"أبو العبد".. قصة مبدع سوري انتصر على تحديات الحياة


أبو العبد حوا – كان من أوائل الثوار في اللاذقية، خرج في المظاهرات وهتف لإسقاط بشار الأسد، وساهم بكل ما يخدم الثورة السلمية بصمت وهدوء، حتى جاءه من يخبره أن أمن النظام قد أصبح على علم بنشاطاته.

خلال بضع ساعات كان في لبنان مع زوجته، وبقي أحد أبنائه في اللاذقية فاعتقله النظام وصفاه في أقبية مخابراته.

لم يستسلم وهو المبدع متعدد المواهب، فهو الميكانيكي والنجار وبخاخ الموبيليا والحفار على الخشب ومبدع العمل بالموزاييك.


وصل إلى لبنان لا يملك شيئاً سوى معرفة بعض الأصدقاء، قدم له أصدقاؤه المسكن المؤقت عند وصوله مع بعض المساعدات ريثما يستطيع تأمين عمل.

لم يُضع الوقت وبحث عن مخزن يستطيع به ممارسة هوايته بالحفر على الخشب وصناعة الموزاييك والمفروشات.


وجد المخزن وتمكن بالتعاون مع الأصدقاء من تأمين المعدات البسيطة التي تلزمه للحفر على الخشب واستلم أول عمل له.

كان ومازال مبدعاً، قام بأول عمل له بصناعة طقم من الترابيزات الخشبية بطريقة فنية لا يقدر عليها إلا هو وأمثاله، كانت محطاً للإعجاب ومفتاحاً لطاقة القدر.

توسع في عمله لينتقل إلى صناعة المفروشات المنزلية بطريقته اليدوية التي تحمل لمسته الخاصة.


أبو العبد حوا، أصبح محطّ أنظار طالبي القطع المميزة والخصوصية من المفروشات المنزلية من أصحاب الثراء وكبار الوجوه الاجتماعية اللبنانية.

يقول أبو العبد: "أطلب من الزبون أن يحدد ما يريد وأن يختار الألوان التي يحبها ويفضلها وأن يترك التفاصيل لي".

وأضاف: "أحياناً يحضر لي الزبائن صوراً ويطلبون مني نقشها على الخشب، وغالباً ما تكون معقدة، ولكنني أستطيع بهدوء وصبر أن أخطها بسكيني وإزميلي بشكل أقرب ما يكون للحقيقة، وينال عملي الرضا دائماً".


وتابع: "أعاني أحياناً من ضيق الوقت مع طلب الزبائن الإسراع بقطعهم المطلوبة وخاصة غرف النوم، وهذا الأمر يزعجني، فأنا أحب العمل بهدوء وروية ولا أستطيع الاستعانة بأحد ليساعدني في الأمور التي تحتاج إلى لمسة فنية وذوق خاص، وتفاعل مع طبيعة الزبون ونفسيته".

"كل أعمالي يجب أن تتلاءم مع روح الزبون ونفسيته وطبيعته المرحة أو المتفائلة أو السوداوية أحياناً، وكذلك ما يتلاءم مع معتقده ومدى تمسكه بدينه أو مذهبه، وحتى سلوكه وتمسكه بالعادات والتقاليد أو تحرره منها، وغالباً ما أضطر إلى توجيه أسئلة شخصية له لأكوّن الفكرة التي تلائمه".


فقدَ أبو العبد كل شيء في سوريا، فقد وضع نظام الأسد أملاكه ومشغله تحت الحجز الاحتياطي، ومنعه من التصرف بها، وخسر سيارتين حديثتين لم يتمكن من إحضارهما إلى لبنان، وفقد ابنه، ومازال رغم تقدم السن ومرض الربو ذلك الرجل المؤمن بحتمية الانتصار وإمكان العودة إلى الصفر والبناء من جديد.


وصفه صديقه المحامي "أبو عبيدة" بالفنان المتجدد العطاء، والحرفي المبدع وصانع المعجزات، القادر على التأقلم مع كل الظروف واتقان كل عمل بمدة قصيرة، الرجل القادر على النهوض مهما سقط، محب الحياة كما هو مؤمن بحتمية الموت، وضرورة العيش حتى آخر لحظة.

وأضاف أبو عبيدة: "لؤي أبو العبد، أعرفه منذ أكثر من 15 عاماً، وأستطيع أن أصفه بأنه الرجل السوري الذي نبت من طين سورية، وهو من سلالة مبدع الأبجدية التي قدمت الثقافة والعلم والفن للبشرية".

ترك تعليق

التعليق