أديب سوري يؤسس مكتبة لبيع واستعارة الكتب في كلس


"الكتابة مهنة الفقراء".. تنطبق مقولة الفيلسوف والأديب الأندلسي، أبو حيان التوحيدي، هذه، على المكتبة المتواضعة التي أسسها الأديب السوري، عبد الغني حمادة، في مدينة كلس التركية.

وفي مكتبته الصغيرة، تجد حمادة الستيني منهمكاً بترتيب الكتب وتوزيعها على الرفوف القديمة ليكسر حدة بياض الجدران، غير مبالٍ بقلة العناوين، فالخطوة في بدايتها، والكتب مرتفعة الثمن.

وبوجه مبتسم يقول لـ"اقتصاد": "لا بأس أن نبدأ بما يقارب الـ 100 عنوان، المهم أن نمضي بالفكرة والبقية تفاصيل".

 يردف وكأنه تذكر شيئاً: "لو قدر لي أن أجلب مكتبتي المنزلية من بلدة كفر حمرة في ريف حلب الغربي، لكان لدي الآن مكتبة متكاملة تضم ما يقارب الـ800 عنوان".


يضيف حمادة وهو الرئيس السابق لاتحاد الكتاب والأدباء السوريين الأحرار، "بدأت الآن معتمداً على الأدباء السوريين هنا بتجميع أكبر قدر ممكن من الكتب، وكذلك هناك اتصالات أجريها الآن مع دور النشر العربية في تركيا، على أمل أن أجمع أكبر عدد ممكن منها".

يتابع وهو يشير بيده إلى القسم الصغير الممتلئ بالكتب، "تأمين الكتاب في تركيا في غاية الصعوبة، وهذه الصعوبة تأتي من أوجه عدة، في مقدمتها قلة النشر والطباعة، وغلاء المواصلات وأجور نقل الكتب، وكذلك غلاء الكتب هنا مقارنة بالدخل المتوسط للسوريين في تركيا".

ومشيحاً بوجهه عن الرفوف التي لا زالت فارغة يقول: "تصور أن سعر الكتاب الواحد يقارب الـ 25 دولار أمريكي هنا، هو مبلغ كبير على القارئ الذي يبحث عن ثمن الخبز".


ويكمل حمادة متحدثاً عن غلاء الطباعة، "تتجاوز تكلفة طباعة النسخة الواحدة 10 ليرات تركية، علماً بأن المطبعة تفرض عليك عدد نسخ محدود يفوق الـ200 نسخة، وهذا المبلغ غير متوفر لكل الكتاب".

ينهض على عجل وهو يعرض علينا نسخة من عمله القصصي الذي طبعه بطريقة بدائية (تصوير وتجليد)، "وجدت الحل في هذه الطريقة الرخيصة، حتى لا يضيع ما أكتبه هنا".


وإلى جانب ذلك، يشير حمادة إلى الإحجام عن القراءة من قبل السوريين، ويقول في هذا الخصوص، "بالإضافة إلى كوننا من الأمم الأقل قراءة، فقد فرضت الأوضاع علينا صعوبات كثيرة تحول دون القراءة، من بينها الأوضاع الاقتصادية المتردية، إلى جانب توجه البعض لتعلم اللغة التركية، وكل ذلك يضعنا بمواجهة مباشرة مع خطر ضياع اللغة العربية، وخصوصاً لدى الأطفال".


ومشيراً إلى كتب ملونة يردف: "لذلك خصصت جزءاً كبيراً من جهدي لكتب الأطفال، لأن هذه مهمتنا ككتّاب وآباء، فاللغة العربية مسؤوليتنا".

وهنا يشير حمادة إلى أنه أتاح استعارة الكتب وخصوصاً قصص الأطفال للأهالي بمبالغ زهيدة جداً، لا تتعدى النصف ليرة تركية لليوم الواحد، ويعلق ضاحكاً، "لا بأس بأن يعيدوها وهي متسخة قليلاً، المهم أن يرتبط الطفل باللغة العربية، لأنه لا بد من عودتنا إلى سوريا قريباً".

أما عن أسعار الكتب، أكد حمادة أن أسعار الكتب تتدرج من 5 إلى 25 ليرة تركية، مبيناً أنه يحاول في الوقت الحالي الاعتماد على الكتب رخيصة الثمن.


ترك تعليق

التعليق