كيف يفر المدنيون من جحيم عفرين؟.. "اقتصاد" ينشر تفاصيل وافية


عقب احتدام المعارك في كانتون عفرين شمالي سوريا، الذي تحكمه قوات كردية، يسعى مئات المدنيين من سكان هذا الإقليم إلى الفرار من ويلات الحرب في أي اتجاه، لكن هذا التعب في عملية الهروب غالباً لا يجدي نفعاً للكثير من المدنيين جراء منع "قوات سورية الديمقراطية" مغادرة المنطقة على قرابة 400 ألف نسمة تعيش في عفرين.

عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها أنقرة منذ أيام أدت لحدوث اضطراب وتوتر كبيرين داخل عفرين التي تضم إضافة لـ 300 ألف كردي، قرابة 100 إلى 150 ألف مواطن عربي. ومع اشتداد زخم العمليات القتالية يحاول المدنيون الهروب نحو مدينة اعزاز التي تقع تحت سيطرة المعارضة أو إلى منطقة الشيخ مقصود بحلب ذات الأغلبية الكردية، من خلال المرور بطرقات تهريب تنتهي بمعبر للنظام، لكن حتى هذا الأخير يمارس حظراً من نفس النوع ضد إخلاء عفرين من قاطنيها.

مصدر مطلع قال لـ "اقتصاد"، إن هناك معبران يصلان عفرين بمناطق النظام في نبل والزهراء، الأول عسكري، والآخر مدني. مضيفاً أن المعبرين لا يزالان مفتوحين على عفرين، وقبل المعركة كان المدنيون يدخلون ويخرجون عبر هذين المعبرين أما الآن فيوجد تضييق كبير وإن كان بعض المدنيين تمكنوا من المرور باتجاه حي الشيخ مقصود بمدينة حلب.

"عبد القادر أبو يوسف"، عضو مكتب اعزاز الإعلامي تحدث لـ "اقتصاد" عن طرق التهريب من عفرين، مشيراً إلى أنها تمر من التلال المحيطة بنبل وهي عبارة عن تلال صخرية. "المدنيون يحاولون العبور بشكل غير نظامي حتى يصلوا إلى معبر ماير وهو معبر تابع لمسلحي نبل، لكن في أغلب الأحيان لا يسمح للفارين بدخول مناطق سيطرة النظام عبر هذا المعبر".

للوصول إلى معبر ماير التابع للنظام، على الفارين سلك أحد طريقي التهريب بوساطة سماسرة أكراد، لقاء أجر غير ثابت على كل شخص.


الطريق الأول وفقاً لمصادر متقاطعة هو الزيارة - ماير - الزهراء - حلب. بينما يبدأ الطريق الثاني من كفر جنة - معرستة – مريمين، باتجاه الجنوب حتى مدخل نبل من الجهة الشمالية، ثم إلى معبر ماير باتجاه حردتنين مروراً بدوير الزيتون وانتهاء بـ باشكوي.

تكلفة كل شخص وفقاً لـ عبد القادر، للوصول إلى معبر ماير، من 200 إلى 300 ألف ليرة سورية. أما الأطفال فتتراوح تكلفة تهريب كل فرد من 50 إلى 100 ألف ليرة، علماً أن التسعيرة غير ثابتة.

ويتقاسم المهربون المتعاونون مع حواجز "قسد" مع السماسرة هذه الأموال، كما تحصل مافيات نبل على جزء من هذه الرشاوي.

"عبد القادر" قال إن هناك صعوبة بالغة يعاني منها الأهالي خلال عملية التهريب وعبور هذه التلال. "وصلتنا معلومات منذ يومين تتحدث عن توقيف 50 أسرة قطعت نبل عن طريق التهريب عند حاجز ماير من قبل قوات النظام".

وتابع: "هناك منع من مغادرة عفرين باتجاه نبل والزهراء ومنها إلى الشيخ مقصود بحلب حيث التواجد الكردي المكثف ويتحمل هذا المنع ميليشات قسد وقوات النظام على معبر ماير. حواجز النظام لا تمتلك أي تصريح بإدخال الفارين من عفرين. حواجز النظام بالعادة تقبل الرشاوي للمرور لكن وفي ظل المعركة استغربنا هذا الإصرار على منع استقبال المدنيين".

وأضاف: "يبدو أن هنالك تخوف لدى النظام من هجرة كبيرة للأكراد نحو الشيخ مقصود الذي قد يسبب ضغطاً كبيراً في حلب".


بدوره، أكد الناشط "حميد بعاج" لـ "اقتصاد" صعوبة عبور المدنيين عبر معبر ماير، نافياً في نفس الوقت إمكانية فرار أي كان من أهالي عفرين باتجاه مدينة اعزاز التي تقع تحت سيطرة الجيش الحر.

بعاج أشار إلى أن منع الأهالي من العبور مؤكد ويتم عبر إغلاق الطرق الرئيسية وتكثيف الدوريات واعتقال أي شخص يحاول العبور وفي حال تكرار الأمر يتم فرض غرامة مالية.

وتابع: "الطرق مغلقة ومرصودة بالقناصة. هناك عائلة تم استهدافها عند مفرق قطمة من قبل قناصة (قسد)، وبعد تصفيتهم نشروا الصور على اعتبار أن العائلة قتلت نتيجة القصف التركي. نحن متأكدون من أن (قسد) هي استهدفتهم والحادثة جرت منذ عشرة أيام".

وشدد بالقول: "ببساطة لو فتحوا الطرقات لخرج معظم المدنيين. هم يستخدمون المدنيين كدروع بشرية لدرجة أنهم حاولوا إعادة بعض العائلات التي نزحت باتجاه مدينة عفرين من القرى الحدودية وحصلت مشكلة بين النازحين وشرطة قسد".


ترك تعليق

التعليق