الخنازير البرية.. كابوس يستنزف الاقتصاد الزراعي في ريف درعا الغربي


مع حلول ليل كل يوم، تهاجم قطعان من الخنازير البرية، التي تتخذ من الأودية مخابئ لها، حقول المزارعين في ريف درعا الغربي، متسببة بخراب مساحات واسعة من المزروعات الحقلية والخضار، وبخسائر اقتصادية كبيرة للفلاحين.  

وأشار مصدر في ريف درعا الغربي، إلى أن قطعان الخنازير البرية التي تعد بالمئات، قضت على معظم المزروعات في المساحات الزراعية القريبة من أودية الريف الغربي، لاسيما محاصيل البازلاء التشرينية والفول وبعض الأشجار الصغيرة، لافتاً إلى أن الخنازير لا تكتفي بأكل النباتات في أطوار نموها، بل تحفر عميقاً في الأرض وتأكل البذور قبل أن تدخل مرحلة النمو وتصبح نبتة.

وأضاف المصدر أن الخنازير البرية في الريف الغربي، كانت موجودة في السنوات الماضية، لكن أضرارها على المحاصيل الزراعية كانت محدودة جداً ولم تصل إلى العتبة الاقتصادية الكبيرة، عازياً السبب في تكاثرها وظهورها في المنطقة بهذا الكم الكبير، إلى فقدان تلك القطعان لمساحات شاسعة من مراعيها المعتادة في الأودية الحدودية، وذلك بعد قيام الكيان الصهيوني المحتل، والأردن الشقيق، بتنفيذ أسيجة حديدية مكهربة على طول حدودها داخل الأودية، خلال العام الماضي، بالتزامن مع التصعيد العسكري الذي شهده الجنوب السوري. 

المهندس الزراعي مناف العلي، أكد أن الخنازير البرية تعد من الآفات الاقتصادية الخطيرة، التي تؤثر على المحاصيل الزراعية، لافتاً إلى أن هذه المخلوقات تفتك بالمزروعات في أي مرحلة من مراحل نموها، متسببةً بتخريب المواسم الزراعية، وبخسائر اقتصادية كبيرة للفلاحين.

وأضاف أن الخنازير البرية تعيش في مجموعات كبيرة، تختبئ خلال النهار، وتنشط ليلاً، وهي مسلحة بأنياب طويلة تساعدها، على الحفر عميقاً داخل الأرض، والوصول إلى جذور النباتات والأشجار، وتعمل على تخريبها، موضحاً أن هذه الحيوانات تأكل اللحوم والنباتات، وتعيث فساداً وخراباً بكل ما تقع عليه.

وقال: "إن هذه الحيوانات لا تكره شيئاً، وهي تهاجم كل المحاصيل الزراعية بدون استثناء، وحتى النباتات التي لا تستسيغها، تعمل على تخريبها وإفسادها"، مشيراً إلى أن وسائل مكافحتها، تتطلب جهوداً كبيرة وإمكانيات ضخمة، سيما وأنها أصبحت بأعداد كبيرة.

ولفت إلى أن السموم الخاصة، وعمليات قتلها وتسييج الأراضي الزراعية، تعد من أهم الوسائل الناجعة في القضاء عليها، والحؤول دون وصولها إلى المزروعات، لكنه أكد أن عمليات التشييك، وتنفيذ الأسيجة، مكلفة مادياً، وهو ما لا يستطيع الفلاح القيام به وحيداً.

وأفاد عدد من المزارعين في ريف درعا الغربي، بأن الخنازير البرية تسببت خلال العام الماضي، والعام الحالي، بخسائر كبيرة لأصحاب الأراضي، لاسيما في المحاصيل الخضرية، لافتين إلى أنهم عاجزون حتى الآن عن إيجاد طريقة مناسبة ومثالية  للتخلص منها.

وأشار مضر الناجي، 45 عاماً، وهو مزارع، إلى أنه لم يجد طريقة في التخلص من هذه الآفة، إلا بقيامه ليلاً بحراسة حقله، والعمل على طرد الخنازير برميها بالحجارة، مبيناً أن خسائره خلال العام الماضي كانت نحو 200 ألف ليرة سورية، بسبب الخنزير الذي خرّب نحو خمسة دونمات مزروعة بالبازلاء التشرينية والفول، وهي رأسماله فقط دون حساب الأرباح المتوقعة فيما لو نجح محصوله.

وأضاف أنه قام هذا العام، وبمشاركة جميع أفراد أسرته، بتسييج أرضه بالحجارة من كل النواحي، موضحاً أن عملية تنفيذ السياج  تطلبت عشرات النقلات من الحجارة، وأجور نقل تجاوزت الـ 150 ألف ليرة سورية.

ولفت إلى أنه مجبر على فعل ذلك لأنه لا يملك سوى قطعة الأرض هذه، وهي مورد رزقه الوحيد، سيما أنها قريبة من نبعة ماء، يستخدمها في ري مزروعاته.

فيما أكد غسان السالم، 55 عاماً، وهو مستثمر زراعي، أنه اشترك مع مجموعة من الفلاحين المتضررين، وقاموا بشراء سياج شائك كلفهم مئات الألوف من الليرات السورية، لإغلاق طرق مرور الخنازير من الوديان، والحفاظ على أراضيهم بمنع الخنازير من الوصول إليها.

نزار عبد القادر، 48 عاماً، وهو مهندس وصاحب مزرعة، أكد أنه حاول استخدام كل الوسائل الممكنة للتخلص من شر هذه الحيوانات، لكن لم تفلح معها أي وسيلة، بما فيها السياج الحديدي، مبيناً أن الخنازير تمكنت من فتح مداخل فيه، ودخلت إلى مزرعته وخربت بعض المزروعات.  

وقال: "أمام هذا الوضع، لابد من جهود كبيرة تتضافر للقضاء على هذه الآفة الخطيرة"، مؤكداً أن كل وسائل المكافحة تتم بطرق فردية بسبب غياب الجهات الفاعلة، نتيجة الأوضاع الميدانية وحالة الحرب التي تعيشها البلاد.

ترك تعليق

التعليق