تحقيق خاص بـ "اقتصاد": المعابر التجارية التي تبيض ذهباً


بضائع وغذائيات ومواد بناء، تدخل عبر المعابر الخاضعة لسيطرة قوات النظام وميليشياته إلى المناطق المحاصرة بريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي، لاتخضع لأي من القوانين الجمركية المتعارف عليها بين الدول، وإنما تخضع لقوانين ميليشيات النظام، وبعض ضباطه الكبار، وبعض تجار الأزمات في المناطق المحررة.

وفي تحقيق خاص، أفاد مراسل "اقتصاد" في حماه، بأنه لا يمكن إدخال أو إخراج أي شيء إلى المناطق المحاصرة بريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي، دون دفع مبالغ مالية، تصل أحياناً إلى ملايين الليرات، لتتحول حواجز النظام على المعابر إلى مصدر إثراء فاحش لقادة ميليشيات النظام، وبعض ضباطه.

معبرا الدار الكبيرة وبعرين

شهدت قرى وبلدات ومدن ريف حمص الشمالي في الفترة الممتدة ما بين (2013-2016) حصاراً خانقاً؛ لدرجة أن الناس اضطرت إلى طحن البقوليات المخصصة كعلف للحيوانات مثل "جلبانه وكرسنه"، إضافة إلى "الشعير" لصناعة الخبز.

وفي ربيع 2016، أُجبر النظام على فتح معبر للريف الحمصي المحاصر في الجهة الجنوبية من بلدة "الدار الكبيرة " القريبة جداً من أتوستراد حمص -حلب، مقابل السماح له بإعادة فتح تحويلة حمص الكبرى، والتي تربط جنوب سوريا بشمالها، والخاضعة نيرانياً للمقاومة السورية بريف حمص.

وفي الأشهر الأولى لافتتاح المعبر الإنساني، اقتصر على عبور الموظفين والمرضى إلى مدينة حمص، ليتحول فيما بعد إلى طريق لدخول المواد الغذائية وقوافل المساعدات الأممية، وظهر معبر ثانٍ في قرية "تقسيس" في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة الرستن، والتى تتبع إدارياً لمحافظة حماه، إلا أنه غير رسمي، ولا يسمح منه بدخول السيارات نهائياً، وإنما تعبر الناس بين المناطق المحررة والمعبر مشياً على الأقدام.

 وفي بداية العام 2017، افتُتح معبر ثالث في أقصى ريف حماه الجنوبي الغربي بين قريتي "عقرب" و"أكراد إبراهيم" أو بين "عقرب" المحررة وقرية" بعرين" الموالية، وهو قريب جداً من تجمع بلدات "الحولة" بريف حمص الشمالي الغربي.

عمولة السيارة ما بين (1-5) ملايين ليرة

علم مراسل "اقتصاد" في حماة، أن معبر "أكراد إبراهيم"، كسر الحصار، ولو جزئياً، عن أكثر من 350 ألف إنسان محاصر بريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي، حيث تدخل منه حالياً، بصورة شبه يومية، ما بين (6 - 7) سيارات شحن كبيرة "قاطرة"، حمولة كل سيارة نحو 30 طناً من المواد الغذائية، إضافة إلى دخول شاحنة (تك) محملة بحوالي 600 كيس علف للحيوانات، وشاحنة طحين، وشاحنة غاز (500 أسطوانة) ونحو 30 ألف ليتر ديزل (مازوت)، وحوالي 10 آلاف لتر من البنزين، إضافة إلى مواد غذائية مهربة من تركيا.

كما علم موقع "اقتصاد" أن المعبر المذكور، والذي يخضع لسيطرة "تجار" من جهة المناطق المحررة، ولسيطرة قادة "ميليشيات" تقاتل إلى جانب النظام في محافظة حماة بالجهة المقابلة، يدر مبالغ مالية خيالية لميليشيات النظام، تصل يومياً لأكثر من 30 مليون ليرة سورية. فمثلاً أجور إدخال حمولة كل سيارة (قاطرة) محمّلة بالبيض، أو الأحذية أو المواد الغذائية، تصل إلى أكثر من 2 مليون ليرة سورية. وهذه التعرفة تختلف من مادة إلى أخرى، فتعرفة إدخال شاحنة تحمل مواد للبناء مثل رمل وأسمنت وحديد، تصل إلى مليون ليرة سورية، يرتفع هدا الرقم إلى 2،5 مليون ليرة على سيارة الفروج الحي، وإلى 150 دولاراً لكل طن من السكر الأبيض و500 دولار لطن الشاي، و140 دولار، لكل طن من الطحين، و2،5 مليون ليرة للشاحنة المحملة بالمواد الغذائية، أو المتة، و5 ملايين ليرة للقاطرة المحمّلة باالأدوات الكهربية.

بطبيعة الحال، فإن المعابر بالمناطق المحررة، لا تدر الأموال الطائلة على قادة الميليشيات وبعض ضباط النظام فقط، وإنما يستفيد منها أيضاً فئة محدودة من التجّار بالمناطق المحررة، يطلق عليهم "تجار الأزمات"، حيث استطاع عدد من التجار بالمناطق المحاصرة، جني ثروات مالية كبيرة خلال فترة قصيرة.

بقي أن نشير إلى أن معبر "أكراد إبراهيم" أو "بعرين" هو المعبر الوحيد حالياً، الذي تدخل منه المواد الغذائية والمنظفات والمحروقات لكامل ريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي، فمعبر "السمعليل"، المخصص لمنطقة الحولة، فُتح بالعام الماضي، لمدة شهر واحد، وللمدنيين فقط. أما معبر "الدار الكبيرة" فهو، كما ذكرنا في بداية التقرير، مخصص للموظفين في مؤسسات النظام، ولبعض الحالات المرضية، وممنوع حالياً إدخال علبة دواء، أو ربطة خبز،  عبره. أما معبر "تقسيس" فهو غير ثابت، حيث يغلق عدة شهور بالعام، ويفتح في أسابيع معدودات.

ترك تعليق

التعليق