبة من الطريق الدولي (اللاذقية جسر الشغور) وناحية ربيعة، كانت زراعة البرتقال والزيتون والخوخ والرمان والجوز والمانغا، تدر دخلاً جيداً للسكان المحليين، وذلك بسبب ارتفاع الرطوبة والحرارة.

وفي الجبال كقرى "طعوما والكبينة ودويركة وعكو وشلف وكفرته ومرج خوخة والغنيمية"، كان شجر التفاح هو الغالب، ويتمتع بشهرة كبيرة على مستوى سوريا، لجودته.

ومع بداية الثورة وتحرر المنطقة، أصبحت الأراضي المواجهة لأماكن تمركز نظام الأسد خطرة، وذلك بسبب استهداف المزارعين بالرشاشات والصواريخ وقذائف المدفعية.


دفع هذا سكان المنطقة للتوجه إلى الطبيعة والغابات التي أصبحت بديلاً جيداً في تأمين دخل يعين على مصاعب الحياة، وتأمين الحاجات الشخصية.

كان لقطاف ورق الغار وزهر شجيرة الشنبوط البري وأزهار شجرة السنجريق وورق شجر الزعرور ونبات السعتر البري واللوف والوليفة، مردوداً جيداً.

وبعد تقدم نظام الأسد في المنطقة نزح الأهالي إلى المخيمات الحدودية وفقدوا مناطقهم وغاباتهم.

وتمركزوا في منطقة أصبحت جرداء من الغابة، لأن النظام قد تعمد إحراقها باستخدام القذائف الحارقة ومادة النابالم، مما دمر الغطاء الشجري والعشبي، وهذا ما حرم النازحين من الاستفادة من الطبيعة لتأمين مورد مالي.

أبو خالد، كان ومنذ بداية الثورة يجمع ما يتم قطافه من أوراق نباتات وأزهار بأسعار مناسبة، وبدوره يقوم ببيعها للتجار من حلب والمنطقة الشرقية، أصبح الآن عاطلاً عن العمل ويبدي حسرته على هذه الجبال التي أصبحت جرداء، ومزروعة بالقنابل عوضاً عن الأعشاب والشجيرات والأشجار.

وحسب قوله، "لن نستطيع الاستفادة من الغابة في المنطقة كلها، ولا من الأراضي الزراعية قبل تطهيرها من القنابل العنقودية والبراميل والقذائف التي لم تنفجر".


جاء الربيع وهو موسم جمع الأزهار والنباتات القابلة للبيع، والتي تستخدم في صناعة البهارات والعطور والصابون، بينما سكان المخيمات من أهالي ريف اللاذقية لا حول ولا قوة لهم.

فهم يعيشون في غير أماكن حياتهم، وفي بيئة لم يعتادوا عليها وقد فقدوا أراضيهم وغاباتهم.

في مثل هذا الوقت من كل عام "قبل تقدم نظام الأسد"، كانت النسوة والأطفال يذهبون لقطاف زهر شجر السنجريق "وهو صالح للأكل وذو مزاق حلو ولونه يتراوح بين الزهري والبنفسجي"، ويتم بيعه للتجار من أجل صناعة العطور والبهارات والصباغ، ويتبعه قطاف زهر شجيرة الشنبوط.

وتشتهر بهذا النوع من الأشجار قرية طعوما وعرافيت وعكو حيث ينمو في الغابة مع أشجار القطلب والسنديان، والآن انتهى كل شيء.

ما أجمل تلك الأيام، "يقولها بحسرة مصطفى"، وهو يجلس على الأرض ويسند ظهره إلى حجرة وضعها أمام خيمته في مخيم الزوف.

ويضيف: "حتى السعتر أصبحنا نحلم به، ولا نجرؤ على الذهاب ولو لقطاف الخبيزة والحميضة من أجل صحن "حويشّ" خوفاً من انفجار عنقودية أو قذيفة".

ترك تعليق

التعليق