ابن مدينة العنب.. يحافظ على مهنته رغم تغير ظروفها


لم ينسى العم "أبو شفيق" إحضار مقصه الخاص بالتقليم مع الحوائج القليلة التي حملها من أمتعة بيته قبل مغادرته له عقب الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام نهاية العام ٢٠١٢ على مدينته داريا.

في حقول مدينته الشهيرة بعنبها وكثرة أشجارها زاول العم مهنة التقليم لعشرات السنين وكانت هي المهنة التي ورثها أباً عن جد كما يروي لـ "اقتصاد".

وبينما كان "أبو شفيق" منهمكاً بتشذيب أغصان دوالي العنب الجافة في إحدى شرف منازل دمشق حيث أقام مؤخراً تابع حديثه: "بعد قدومي الى العاصمة تعرفت للكثير من الجيران وتعرفوا على مهنتي ومن وقتها بدأت الطلبات تنهال علي".

وبخفة وأناقة كان المقص يتحرك بين يدي صاحبنا، محولاً من أكوام الأغصان المتراكمة فوق بعضها إلى دالية مشذبة وقوية تبدو بأنها ستكون أماً لعشرات من عناقيد العنب في الموسم القادم.

في ضواحي دمشق القديمة حيث يتدلى من على شرفات المنازل أشجار دوالي العنب وعروق الياسمين واللبلابة وجد "أبو شفيق" مكاناً يحافظ فيه على مهنته القديمة مع فارق الاختلاف بين العمل الآن وفي الماضي. "صحيح أنني لازلت أقلم الأغصان ولكنها بضع شجيرات وبعض من نباتات الزينة على شرفات المنازل أو فوق الأسطحة. وكنت فيما مضى أقلم مزارعاً وحقولاً بحالها وكان العمل يبدأ منذ الشتاء وبالكاد ننتهي قبيل الصيف"، يقول "أبو شفيق".

كانت أغصان الأشجار تزداد تألقاً ونمواً كلما شذبها "أبو شفيق" بمقصه وهو مسترسل بالكلام، "الآن هي ساعات قليلة أقضيها بقص الأغصان واحتساء فنجان قهوة مع صاحب الدار".

استطاع الرجل من هذه المهنة البسيطة أن يحقق مردوداً لا بأس به يؤمن له قوت يومه وأكثر بقليل خلال فصل الربيع عندما تكثر طلبات التقليم، حيث يوضح أبو شفيق: "ليس لدي تسعيرة محددة للقص، إنما ما يخرج من خاطر الزبون فهو نصيبي".

وأخيراً، يأمل هذا الريفي كما الكثير من أمثاله، العودة إلى حقولهم ومنازلهم حيث الهواء العليل وبساطة الحياة. فحياة المدينة رغم صخبها واتساعها باتت تضيق على "أبو شفيق" ويغلب عليه اشتياقه لأرضه حيث التقليم يصبح شاقاً ومربحاً أكثر.

ترك تعليق

التعليق