هذه المشاريع لا تحتاج لرأسمال كبير في إدلب


حين نتحدث عن المشاريع الصغيرة في إدلب فمن المؤكد أننا لا نعني المحلات التجارية الكبيرة أو المطاعم والمنتزهات ذات الكلفة العالية والتي تنتشر في مدن المحافظة على نطاق واسع.

المشاريع الصغيرة التي نقصدها هي تلك التي يعيش على نتاجها أغلب سكان المناطق المحررة في الشمال السوري حيث يمكن لأي كان افتتاح مشروع بسيط بمبلغ نقدي لا يتجاوز الـ 50 ألف ليرة أي 100 دولار أمريكي فقط.

فور قدومه مهجراً من إحدى مدن الغوطة الغربية حاول "أبو حسين" الحصول على عمل مناسب لكن دون جدوى.

بعد خمسة أشهر من ضيق ذات اليد قضاها أبو حسين على المساعدات الإغاثية فكر في إنشاء مشروع صغير يكفيه صعوبة الحياة في ظل الحرب الحالية. "فكرت كثيراً وفي صباح أحد الأيام سارعت إلى أحد أفران مدينة إدلب واشتريت 100 ربطة خبز بمبلغ 15 ألف ليرة. وضعت بضاعتي على طاولة في السوق ومع اقتراب أذان العصر كان الخبز قد نفد".

باع أبو حسين بضاعته في ساعات قليلة، وربح في كل ربطة خبز 50 ليرة، وهذا ما شجعه على تكرار المحاولة لكن بعدد أكبر من ربطات الخبز. ومع مرور الأيام استأجر متجراً صغيراً بمبلغ 10 آلاف ليرة حيث غدا مقصداً لعشرات الأهالي الذين يعتمدون على متجره في الحصول على الخبز والحليب والألبان والأجبان ومياه الشرب.

مشاريع تجارية عديدة نجح أصحابها في الحصول على ما يكفيهم من أموال دون دفع مبالغ نقدية كبيرة كرأسمال، لعل أبرزها تلك التي تعتمد على تجارة المحروقات المختلفة من مازوت وبنزين وكاز، والتي تعتبر في المناطق المحررة بمثابة عصب الحياة.

ربيع 2016 كان بمثابة يوم السعد بالنسبة للسيد "أبو توفيق" ابن مدينة إدلب، فقد بات يمتلك متجراً للمحروقات بعد سنة من العمل كبائع بسطة في منطقته ضمن الريف الإدلبي.

يشرح أبو توفيق لـ "اقتصاد" بداياته الأولى في تجارة المحروقات."اشتريت برميل مازوت بمبلغ يقل عن 40 ألف ليرة. كنت في حاجة ماسة للمال بعد أن فقدت وظيفتي كمحاسب في إحدى دوائر الدولة عقب سيطرة الثوار على محافظة إدلب. بعت البرميل في يوم واحد وجنيت مبلغ 4 آلاف ليرة كربح صافي".

اليوم يبيع أبو توفيق عشرات البراميل يومياً. ويعتقد أن مشروعه نجح كثيراً في رفده بمال وفير، إذ عادة ما تلوح فرصة هنا أو هناك يحصل من خلالها على مرابح هائلة، في ظل اضطراب أسعار المحروقات التي لا تعرف الاستقرار في إدلب.

على خلاف المتوقع نجح العشريني "مروان" في جني مبلغ كبير يؤهله لدفع تكاليف زفافه بعد خطبة استمرت لأكثر من سنة.

مروان الذي كان عاطلاً عن العمل جراء توقف الطلب على مهنته (العمل كطيان)، حين استكمل إجراءات (كتب الكتاب)، سرعان ما قدحت في ذهنه فكرة مشروع صغير كان السبب في تخليصه من المأزق الكبير الذي وقع فيه.

مشروع مروان لا يحتاج سوى لعربة متنقلة و10 كيلو من الفول يومياً ثم الوقوف منذ ساعات الصباح الباكر أمام إحدى المدارس لبيع طاسات (الفول النابت) مع الكمون والفلفل الواحدة بـ 100 ليرة.

يقول مروان لـ "اقتصاد": "عملت طوال فصل الشتاء الحالي. الحمد لله أرباحي جيدة جداً وأعمل من أجل الزواج مع بداية فصل الصيف القادم".

تتعدد المشاريع المشابهة لما أنشأه كل من أبو حسين وأبو توفيق ومروان، حيث لكل مشروع موسم معين كبيع السحلب والذرة المسلوقة شتاء، والآيس كريم والثلج صيفاً. ويتفاوت النجاح بالنسبة لهذه المشاريع وفقاً للمنطقة واختيار البضاعة والتوقيت المناسب. وأخيراً، يعتمد النجاح بشكل عام على إصرار الشخص وابتعاده عن الشكوى والسوداوية التي انتشرت في سبع سنوات من الحرب السورية.


ترك تعليق

التعليق