بفعل الغارات والقذائف.. عدّاد آخر غير الموت لا يتوقف عن العمل في الغوطة


منذ فترة ليست بالبعيدة تعرض منزلي، كسائر منازل المحاصرين داخل الغوطة، إلى تضرر جزئي نتيجة القصف الصاروخي الذي نفذته قوات النظام على الغوطة الشرقية.

 كان الصاروخ أسرع من مائدة الفطور، ولكن قدرة الله فوق كل شيء، حاولت جاهداً ترميم المنزل الذي تعرض لتهشم في نوافذه وبعض الغرف، ولكن الأسئلة التي تجول في خاطر كل من يعي تماماً مصطلح ترميم ما بعد القصف، ما هي التكلفة المادية لتصليح المنزل؟، هل سأكتفي بالترميم لمرة واحدة أم أن هناك مرات قادمة؟

تنهدت قليلاً قبل أن أسارع إلى البدء بالحسابات المالية.. فالحسابات تختلف من مرة لأخرى، (حسب شدة الحصار وتوفر المواد) ، وبالأصح هي تختلف حسب نوع الترميم، مؤقت أم دائم.. وللمفارقة التي ليست غريبة على من يعيش داخل الغوطة أن هذا الترميم هو رقم 4 خلال ثلاث سنوات فقط وربما أنا الأكثر حظاً من غيري في هذا الرقم.


أولى الأشياء التي يجب أن تتوفر في منزل من يعيش داخل الغوطة هي "النايلون" الذي يستخدمه أهالي الغوطة كبديل عن الزجاج للنوافذ، حيث يبلغ سعر المتر الواحد منه 400 ليرة سورية، وبشكل وسطي فإنك تحتاج إلى 10 أمتار من أجل ترميم ما هشمته القذائف والطائرات. فضلاً عن شراء قطعتين من "اللاصق" بمبلغ 1000 ليرة سورية. ناهيك عن تصليح الألمينيوم الممزق وتكلفته لا تقل عن 7000 ليرة سورية.

لكن بعد حملة القصف العنيف، وطبيعة الصواريخ شديدة الإنفجار، فإني لم أكتفِ كما كل مرة بترميم النوافذ فقط. فالباب الخارجي للمنزل قد أصبح أثراً بعد عين، مما اضطرني إلى شراء باب خارجي مستعمل بتكلفة 10 آلاف ليرة سورية. ناهيك عن أجرة التركيب.

كل هذه الحسابات البسيطة جعلتني أطيل التفكير بالحال الذي وصل إليه أهالي الغوطة. فربما قذيفة واحدة تكلفهم ضحايا بشرية فضلاً عن الخسائر المادية. حيث أن نسبة الضرر في منزلي لا تتجاوز 20%، وقمت بدفع أكثر من 30 ألف ليرة سورية، فماذا عن نسب الضرر المرتفعة التي تحتاج إلى "اسمنت" و"بلوك"؟

وبمختصر الكلام نستطيع القول أن كلفة ترميم أي منزل تبدأ من مبلغ 10 آلاف ليرة سورية وصولاً إلى 150 ألف ليرة سورية حسب نسبة التضرر، مع التنويه إلى ندرة وجود مواد البناء من "اسمنت" و"بلوك" وغيره، فقد وصل كيلو الاسمنت الواحد إلى 1400 ليرة سورية في حال وجوده.


يقول "أبو بشير" أحد المدنيين الذي سقط الصاروخ داخل منزله وكلفه ابنه شهيداً وثلاثة أفراد من العائلة مصابين، إنه اضطر إلى استدانة مبلغ 100 ألف ليرة سورية من أجل ترميم منزله الذي سقطت منه بعض الجدران وتجاوزت نسبة الضرر 70%.

ويضيف: "اشتريت 20 كيلو فقط من الإسمنت و 100 بلوكة "كسر" (أي مستعملة مرات عديدة وأغلب الأحيان ليست كاملة) بمبلغ تجاوز 60 ألف ليرة سورية وسكنت المنزل دون طلاء خارجي "دهان"، حيث لا سبيل لي لتأمين مصاريفه".

وما بين القذيفة والأخرى لا يتوقف عداد الموت عن العمل داخل مدن الغوطة وأحيائها السكنية، وبمقابل هذا العداد يوجد تكاليف مالية أيضاً لا يتوقف عدادها مثقلةً كاهل الأهالي الذين ما زالوا يعيشون تحت ويلات الحرب التي أهلكت الحرث والنسل.

ترك تعليق

التعليق