مشاريع صغيرة تؤمن مصادر دخل مريحة لأصحابها في درعا


لم يُعرف عن الخمسيني أبو أحمد، أنه من أصحاب الأموال والعقارات سابقاً، فهو عنصر أمن سابق، تقاعد في سن مبكرة قبل بداية الثورة السورية بقليل.

ويقول أبو أحمد، إنه يملك الآن قطيعاً من الأبقار الحلوب والعجول، لافتاً إلى أنه كون ثروته هذه بعمله وتعبه، وذلك من خلال الأعمال التجارية في مجال تجارة المواشي وتعليفها.

وأضاف أنه بدأ تجارته هذه برأسمال، بلغ مليون ليرة سورية، عندما كان تصريف الدولار لم يتجاوز بعد المئة ليرة سورية، موضحاً أن هذا المبلغ هو ثمن لقطعة أرض، كان قد باعها استعداداً للجوء إلى الأردن، مع بدايات لجوء السوريين في العام 2013، هرباً من بطش قوات النظام.

وقال: "يبدو أنه لم يكن لي نصيباً في مغادرة بلدي، فعدت راجعاً بعد أن وصلت إلى الحدود السورية – الأردنية، وقررت البقاء في سوريا مهما كانت النتائج".

 وأشار إلى أن الظروف الأمنية والاقتصادية، في ذلك الحين، بدأت تسوء شيئاً فشيئاً، وبدأ الكثير من السكان يفقدون أعمالهم ومصادر رزقهم، وبدؤوا نتيجة ذلك ببيع بعض أملاكهم وأرزاقهم، وخاصة من الحيوانات لعدم قدرتهم على إطعامها، لهذا، "فقد قررت أن أستثمر المبلغ الذي أملكه بتجارة المواشي، أشتري من الراغبين باللجوء، وأبيع في بعض المناطق الآمنة"، مبيناً أنه حقق أرباحاً كبيرة من تجارته رغم الأخطار التي كان يتعرض لها في تنقله بين المناطق.

وأضاف أنه يملك الآن مزرعة أبقار فيها نحو عشرة رؤوس من الأبقار الحلوب، وعدد من العجول، يعمل فيها جميع أفراد أسرته  المكونة، من ثمانية أفراد، إضافة إلى شخصين من أقاربه، حيث يحصل كل واحد منهم على أجر شهري يقدر بنحو 35 ألف ليرة سورية.

ولفت  إلى أن إنتاجه اليومي من الحليب يتجاوز الـ 200 كغ، حيث يبيع الكغ الواحد بنحو 150 ليرة سورية، فيما يصل سعر العجل إلى 500 ألف ليرة سورية، والبقرة الحلوب إلى نحو مليون ليرة سورية.

وحول الصعوبات التي تواجهه في عمله، أشار إلى أن من أهم الصعوبات التي تواجهه هي عدم قدرته على تأمين الأدوية البيطرية لعلاج الأبقار، وعدم توفر أعلاف البقر الحلوب بشكل دائم، وغلاء أسعارها، حيث يصل الطن إلى 170 ألف ليرة سورية، إضافة إلى صعوبة تصريف الحليب أحياناً، بسبب التوقف الطويل على الحواجز المنتشرة في جميع المناطق، مما يتسبب بفساده.

ويشير الطبيب البيطري، يحيى الغانم، إلى أن مشاريع تربية الثروة الحيوانية في مناطق درعا المحررة، تراجعت بشكل كبير مع توالي سنوات الثورة، لكن بعد الهدوء النسبي وعودة بعض الأسر من الأردن، انتعشت هذه المشاريع من جديد، باعتبارها أحد أفضل  مصادر الدخل المتاحة.

وأضاف أنه رغم الصعوبات التي تواجه تربية المواشي، تبقى هذه المشاريع من المشاريع المدرة للدخل، وهي وإن لم تكن رابحة، فهي تحقق على الأقل الاكتفاء الذاتي، وتمنع شبح الجوع عن بعض الأسر، لافتاً إلى أن بعض العائدين من الأردن، ممن تمكنوا من جمع بعض المال، لجأوا إلى تربية الأغنام والأبقار، لعدم توفر فرص عمل أو استثمار أخرى، نتيجة الظروف التي تعيشها البلاد.

فيما يؤكد أبو رياض، 65 عاماً، وهو صاحب جاروشة أعلاف حديثة، أن تربية الثروة الحيوانية، وعودة الناس إلى العمل في هذا المجال، أسهمت في انتعاش عمله من جديد، بعد توقف دام عدة سنوات، لافتاً إلى أن جاروشته، باتت تعمل عدة ساعات في اليوم، بالتزامن مع ازدياد الطلب على الأعلاف.

وأشار إلى أنه إضافة إلى قيامه بجرش وطحن الأعلاف لأصحاب المواشي، يقوم أيضاً بصنع العلائق العلفية، من مجموعة مواد غذائية بالتعاون مع أحد الأطباء البيطريين، ويبيعها بأسعار جيدة، حيث يصل سعر الطن إلى 160 ألف ليرة سورية، وذلك لتعويض نقص الأعلاف الجاهزة  في منطقته، والتي تصل عن طريق مناطق النظام، مبيناً أن سعر طن الشعير العلفي يصل إلى 115 ألف ليرة سورية، والقمح إلى 125 ألف ليرة سورية.

ولفت إلى أن مشروعه الذي كلفه ملايين الليرات السورية، ثمناً للمعدات والبناء، والذي ندم في لحظة ما على تنفيذه، بات الآن مدراً لدخل مريح، يلبي احتياجاته الضرورية والمعيشية، إضافة إلى تأمينه ثلاث فرص عمل لأبنائه.

يشار إلى أن محافظة درعا كانت من المحافظات الرائدة على مستوى سوريا في مجال تربية الثروة الحيوانية، حيث وصل عدد قطيع الأغنام فيها قبل الثورة إلى أكثر 750 ألف رأس، فيما وصل عدد الأبقار إلى 50 ألف رأس، ومزارع تربية الأبقار إلى وتسمين العجول إلى أكثر من 250 مزرعة، لكن هذا النوع من الاستثمار تراجع إلى أكثر من النصف بسبب الظروف الأمنية، وهجرة المربين، وعمليات التهريب التي شهدتها الثروة الحيوانية إلى الأردن ومناطق النظام، والتي أدت إلى تناقص كبير في أعدادها.

ترك تعليق

التعليق