طاهية حمصية تبهر الهولنديين بأطباقها الشهية
- بواسطة فارس الرفاعي- خاص - اقتصاد --
- 02 آذار 2018 --
- 2 تعليقات
لم تكن اللاجئة السورية، "نسرين طيارة"، تتوقع أن يبتسم لها الحظ، وتتمكن من إثبات ذاتها وتأمين مصدر عيش، بعد أقل من عام من لجوئها إلى هولندا، لتستغني بذلك عن مساعدات اللجوء وتفتتح مشروعاً لتحضير وتقديم الطعام السوري للصالات والأندية والحفلات من منزلها الصغير في حي "بيلكروم" وسط مدينة "بريدا" الهولندية، الذي تفوح من أرجائه رائحة الأطباق الشرقية متنوعة الأشكال والألوان والمذاقات.
كانت الأربعينية نسرين، قبل سنوات الحرب، تدير محلاً شهيراً لبيع ألبسة الأطفال في مدينتها حمص، وتعلمت من والدتها فن الطبخ وأتيكيت الضيافة -كما تروي- لـ"اقتصاد".
وبعد اندلاع الحرب، اضطرت للنزوح إلى مدينة زوجها يبرود، وهناك افتتحت مع زوجها وأولادها مطعماً لتقديم السندويش والشاورما والوجبات السريعة، وكان المطعم –كما تقول- يخدم حوالي 2000 شخص في اليوم، ورغم أن يبرود كانت محررة آنذاك إلا أنها تعرضت مع عائلتها -كما تقول- لتهديدات ومضايقات شتى من مؤيدي النظام، فاضطرت للجوء إلى لبنان حيث عملت هناك في مطعم لمدة تسعة أشهر قبل أن تغادر إلى مدينة مرسين التركية حيث يدرس اثنان من أبنائها، واشتغلت هناك كمتطوعة في عدة منظمات، وأثناء ذلك سافر زوجها بحراً إلى هولندا. وبتاريخ 20-12- 2016 التحقت به مع ابنتها من خلال برنامج لم الشمل لتبدأ حياة مهنية واجتماعية جديدة.
في بداية وصولها إلى هولندا أحست نسرين –كما تقول– بحالة من الضيق والاكتئاب لمدة شهر بسبب فراق ابنيها اللذين تركتهما في تركيا. ووجدت صعوبة في التأقلم في بلد لا تعرف فيه أحداً، وكانت تشعر –كما تقول- أنها لازلت قريبة ومشدودة بخيوط الحنين إلى مدينتها حمص، علاوة على الجو القارص. ولكنها لم تلبث أن كسرت حاجز الإندماج بالمجتمع المحيط بعد تعلمها اللغة الهولندية، وتعرفت على العديد من وجوه المجتمع الهولندي الذين قدمت لهم طعاماً جهزته بنفسها فأعجبوا به وشجعوها على افتتاح مشروع خاص بها، وبالفعل قدمت فكرة لإنشاء شركة طبخ خاصة بأعياد الميلاد والحفلات الكبيرة لبلدية المدينة اختارت لها اسم "أميسا كيترينغ" EMISSA CATERING (أميسا - الاسم القديم لحمص) عن طريق مكتب "فيرست ستيب" الخاص بمساعدة اللاجئين. وتمت الموافقة عليه.
في الشهر العاشر من عام 2017 بدأت الوافدة الجديدة عملها معتمدة -كما تقول-على تشجيع الهولنديين ودعمهم لها، مشيرة إلى أن بلدية المدينة خصصت لها مكاناً قريباً من منزلها لتحضير مأكولاتها في حال كانت الطلبات كثيرة وأكبر من امكانياتها المنزلية، وبدأت بالفعل بتجهيز الأطعمة وبيعها بسعر معقول وتوسع عملها فيما بعد ليشمل حجز البوفيهات والطلبيات في أماكن عدة من هولندا، حتى أنها دأبت على تلبية الطلبات الخارجية في كل من بلجيكا وألمانيا.
واعتادت الطاهية الحمصية بمساعدة ابنتها "تسنيم"، 18 عاماً، على تقديم الأكل السوري عامة والحمصي بشكل خاص من الكبة بأنواعها وكبسة الدجاج والفريكة والمعجنات والصفيحة والمضفورة وصواني اللحمة والأكلات الشعبية السورية التي اعتادت على تحضيرها في منزلها بحمص كالباميا والفاصوليا والبابا غنوج "المتبل" والتبولة والفتوش وغيرها.
ويميل الهولنديون كثيراً -كما تؤكد محدثتنا- إلى الرز والفريكة والخبز السوري والمتبل والبابا غنوج، مضيفة أنها تمكنت من خلال مخالطة الهولنديين من تكوين فكرة عن أذواقهم ورغباتهم وماهية الطبخ الهولندي الذي اعتادوا تناوله، لافتة إلى أنها تشرف بنفسها على سكب الطعام وتقديمه لضيوف عشائها الشهري لمعرفة ما يحبونه والإلتزام باقتراحاتهم بخصوص تجويد الطعام وتحسين مواصفاته.
ولم تخفِ اللاجئة السورية وجود صعوبات في حياتها العملية كعقبات اتقان اللغة الهولندية وعدم توافر يد عاملة في المدينة التي تقيم فيها؛ علاوة على روتين المعاملات والأوراق والصرامة في موضوع الضرائب، وهي أشياء لم تعتد عليها في سوريا في مجال عملها السابق.
وختمت محدثتنا أن نجاحها كطاهية جعلها تشعر بالفرحة وخصوصاً أنها لاجئة وأرادت من خلال ذلك-كما تقول- تغيير نظرة المجتمع تجاه اللاجئين السوريين بأنهم شعب منتج وليسوا متسولين أو يعيشون عالة على المجتمع الهولندي أو مجتمعات اللجوء الأخرى.
التعليق
إلى الأفضل إن شاء الله
2018-03-06