فوضى المدارس والتشبيح في تلكلخ وريفها.. نموذج يعمم في مناطق النظام


قبل أحداث الثورة، وفي بدايتها، كانت مدارس تلكلخ وريفها- في ريف حمص الغربي- مجهزة بكادر تدريسي شبه كامل من معلمين ومدرسين من داخل الملاك من مدرسي مدينة تلكلخ والقرى المحيطة ومن مدينة حمص. وكانت أعداد كبيرة من الشواغر يشغلها مدرسو منطقة وادي النصارى التابعة لمنطقة تلكلخ.

ومع بداية أحداث الثورة في مدينة تلكلخ تم الفصل بين طلاب المدارس في تلكلخ المدينة، وأصبحت هناك مدارس لأبناء مدينة تلكلخ والنازحين فيها من الطائفة "السنية" طلاباً وكادراً تدريسياً، وأخرى مخصصة لأبناء مدينة تلكلخ من الطائفة العلوية طلاباً ومدرسين أيضاً في المناطق المتاخمة لقراهم. كما تم نقل كافة مدرسي قرى وادي النصارى إلى مدارس قرى وادي النصارى بعد اعتراضهم على متابعة الدوام في مدارس تلكلخ وريفها بحجة الخوف من العصابات "الإرهابية" المسلحة، على حسب إدعائهم حينها، حيث استغلوا الفرصة للانتقال إلى قراهم والتي كان من المستحيل توفر الشاغر فيها لهم، نتيجة الأعداد الكبيرة للمدرسين في قراهم.

ونتيجة ذلك امتلأت مدارس تلكلخ وريفها بالأماكن الشاغرة، في مقابل تخمة مدارس وادي النصارى بالفائض من المدرسين والمدرسات حيث أصبحت أعداد كبيرة من المدرسين تداوم دواماً احتياطاً لعدم توفر الشاغر لها.

مدارس تلكلخ بدون كفاءات

عانت مدارس تلكلخ وريفها من نقص كبير بأعداد المدرسين، ولاسيما مدرسي الاختصاص في المرحلة الثانوية، وتم تعويض النقص من خلال تعيين مدرسين وكلاء أغلبهم طلاب في المرحلة الجامعية سنة أولى وثانية وثالثة وغالبيتهم ممن وصل إلى الجامعة في فوضى امتحانات وفساد غير مسبوق.

كما عانت مدارس المرحلة الابتدائية من نقص كبير في معلميها وهي مرحلة التأسيس  للطلاب .مرحلة غاب فيها المعلم القدير القادر على السير بالجيل نحو تأسيس متين.

 فقد اضطر معظم المعلمين للسفر أو الهروب خارج البلد، وتم نقل كافة معلمي قرى وادي النصارى، فامتلأت المدارس بالوكلاء ممن هم حاصلين على الشهادة الثانوية العامة أيضاً، في ظروف امتحانات مشبوهة، وأغلبهم لا يميز الأخطاء الإملائية والنحوية بأبسط أساسياتها. في حين مدارس ريف تلكلخ امتلأت بالمدرسات الجدد الوكيلات وغلب على تعيينهم الواسطة أو العلاقة الشخصية بأحد موجهي وموظفي المجمع التربوي الذي غالبية موظفيه الساحقة من ذوي قتلى مؤيدي النظام أو من فئات طائفية موالية له.

مدارس منطقة تلكلخ بلا ضوابط أخلاق المهنة

في مدارس تلكلخ وريفها، معلمات تسرن بالجيل إلى الهاوية حيث أن المعلمات "الوكيلات" تذهبن إلى المدارس وهن يبالغن بالتزين والخلاعة في اللباس، وكأنهن ذاهبات لعرض الأزياء، بما يرافق ذلك من ألوان وموديلات الشعر والأظافر الطويلة المطلية بالمناكير- فهل مثل هؤلاء قادرات على النهوض بطلابنا أخلاقياً وعلى تعليم أطفالنا المنهاج الجديد الصعب الذي بالأساس أثقل كاهل الطلاب وذويهم وفاق إمكاناتهم، تتساءل أمهات وأولياء الطلاب والتلاميذ-  وما انتشر في المدارس اليوم وبات حديث المجتمع هو موجة العلاقات الغرامية بين المدرسات الوكيلات وعناصر" الشبيحة" والتي باستمرار "الوكيلة" فيها، يستمر وجودها في المدرسة.

مدارس وادي النصارى واحتكار الكفاءات الفائضة عن الحاجة

في المقلب الآخر، تجد مدارس وادي النصارى قد احتفظت بمدرسيها مع وجود فائض كبير في المجمع التربوي وفي كل مدرسة، كما حافظت على المستوى التعليمي مع وجود انتهاكات عدة، وأسئلة استفهام عديدة حول امتحاناتها وقد غض الطرف عنها وهي التي طالما سُجلت فيها علامات خيالية بعيدة عن الواقع كحال أغلب مناطق مؤيدي النظام التي شهدت وتشهد فساداً تعليمياً فاضحاً مسكوت عنه.

وهنا يطرح الأهالي في منطقة تلكلخ السؤال الكبير، إذا كانت منطقة تلكلخ آمنة بالكامل، كما صنفتها جهات أمن النظام، فأين مدرسي وادي النصارى المعينين أساساً فيها؟

 منطقة تلكلخ اليوم آمنة بشكل كامل ومع هذا رفض مدرسو منطقة وادي النصارى المعينين أساساً في مدارس تلكلخ وريفها العودة إلى التدريس في مدارس منطقة تلكلخ، وقد فشلت عدة محاولات لمجمع مدينة تلكلخ لجلب عدد من مدرسي وادي النصارى من ذوي الاختصاص للتعليم في مدارس تلكلخ في المرحلة الثانوية لكثرة شكاوي الطلاب، وعدم توفر مدرسين ذوي كفاءة في تعليم مواد المرحلة الثانوية.

معوقات كثيرة تعرقل العملية التعليمية والتربوية وتشبيح واعتداءات على مدرسين في مدارس تلكلخ

تعيش اليوم مدارس تلكلخ وريفها فوضى كبيرة  فطلاب المرحلة الابتدائية يعانون من صعوبة كبيرة وضخامة في المنهاج وعدم وجود معلمين مثبتين ذوي خبرة وكثرة حصص الفراغ نتيجة تكرار غياب المدرس الوكيل.

أما طلاب المراحل الاعدادية والثانوية فقد غرقت المدارس بفوضى تعليمية وأخلاقية. فعدد لا بأس به من الطلاب الذكور متطوعين هم أو آبائهم وأخواتهم ضمن مجموعات الدفاع "الوطني".

 وهنا المدرس يبقى عاجزا أمام الطلاب غير قادر على ضبطهم أو فرض رأيه ولا حتى قادر على توفير الجو الملائم لإعطاء الدرس وكثير من قصص الاعتداء التي قام بها طلاب في مدينة تلكلخ وريفها ضد بعض المدرسين والمدرسات بالاضافة  لذلك "المسخرة" والاستهزاء على بعض المدرسات على صفحات الطلاب في "فيسبوك" وعجز الإدارة والكادر التوجيهي والتدريسي عن وضع حد للطلاب خوفاً من التقارير الأمنية الكيدية والتي راح ضحيتها عدد من المدرسين، كما أن هناك اعتداءات لم تحل إلا بتدخل سلطة أمنية.

مسابقات.. تعيينات جديدة لملء الشواغر.. 50% ذوي قتلى النظام والمصابين بالعجز التام

بعد أن أعلنت وزارة التربية أخيراً عن مسابقة  كمحاولة لسد جزء من النقص الكبير بأعداد المدرسين في المدارس، وصدرت النتائج وتم تعيين الناجحين، كان 50% من المعينين هم من ذوي "الشهداء" والمصابين بالعجز التام وتم تعيين عدد من الناجحين في المسابقة في مدارس تلكلخ وريفها كتعيين مؤقت حتى بداية العام القادم حيث ستتم إعادة النظر بالتشكيلات وبما أن شرط المسابقة 50% من ذوي "الشهداء" والمصابين بالعجز التام، وما أكثر هؤلاء في منطقة تلكلخ وريفها، يطرح التساؤل التالي بكثرة: هل لهؤلاء القدرة على النهوض بالعملية التعليمية التي أصبحت تعاني من فشل ذريع وباتت تحتاج إلى معجزة؟!

مدارس للتسلية وإضاعة الوقت والمدرس الحقيقي هو مدرس الخصوصي

لم تعد المدرسة تهم الطلاب سوى لتثبيت حضور من أجل التأجيل عن الخدمة العسكرية الإلزامية فالطلاب يحضرون صباحاً لتسجيل الحضور ويحضرون الحصة التي تحلو لهم ومن ثم يهربون من المدرسة ويتجمعون في شرب الدخان والأركيلة تحضيراً لبدء الدروس الخصوصي بعد انتهاء المدرسين من الدوام الرسمي.

تجتاح مدينة تلكلخ وريفها ظاهرة الدروس الخصوصية والتي أثرت سلباً على العملية التعليمية في المدارس طلاباً ومعلمين وأصبح همّ المدرس هو جمع أعداد أكبر من طلاب الخصوصي فيبدأ المدرس في بداية العام الترويج للطلاب بأن الامتحانات هذا العام ستكون نظامية ليسجل الطلاب عنده دروس خصوصي، وكل عام نفاجأ بأن الامتحانات أسوأ من العام الذي مضى والغش و"التنقيل" وتسريب الإجابات يسود الموقف.
 
وارتفعت أسعار الدروس الخصوصية في تلكلخ كما هو حال باقي مناطق سوريا، ولكن للتخفيف على الطلاب بات مدرس الخصوصي يجمع الطلاب في مجموعات كل مجموعة تضم أربعة أو خمسة طلاب حيث يدفع كل طالب مبلغ (350) ليرة سورية على ساعة الدرس الواحدة إذا كان ضمن مجموعة، وإذا كانت المجموعة مؤلفة من طالبين فقط فيدفع كل طالب مبلغ (500) أو (600) ليرة سورية، تبعاً للمادة وشهرة المدرس، أما إذا أراد الطالب أن يأخذ الدرس الخصوصي بمفرده فيدفع مبلغ (1000) أو (1200) ليرة سورية، تبعاً للمادة والمدرس. أما الدروس الخصوصية في منطقة وادي النصارى فتفوق هذه الأسعار ثلاثة أضعاف.

شكاوى ولباس عسكري "تشبيحي" داخل المدارس والعجز عن إيجاد حلول

كثرت الشكاوي عن مدارس تلكلخ وريفها ووصلت الشكاوى إلى مديرية التربية في حمص وإلى وزارة التربية في دمشق عن الفوضى الكبيرة في الصفوف أثناء إعطاء الدرس وأثناء الامتحانات وعن حضور بعض الطلاب وبعض الإداريين بلباس الدفاع المدني وعن كثرة التقارير الأمنية ضد المدرسين والاداريين والتي راح ضحيتها عدد من المدرسين والاداريين وعن تعرض بعض المدرسين والمدرسات لتهديدات من عناصر أمنية وتشبيحية نتيجة موقف مع طالب ما وعن هرب الطلاب من المدارس والتجمع خارج المدرسة على لعب الفيشة والتدخين وشرب الاراكيل وحمل السلاح وحول كثرة المشاكل والنكايات بين المدرسين والاداريين وقد تمت إحالة أكثر من مدير ومدرس إلى الفروع الأمنية.

قرارات كثيرة صدرت من مديرية التربية بشأن العملية التعليمية كمحاولة لضبط الأمور في مدارس تلكلخ، ولكن كلها كانت لصالح الطالب كتحذير المدرس من إخراج أي طالب من الحصة الدرسية لأي سبب من الأسباب وإلزام المدرسين على حضور دورات للمناهج الحديثة، دون أن تتمكن مديرية التربية من تأمين مختصين يديرون هذه الدورات فكانت الدورات عبارة عن محاضرات قام بها موجهون وصلوا إلى التوجيه بالواسطة، أيضاً، كما تم إرسال جولات دورية للموجهين الاختصاصيين من حمص ومن وادي النصارى إلى مدارس تلكلخ وريفها، ولكن ما من نتائج لهذه الزيارات سوى توجيه الملاحظات للمدرسين والمدرسات حول كيفية سير الدرس.

ففوضى المدارس وكثرة اعتداءات الطلاب على مدرسيهم سادت أنحاء سوريا وما كان لوزير التربية، هزوان الوز، إلا أن عمم على المدارس القرار الآتي: "لا أسمح أن يكون هناك أي عقوبة لفظية أو جسدية من قبل أي معلم بحق أي طالب.. كما لن نسمح بأن يكون هناك أي إساءة من قبل أي طالب بحق أي مدرس".

 ويستمر التشبيح والفساد في عموم الوطن باسم الوطن.

ترك تعليق

التعليق