بالصور: حرفي سوري يبدع منحوتات معدنية تنطق بالإبداع في لبنان


يعمل الفنان السوري اللاجئ، "عبد الرحمن حمود"، على إحياء التراث القديم على طريقته الخاصة، من خلال تجربته في صب المعادن وبخاصة البرونز، الذي يعتبر المادة الأصعب تناولاً في تاريخ الفن الإنساني. ولكنه في عمله على هذه المادة العصية على التشكيل يبدو وكأنه يخط بسكين على قالب زبدة، أو يرسم بأصابعه على رمال الشاطئ ليبدع أعمالاً فنية غاية في الجمال والروعة، وتحفاً رائعة تبدو وكأنها خارجة من صندوق التاريخ المليء بالكنوز والأسرار.


 وإذا كان من السهل أن نرى الأعمال الفنية مجسَّدة بمختلف تقنياتها وأساليبها وطرائق تنفيذها، وأن نقرأ عن إنجازات القدماء ونرى آثارهم الفنية في أجنحة المتاحف، فإن أعمال الفنان حمود تتيح لمشاهدها فرصة أن نعانق الماضي العريق روحاً وجسداً ونستنشق أنفاس التاريخ القديم وكأننا نشم زهرة برية بين أيدينا.


ندلف إلى محترفه في ضاحية الأوزاعي بييروت حيث يعيش لاجئاً منذ سنوات فيبدو كمغارة علي بابا يعج بالتحف والشمعدانات والقطع الفنية الرائعة التي تعيدنا إلى زمن القياصرة، وقصور الملوك والأمراء، ابتكر بعضها من تلقاء ذاته واستقى بعضها الآخر من أعمال مجسمة لينفذها بطريقة "الصب", وهي عملية صناعية تعود لأكثر من ستة آلاف سنة ويتم من خلالها صب المواد السائلة في قوالب مجهزة بفتحات وتجويفات على حسب الشكل المطلوب، ويتم بعد ذلك تجميد هذه المواد ويُسمى الجزء الصلب-الذي يتم إخراجه من هذه القوالب لاتمام عملية الصب-بالمصبوب- وتشير معلومات تاريخية إلى أن أقدم عملية صب باقية إلى الآن هي لضفدع نحاسى من سنة 3200 قبل الميلاد.



عمل حمود مع أشقائه في مهنة صب المعادن بمدينة حلب ولم يكن قد تجاوز الحادية عشرة من عمره فتعلم أسرارها على أيديهم، وكانت هذه المهنة-كما يروي لـ "اقتصاد"، تعتمد على نسخ أي مجسم سواء كان من الصلصال أو الخشب أو غيرها من الخامات.


 ولهذه المهنة–كما يقول– نوعان: الأولى يعتمد على الرمل، والثاني عن طريق "الشمع المفقود".



 ويشرح حمود مراحل عمله على صب القطعة المراد نسخها سواء كانت من النحاس أو البرونز حيث يقوم بدفنها في الرمل وإعادة سحبها ليتم أخذ نسخة منها وفتح مجرى لسريان المعدن المذاب، ولا يضيف إلى البرونز-كما يقول- أي معدن آخر، بينما اعتاد على إضافة الألمنيوم والزنك إلى النحاس من أجل إضفاء نوع من النقاء عليه مضيفاً أنه يلجأ بعد إنجاز القطعة الفنية إلى دهنها ببعض المواد كشمع العسل كي لا تتأثر بالعوامل الجوية–حسب قوله-.


ولفت حمود الذي لم يدرس النحت أكاديمياً أو من خلال معهد فني إلى أنه يستخدم في مهنته الفنية الرمل الحلبي وصندوقاً من الألمنيوم والبودرة التي يعزل من خلالها الرمل عن بعضه وفرن الصب، أما في الصب عن طريق الشمع فيستخدم الشمع الأحمر والجص الأمريكي والتربة النارية، وبعض المواد الكيماوية التي يعتق من خلالها المعدن وعدة لحام خاصة بالنحاس والبرونز بالإضافة إلى مادة البرونز والنحاس اللذين يشتريهما من باعة.



ترك تعليق

التعليق