سؤال لأهالي الغوطة: هل تريد الخروج؟


"خسرت كل شيء، فلماذا الخروج؟"، هذا ما قاله السيد "حسام سعد الدين"، أحد أهالي مدينة "دوما" في غوطه دمشق، عندما وجهنا سؤالاً يتعلق بموافقته على الخروج من مدينته بموجب الهدنة الروسية التي تم إقرارها أمس.

وأضاف: "عندي قطعة أرض في منطقة المرج، وثلاثة دكاكين على اوتستراد دمشق حمص وخسرتهم، وتعرضتُ قبل سنتين للخسارة الأكبر في حياتي، زوجتي وطفلين جراء القصف على مدينة حموريا، حيث كنت أقطن وقتها، بقي عندي شاب فقط بعمر الخامسة عشر، فإذا ما خرجت من الغوطة حتماً سأخسر آخر ما تبقى لي".

فيما أكدت السيدة "منال"، واحدة من سكان مدينة مسرابا، أنه في حال تم إعطاء الأمان للمدنيين من أجل الخروج، فحينها يمكن لشريحة واسعة أن تخرج، "وأنا وعائلتي منهم"، لكن بهذه الطريقة الغامضة التي من الممكن أن تؤدي إلى الموت فلا أحد يقبل الخروج.

وأضافت: "لأتحدث معك بصراحة، من يريد الخروج من المدنيين نسبتهم كبيرة، لكن إذا ما نظرنا إلى سبب الخروج فإن السبب الرئيسي هو خوف الأطفال، فالقصف لا يحتمله الأشخاص البالغين، فما بالك الفزع والحالة النفسية المزرية التي يعاني منها الأطفال في هذا الوضع".

من جانب آخر، وفي منطقة أخرى، أفاد السيد "أبو مجاهد"، أحد سكان مدينة سقبا، أنه وعائلته وأقاربه وأكثر من ثلاثين عائلة من سكان البناء الذي يسكن فيه لن يفارقوا أرض الغوطة، وأضاف: "إذا كنتَ ستسألني عن السبب فسأقول لك اسأل أهل حلب وداريا والمعضمية وجميع المدن التي تعرضت للتهجير القسري عن المصير الغامض الذي واكبهم إلى الآن".

وفي تسليطٍ للضوء على الجوانب الاقتصادية للهدنة التي أعلنها الجانب الروسي بهدف إتاحة المجال لخروج المدنيين، أكد السيد "حمدي بكار" أن أي عائلة تريد الخروج من الغوطة، لن يكون لديها أدنى مقومات اقتصادية للاستمرار في العيش خارج الغوطة. واستطرد: "فعن ماذا أُحَدّثك؟، أجرة المنزل المؤلف من غرفة ومنافع في دمشق تزيد عن 50 ألف ليرة سورية شهرياً، إن وُجدت، أما عن فرص العمل فهي بالأساس ليست موجودة في الغوطة حتى تتواجد خارج الغوطة. هذا في حال سلّمنا أن أي عائلة أرادت الخروج قد انتهى بها المطاف للوصول بسلام نحو وجهتها، ولم تتعرض لا للقصف ولا للاعتقال ولا لأي مصير غامض ومجهول".

وعقّب: "الأعباء الاقتصادية خارج الغوطة، ربما تكون ذاتها داخلها، فإذا قارننا أجرة المنزل في دمشق مع ارتفاع الأسعار الخيالي في الغوطة، فسنجده ذات المصروف، أما بالنسبة للأمن والأمان، فالغوطة التي يخيم عليها الموت بالنسبة لي وللكثيرين أكثر أماناً، أكثر أماناً من الاعتقال ومن الذل ومن التعذيب، ومن إرهاب مخابرات النظام. فالموت في منزلي وتحت أنقاضه أسهل بكثير من اعتقالي في غياهب النسيان وابتزاز عائلتي من قبل النظام في العاصمة أو غيرها".

وعلى سبيل الصدفة، وأثناء رصد الآراء، التقى مراسل "اقتصاد" بأحد موظفي المراكز البحثية التي تجري استطلاعاً للرأي من أجل مشاركة نتائجه مع منظمات العمل المدني، فقد أفاد الأستاذ "جهاد العبد"، موظف مركز بحثي داخل الغوطة، أنه قام حتى الآن بجمع حوالي 800 استبيان، هذا الاستبيان مؤلف من عدة أسئلة تهتم بإمكانية الخروج للعوائل أم لا، وفي حال وافقت العوائل ما هي السبل والطرائق التي من الممكن أن تضمن لها خروجاً سالماً؟

وكشف "العبد" عن أن ما نسبته 95% من العوائل رفضت الخروج من الغوطة وفق الهدنة الروسية، ومنهم من رفض حتى الإجابة على أسئلته لكونها غير مهمة "بنظر من يسألهم"، ولا تستحق حتى الرد عليها بحسب "العبد".

وفي سياق متصل، شهد معبر مخيم الوافدين (الذي أعلن الجانب الروسي عن فتحه كممر آمن)، انعداماً تاماً لحركة المدنيين وسط تحليق مكثف لطيران الإستطلاع. وكشف مصدر خاص في حاجز المخيم من الجهة التابعة لفصائل المعارضة، أنه ليس لديهم أي أوامر تتعلق بإغلاق المعبر أو حتى فتحه، ولم يصدر أي تعليمات من قيادتهم على الأرض حول الموضوع.

كما أعلن الأستاذ "ياسر دلوان"، عضو المكتب السياسي في جيش الإسلام، أنه يجب على الأمم المتحدة أن تسعى لفتح ممرات لخروج جبهة النصرة من الغوطة، "ونحن كفصائل من أكبر المساعدين لهذا الأمر، وقد بعثنا برسالة إلى المجتمع الدولي حول استعدادنا التام لإخراج جبهة النصرة من الغوطة بغضون خمسة عشر يوماً".

يذكر أنه خلال ساعات الهدنة التي أعلنها الروس سقط أربعة شهداء مدنيين وعشرات الجرحى نتيجة القصف المدفعي والصاروخي الذي استهدف مدن دوما وحرستا وعربين ومسرابا في الغوطة الشرقية، وسط تحليق مكثف للطيران الحربي والمروحي والاستطلاع.

ترك تعليق

التعليق