لإنقاذ مصدر رئيسي للدخل.. غرفة جراحة بيطرية تنشط في الغوطة


لم يكن يدري "أبو أنس"، الفلاح الستيني، أن بقرته تحتاج إلى عملية جراحية ذات خطورة متوسطة، كي تبقى هي ودخله المادي على قيد الحياة، أرسل له الطبيب البيطري إشارة إلى أنه يريد إجراء عملية جراحية تتمثل بفتح بطن للبقرة وذلك بسبب تناول الأجسام الغريبة من أكياس نايلون وقطع بلاستيكية وغيرها.

يقول "أبو أنس": "فكّرت مليّاً قبل اتخاذ القرار بالموافقة على إجراء العملية للبقرة، كونها مصدر الرزق الوحيد بالنسبة لي، بالإضافة إلى ظني بعدم وجود خبرات ومشافي بيطرية قادرة على العلاج بهذه الطريقة، وانتهى الأمر بالنسبة لي عندما أخبرني الطبيب أنه تم افتتاح غرفة جراحة بيطرية لاستقبال مثل هذه الحالات داخل الغوطة".

ويضيف: "قمت بمراجعة غرفة الجراحة البيطرية لتسجيل استمارة وتحديد موعد العملية، وبالفعل تم تحديد الموعد وانتهت الجراحة باستخراج الأجسام الغريبة من معدة البقرة، وبقرتي الآن في تحسن دائم".

تجولت عدسة "اقتصاد" داخل المشفى البيطري الذي تم إنشاؤه قبل شهرين بحسب الطبيب البيطري "خالد النسرين"، مدير المشفى، الذي أكد أن العمل الجراحي مهم جداً في الحفاظ على أصول الثروة الحيوانية وإنقاذها من الذبح وخاصة الحيوانات المنتجة منها، والتي تعتبر مصدر رزق لكثير من العوائل في الغوطة الشرقية، ولهذا السبب تم إنشاء غرفة الجراحة البيطرية التي يمكن اعتبارها نواة الإنطلاق نحو مشفى بيطري متكامل بحسب الطبيب "خالد".


وأضاف: "نعمل الآن ضمن مشروع (كاسة حليب) الذي تنفذه هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية في الغوطة الشرقية، على نشر ثقافة الجراحة العامة بين مربي المواشي داخل الغوطة، وذلك بتحسين الخدمات المقدمة ضمن هذه الغرفة، وقد لاحظنا زيادة في الإقبال على العمليات الجراحية وهذا دليل على وعي المربين بأن تنسيق (ذبح) البقرة ليس هو الحل النهائي للعلاج (كما كان رائجاً من سابقاً)، وذلك ضمن التغلب على الصعوبات التي تواجهنا في تطوير الثروة الحيوانية نتيجة الحصار المفروض على الغوطة".

وكشف الطبيب "خالد" عن إنشاء مختبر تحليل عينات بيطرية ضمن المشروع، الذي يهدف إلى إجراء التحاليل المتعلقة بالثروة الحيوانية بكادر مختص يشرف على جميع التحاليل بهدف تشخيص الأمراض المنتشرة في الثروة الحيوانية بشكل علمي وتحديداً الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان والتي تشكل خطراً على الصحة العامة. فضلاً عن أن تكاليف إجراء التحاليل بالإضافة إلى إجراء العمليات الجراحية، هو مجاني، دون أي مقابل من الفلاح.


ولعل أبرز التحديات التي تواجه الفلاحين داخل الغوطة هي اشتداد الحصار بشكل كبير في الفترة الأخيرة، مما شكّل استنزافاً كبيراً للثروة الحيوانية. الأمر الذي تطلب من القائمين على الثروة الحيوانية إيجاد الحلول اللازمة والفعّالة.

التقينا بالدكتور "محمد فؤاد صبحية"، مدير إدارة الثروة الحيوانية في الحكومة المؤقتة، الذي أشار إلى أن حجم الخسائر في قطاع الثروة الحيوانية خلال السنوات الخمس الماضية يفوق 80% بالنسبة للأبقار و 60% بالنسبة للأغنام. مما يستدعي تضافر كافة الجهود من أجل إنقاذ ما يتم إنقاذه.

ونوّه الدكتور "محمد" إلى أن مؤسسة الثروة الحيوانية عملت على رفع عدة مشاريع لدعم الجانب البيطري في الغوطة الشرقية، وكان من ضمنها إنشاء مختبر تحاليل بيطرية، لما له من أهمية كبيرة في الحفاظ على الصحة العامة ودقة في تشخيص الأمراض التي تصيب المواشي. حيث أن إنشاء مثل هذا المختبر يساهم في إيقاف هدر الأدوية البيطرية التي من الممكن أن يحصل بسبب التباس التشخيص على الطبيب فضلاً عن التشخيص المبكر لبعض الأمراض ومعالجتها قبل الوصول إلى مرحلة المرض المزمن.

وختم الدكتور "محمد" حديثه بالقول: "نشد على أيدي جميع منظمات العمل المدني داخل الغوطة التي اتجهت نحو دعم الثروة الحيوانية بشكل عملي مدورس فكان ثمار هذا الدعم هو إنشاء غرفة الجراحة التي تعتبر الأولى من نوعها في ريف دمشق بالإضافة إلى مختبر التحاليل البيطرية واللذين يعتبران خطوة في الإتجاه الصحيح".

ترك تعليق

التعليق