قصة "بسطة أبو أحمد" في دمشق.. بانتظار لم شمل العائلة


رغم الحزن الذي يعيشه الخمسيني "أبو أحمد"، كانت علائم الإصرار في مواجهة الحياة بادية على خدوده الغائرة، فمنذ أشهر قليلة عمل "أبو احمد" بمساعدة زوجته على مشروع صغير بات اليوم يعيلهما دون الحاجة لأحد.

أكياس من البوشار المصنوع في المنزل وعدد من أكياس الفستق والقرميش المعبئة يدوياً، كانت تتناثر على طاولة صغيرة في إحدى أسواق ضواحي دمشق القديمة، ويقف خلفها "أبو أحمد" وهو ينفض الغبار عن الأكياس ويصففها.

يقول "أبو أحمد" لـ "اقتصاد": "فرص العمل في ظل الظروف باتت قليلة وشبه منعدمة. وهذه البسطة الصغيرة باتت تؤمن مصروفنا اليومي".

فرّ "أبو أحمد" من بلدته بريف دمشق بعد اشتداد حملة النظام العسكرية عليها، وأقام في إحدى ضواحى دمشق مع أولاده الأربعة قبل أن يتفرقوا عنه، فالأول اعتُقل ولا يعرف عنه شيئاً، والآخر طُلب للعسكرية ففر هارباً إلى مناطق الشمال المحرر، والثالث سافر إلى مصر ليستكمل دراسته، والصغير لقي مصرعه بعد أن دهسته سيارة عسكرية مفيمة.

لم يكن السيد "أبو أحمد" يدري أنه سيأتي عليه يوم يصبح فيه وحيداً مع زوجته الصبورة، والعمر يمضي بهما مسرعاً دون توقف فقد أمضى سنواته الخمسين بالكد والعمل ليرتاح بقية العمر مستمتعاً بإنجازاته، ولكن أحلامه لم تكتمل بفعل السنوات العجاف الأخيرة التي مرت على سوريا.

"مصاعب الحياة لا تنتهي وهي كالجبال على ظهري"، يتحدث الرجل بصوت مخنوق محاولاً أن يحبس دمعته.

متابعاً بالقول: "ولكن لا مجال للاستسلام. الأولاد قد يتجمعون يوماً؛ ولا مجال للراحة طالما لم يتحقق هدفي".

35 ألف ليرة سورية كانت كلفة انطلاقة المشروع الصغير الذي أطلقه الرجل، وهي ثمن علبتين من البسكويت وكميات من الموالح والبوشار وأكياس النايلون.

يبيع هذا التاجر الذي يبدو أنه بدأ من الصفر، أي قطعة على بسطته بسعر 100 ليرة سورية، ودائماً ما يتحرى وقت انصراف الأطفال من المدرسة فهو زمن الذروة للبيع.

"الطلب يزداد على بستطي فمذاق البوشار رائع، فهو من صنع زوجتي"، يردد "أبو أحمد" مبتسماً.

ومع مرور الوقت تتوسع تجارة "أبو أحمد" ويزاد دخله بعد أن أدخلت زوجته فكرة صنع الحلوى. ويعمل الزوجان بكد ونشاط ويتشاركان قسوة الأيام منتظرين اليوم الذي سيجتمع فيه شمل العائلة من جديد.

ترك تعليق

التعليق