حيث لا نوم.. من قصص الغوطة، التي لم تُشطر
- بواسطة محمد ياسر - الغوطة الشرقية - اقتصاد --
- 08 آذار 2018 --
- 0 تعليقات
يجر عربته ويمضي بخطواتٍ يائسة، لا يعلم أين يذهب، جحيم القصف يلاحقه، وبكاء طفلتيه يذبح صدره.
"من قدره إلى قدره"، بهذه الجملة عبّر "أبو حسن" عن تسليمه (والآلاف غيره) لقضاء الله وقدره، ذلك القضاء الذي كُتِبَ عليه منذ الأزل، حسب وصفه.
يقول "أبو حسن"، وهو أحد سكان بلدة بيت سوى، إنه اضطر لحمل ما تيسر له من أمتعة ووضعها في الشاحنة ذات الثلاث دواليب وبدأ يجرّها بنفسه نازحاً من بلدة مسرابا باتجاه مدينة دوما.
وأضاف: "لم أجد ما يؤويني عند وصولي إلى دوما، المنازل تعج بأهلها وضيوفهم، حتى استطعتُ بعد يوم كامل من البحث، إيجاد غرفة واحدة في بناء سكني دون منافع".
نود هنا أن ننوه (بحسب الشهادات التي تأتينا من داخل الغوطة) أن "أبو حسن" هو واحد من عشرات آلاف الأشخاص الذين قُطِّعَت بهم السبل وسط أوضاع إنسانية مستمرة بالتفاقم بشكل متسارع ومخيف.
فقد شهدت مدن مسرابا وبيت سوى وحزة والشيفونية حركات نزوح ضخمة باتجاه مدينة دوما، فيما شهدت مدن حمورية ومديرا حركات نزوح باتجاه مدن وبلدات القطاع الأوسط، وذلك نتيجة التطورات العسكرية الأخيرة التي شهدت اشتباكات عنيفة لا تتوقف على مدار الأربع والعشرين ساعة الفائتة.
وفي تصعيد خطير قام النظام السوري بقصف مدينتي حمورية وسقبا بالغازات السامة، الأمر الذي خلّف أكثر من 60 حالة اختناق معظمهم نساء وأطفال، وسط حالة هلع وخوف سيطرت على الأهالي.
تقول السيدة "مها"، من سكان بلدة حمورية، إنهم لم يعرفوا طعم النوم خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية بسبب القصف العنيف والمكثف لطائرات النظام.
وأكدت "مها" أن قصف النظام بالغازات السامة لمدن الغوطة في الليلة الماضية جعل غالبية أهالي الغوطة في استنفار شديد وهلع طوال ساعات الليل وحتى شروق الشمس.
وفي حديث خاص لـ "اقتصاد" مع "فراس المرحوم"، مدير مكتب هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية في الغوطة الشرقية، أكد أنه نتيجة التصعيد الذي تشهده الغوطة من 18 يوماً والذي خلف أكبر كارثة إنسانية منذ العام 2011، ونتيجة تغير المعطيات على الأرض، فقد حصلت حركات نزوح كبيرة جداً للمدنين من مسرابا لدوما، ومن حمورية للبلدات الغربية.
وأضاف "المرحوم": "مئات الناس يفترشون الأرض ولا ملاجئ أو مراكز إيواء قادرة على استيعاب هذه الأعداد الضخمة من المهجرين. بالتوازي مع ذلك فقد تم اليوم الإعلان عن تأجيل دخول قافلة أممية كانت مقررة للغوطة".
وكشف "المرحوم" أن الوضع يتجه نحو التأزم أكثر، خصوصاً مع قلة الغذاء والدواء وعدم وجود مساكن لآلاف الناس التي خرجت من بيوتها باتجاه بلدات أخرى ضمن ذات البقعة المحاصرة، ولا بد من خطة عاجلة من الوكالات الدولية للتدخل الفوري والمباشر لإنقاذ المدنيين رغم عدم وجود أية تحركات مبشرة من قبلهم حتى الآن بما يكافئ حجم المعاناة، حسب وصف "المرحوم".
من جانب آخر وعلى الصعيد العسكري، تحاول قوات النظام شطر الغوطة إلى قسمين شمالي وجنوبي، كي تتفرد بكل طرف على حدى، مما يسهل عليها عملية السيطرة بشكل أكبر. ولكن هذه الخطة لم تنجح بعد، نتيجة تمكن الثوار في الفترة الماضية من استرجاع بعض النقاط التي خسروها في مواجهة ميليشيات النظام وداعميه.
التعليق