مليار ليرة شهرياً.. قيمة الإيجارات المتداولة في السويداء


شهدت محافظة السويداء، على مدى الأعوام الماضية، نهضة عمرانية تمثلت بزيادة عدد الأبنية السكنية بشكل كبير وملحوظ في المدينة وريفها، وتزامنت هذه النهضة مع دخول أعداد كبيرة من الأسر النازحة والتي فرت من القصف والدمار من مختلف المناطق على امتداد البلاد، قاصدة السويداء.

وانعكس هذا الأمر بطبيعة الحال على السوق العقاري الذي انتعش بفعل النشاط الذي شهدته حركة إيجار الشقق والمنازل وعمليات البيع والشراء والبناء، بالإضافة لغياب سلطة النظام التي ساهمت بتكثيف الحركة العمرانية، والتي استغنت بدورها عن العقود والأوراق الرسمية في كثير من الأحيان.

نشاط عقاري

قال "زاهر معروف"، صاحب أحد المكاتب العقارية في السويداء: "إن هناك أسباباً عديدة ساهمت بانتعاش السوق العقاري في المحافظة منها بناء عدة جامعات في المدينة وبعض المدن الكبرى في الريف".

وأضاف "معروف" في حديث لـ "اقتصاد": "كان لقدوم أعداد كبيرة من الوافدين إلى المحافظة دور في ذلك أيضاً، إضافة لتدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، مما فتح هامشاً كبيراً لدى المغتربين للاستثمار العقاري"، مشيراً إلى أن المغتربين يعتبرون المشاريع العمرانية الأكثر ضماناً لحفظ الأموال، وخصوصاً أن السويداء ليست بالبلد الصناعي.

وافدون جدد

أكد "عمار مهنا"، مهندس معماري من السويداء، أن أعداد الوافدين هي السبب المباشر لنشاط السوق العقاري لاسيما أنه، وعلى مدى السنوات الست الماضية، دخلت إلى السويداء أكثر من ( 25) ألف أسرة، وهذا العدد يعتبر كبيراً جداً، ويزيد عن استيعاب السويداء، الأمر الذي وجه المستثمرين باتجاه إنشاء أكبر عدد من الأبنية السكنية.

وتابع "مهنا" في حديثه لـ "اقتصاد": "إن عدم توفر السكن الجامعي للطلاب، وقدوم أعداد كبيرة من الطلبة المسجلين في الجامعات الموجودة في المناطق الساخنة، زاد من أعداد سكان السويداء، بالإضافة للنزوح الداخلي لعدد كبير من عائلات القرى الحدودية، وتركهم منازلهم خالية مما زاد من الضغط السكاني والازدحام في مدن المحافظة".

إيجارات مرتفعة

ساهمت كثرة الطلب على السكن المؤجر بدورها في مضاعفة قيمة الإيجار بنسبة 200% عن عامي 2011 و 2012، وذلك نتيجة استغلال أصحاب العقارات لتدفق أعداد كبيرة من المدنيين إلى المدينة، وفقاً لـ "معتز حمزة"، مدير مكتب عقاري في السويداء.

وتابع حمزة لـ "اقتصاد": "يتراوح سعر إيجار شقة مؤلفة من غرفتين وصالة ومطبخ ما بين 25 إلى 40 ألف ليرة سورية، وذلك حسب منطقة الإيجار والخدمات الموجودة فيها".

وأردف "حمزة": "تحتل مدينة السويداء المرتبة الأولى في قائمة ارتفاع سعر الإيجار نظراً لاحتوائها على كافة الخدمات، ولأنها مركز المحافظة"، مشيراً إلى أن هناك فروق كبيرة أيضاً في المدينة عينها تبعاً للمنطقة وقربها من السوق.

وأردف "حمزة": "تأتي المدن الكبيرة مثل صلخد، شهبا، القريا، قنوات، المزرعة وعريقة، بعد السويداء بارتفاع سعر الإيجار، وتليها البلدات والقرى الصغيرة، والتي تشمل ما تبقى من المحافظة، وتصل الفروق بين المدينة والأرياف لحوالي 70%".

أبنية مخالفة

أفاد "بلال رباح"، مهندس من السويداء، أن عدد الرخص الممنوحة في المدينة وحدها زاد في الثلاثة أعوام الماضية عن ثلاثة آلاف ترخيص موزعة على النحو التالي: 1100 رخصة عام 2015، و650 رخصة عام 2016 و 1300 رخصة خلال عام 2017.

وأوضح "رباح" لـ "اقتصاد" أن السوق العقاري شهد نمواً أيضاً من خلال الأبنية المخالفة، وخصوصاً تلك التي تم إنشاؤها على أطراف المدينة والأرياف، مشيراً إلى أن عدد الأبنية المخالفة تزيد عن تلك الحاصلة على (ترخيص بنحو الضعف).

وأكد "رباح" "على أن الأبنية المخالفة في مدينة السويداء اقتصرت على الأبنية الطابقية، حيث كانت هذه المخالفات في زيادة طابق واحد أو روف فوق الأبنية المرخصة سابقاً.

وشدد "رباح" "على أن السوق العقاري يعتبر الأقوى والأنشط مقارنة مع السوق التجاري والصناعي، لا بل وساهم السوق في إدخال مبالغ هائلة إلى أسواق المحافظة، وخصوصا "العقاري المؤجر"، حيث تبلغ قيمة المبالغ المتداولة في الإيجارات حوالي مليار ليرة سورية شهرياً.

يذكر أن العقارات كانت إحدى أكثر القطاعات جموداً في السويداء قبل مطلع العام 2013، إلا أن هذا القطاع بدأ يشهد ازدهاراً ملحوظاً خلال الأعوام الأربعة الماضية، وذلك على اعتبار أن السويداء بقيت ضمن المناطق التي لم تتعرض لقصف أو دمار، كما أن التركيبة الديموغرافية لسكانها جعلتها ملجأ آمناً للعائلات التي هربت من الحرب.

ترك تعليق

التعليق