النظام يُضيّق على شريكته الإعلامية "سوريانا"


بعد سلسلة إجراءات اتخذتها وزارة الإعلام في "نظام الأسد"، أصدرت وزارة ماليته، منتصف الشهر الماضي، قراراً يقضي بحجز أموال شركة سوريانا الإعلامية المنقولة وغير المنقولة، نتيجةً لمبالغ مُترتبة عليها بقيمة 26 مليون ليرة سورية، لصالح "دار البعث".

تأسست شركة سوريانا في عام 2009 وتعمل في مجال تنظيم المعارض، كما تصدُر عنها مجلة سوريانا وصحيفة الرياضية وإذاعة سوريانا، ولها العديد من الاستثمارات في المجال السياحي والإعلامي.
 
وبعد انطلاق إذاعتها في عام 2013 تولّى "هشام عمران" إدارتها في الشهور الأولى لتنتقل الإدارة بعد شهور لـ "جمال الشيخ بكري" ومن ثُمّ لـ "وضاح الخاطر" وحالياً "مضر مسعود".

مصادر خاصّة في العاصمة دمشق أكّدت لـ "اقتصاد" أنّ "المُستشارية الثقافية الإيرانية" تبنّت الإذاعة منذ انطلاقها ودرّبت طاقمها في منظومة قناة المنار الناطقة عن "حزب الله الإرهابي"، لتدخل عالم الإعلام كآلة موسيقية تقليدية جديدة تعزف على أوتار المقاومة والمُمانعة بنكهة وإشراف إيراني بحت.

شهدت الإذاعة سلسلة من الأحداث مطلع العام الحالي، إثر إقالة "وزارة الإعلام" لرئيس تحريرها "وضاح الخاطر"، وتعيين "مضر مسعود" عوضاً عنه، الأمر الذي أثار حالةً من التمّرد لدى العاملين فيها اقتصر على تقديم آرائهم في بعض منصّاتهم الاجتماعية التي وجهوا من خلالها انتقادات لمسؤولي النظام، مما حرّض النزعة الانتقامية لديه مُتّبعاً الأسلوب العقابي بحق كامل المؤسسة ليبدأ طاقمها مُشواراً جديداً في التصدي لدعاوى قضائية من جهات عديدة كان آخرها من قبل رئيس "الاتحاد الرياضي العام"، اللواء موفق جمعة، بتهمة القدح والذم، بعد أن طالب الصحفيون الرياضيون باستقالته بسبب تراجع أداء "المنتخب السوري" بكرة القدم، ولم يشفع لطاقم العمل تبريراتهم العكسية.

كما تعرّض سابقاً مُقّدم برنامج "استديو الخدمات" لدعوى قضائية من عضو مجلس الشعب "محمد قنبض" بسبب الإضاءة على إمكانية رفع الحصانة عن النائب، بموجب تصريح رسمي، على خلفية قضايا فساد، مما أدى إلى إيقاف البرنامج  كاملاً. وعلّق الصحفي على هذه الحادثة، "لأنّ فراس الخطيب لم يُشكّل خطراً على مناصبكم لم يلقى ما لاقيته"، مُوجّهاً كلامه لـ "حكومة دمشق". وقبله تم توقيف برنامج "مرّ الكلام".

وفي تفاصيل قرار الحجز، شملت المبالغ 9،9 مليون ليرة سورية تكلفة مياه وكهرباء، و12،4 مليون ليرة إيجارات استثمار مُنشأة تابعة لدار البعث، و4 مليون ليرة عن طباعة جريدة الرياضية تعجز المؤسسة عن دفعها لأسباب الجمود الاقتصادي الذي يعصف بكل القطاعات التجارية والاقتصادية.

لم تكن شركة سوريانا الأولى في تلقي صدمات كبيرة من شركائها في الإجرام، حيث أوقفت "وزارتي المالية والإعلام" العديد من المؤسسات الإعلامية بذرائع واهية كدمج الكفاءات في مؤسسة واحدة غيرُ مُعترفةً بصلب الأسباب التي تُثبت عجزها التام عن تأمين المال اللازم لاستمرارها. ومنذ مُنتصف العام الماضي أوقفت حكومة النظام عمل القناة الأولى الرسمية التي انطلقت في عام 1960، وإذاعة صوت الشعب التي بدأت بثها في عام 1978، وقناة تلاقي الفضائية الجديدة التي دخلت "موسوعة غينيس" في أطول فترة بث مباشر، وقناة عروبة قبل بدء بثّها، وقناة الشرق الأوسط التي تبث عبر الانترنت.

وعوضاً من أن يُقدّم نظام الأسد امتيازات خاصّة لدكاكين إعلامية غطّت على إجرامه طيلة السنوات الماضية ويهيئ لها مقومات النجاح والمُساهمة في مُعالجة المُغالطات والاستفادة من الانتقادات يتخّذ إجراءات تعسّفية تُعبّر عن طبيعته الإجرامية التي لا تقبل التنوّع والاختلاف ويتّخذ من إلغاء التنافسية التي تَصب في مصلحة المواطن، عنواناً رئيسياً لبقائه.

وبالرغم من أنّ حالات التمرد في الوسط الإعلامي داخل الدائرة ذاتها لا تُجدي نفعاً ولا تُشكّل تأثيراً حقيقياً أمام أقسى الأنظمة القمعية في العالم المُعاصر، إلّا أنّها فاضحة لاستمراره في عقليته المُتبجّحة التي أوصلت الجغرافيا السورية لما وصلت إليه ناهيك عن أّنّها تُؤمن بإمكانية الإصلاح "لمؤسسات حكومية" لم تكن يوماً سوى دكاكين إجرامية تستنزف جيوب السوريين قبل امتصاص دمائهم بعد انطلاق الثورة السورية.

ترك تعليق

التعليق