"سلطات فواكه" العاصمة، سعر جنوني ونكهة مفقودة


على إيقاع ألحان الفوضى، تتناغم رقصات أصحاب المحلات التجارية، لا سيما الغذائية منها، في العاصمة دمشق، لتصدر عنهم سلوكيات سلبية لا يفهمها إلّا المُستهلك الذي يعيشها ويُعاني منها.

ومن جملتها محلات تحضير عصائر "الكوكتيل" وسلطات الفواكه، التي كانت يوماً هدفاً للشباب بعد يوم عملٍ شاق، وللعائلات التي كانت ترتادها بغية التلذّذ بما تُقدّمه من مُنتجاتٍ لذيذةٍ والشعور بحدٍ بسيطٍ من الرفاهية.

عادةً وفي مثل هذه المحلات يُشكّل الشباب والصبايا النسبة الأكبر من روادها إلى جانب العديد من العائلات التي تعتبرها نُزهةً محليّةً صغيرة، غير أنّ ارتفاع أسعار هذه المواد بشكل كبير جعل العديد من المُستهلكين يُفكرون ملياً قبل شرائها وضمها للائحة المواد المحظورة لديهم.

السيدة (ن ، ك)، قاطنة في حي الدويلعة، متزوجة ولديها خمسة أطفال، كانت تتردد كُلّ أسبوع مرّة على الأقل مُصطحبةّ زوجها وأطفالها لإحدى محلات تحضير سلطات الفواكه، إلّا أنّها امتنعت عن هذه الزيارة منذ أربعة أعوام وأصبحت سلطات الفواكه و"الكوكتيلات" بأنواعها في صفحات مُذكراتها.

بلوغ أسعار سلطات الفواكه حداً جنونياً لا منطقياً، بالإضافة إلى فقدان النكهة التي اعتاد عليها سكان العاصمة قبل سبع سنوات، تُعد الأسباب الرئيسية لامتناع السيدة (ن ، ك) عن زيارة تلك المحللات، بحسب ما قالت لـ "اقتصاد".

وعن الأسعار أكدّت السيدة أنّ سعر كوب "كوكتيل" الموز والحليب قياس الوسط يبدأ من 400 ليرة ويصل إلى الـ 1500 ليرة سورية، وتتنوع أسعار "الكوكتيلات" وسلطات الفواكه بحسب المواد المصنوعة منها، وعلى سبيل المثال يبلغ سعر كوب من "الموز وحليب" المُضاف إليه سكر فقط 400 ليرة سورية، ويرتفع سعره في حال تم إضافة العسل أو النسلة إليه ليصل إلى 750 ليرة سورية.

أمّا عن سلطة الفواكه بحسب السيدة، فتبدأ من سعر 750 ليرة للصحن الواحد وتُسمّى بالسلطة العاديّة، وتتكون من عدّة أصناف من الفواكه الموسمية لكنّها تفتقد للعسل والنسلة والقشطة والشوكولا، ويصل سعرها في حال كانت مصنوعة من كُلّ مُكوّناتها إلى 1500 ليرة سورية للصحن الواحد، كما أنّ سعرها يختلف بين مكانٍ وآخر.

وأشارت السيدة إلى أنّ ذات المادّة التي تُباع في حي باب توما بـ 1500 ليرة يُمكنك شرائها من منطقة جرمانا أو مناطق أخرى بسعرٍ أقل.

رواد تلك المحلات لم يجدوا مُبرراً لهذه الأسعار سوى الجشع والطمع أمام تجاهل مؤسسات "حكومية وأهلية" من المُفترض أنّها تعمل لأجلهم ولتخفيف الأعباء عنهم.

(ج ، ا)، صاحب محل لبيع الـ "كوكتيلات" وسلطات الفواكه بمنطقة الشيخ سعد في حي المزة، قال لـ "اقتصاد" إنّه يُقدّم سلطة فواكه خاصّة بمحله ويُطلق عليها اسم "اكسترا" ويقول إنّه الوحيد الذي يُقدمها بفواكه موسمية ومُجففة ومُعلّبة والشوكولا والكريمة والعسل والنسلة وأنواع كثيرة من المُكسرات والمتممات الغذائية ويبيع الصحن الواحد منها بـ 2000 ليرة سورية، وأيضاً تتفرد بقية المحلات بمادّة خاصة بها.

وأضاف السيد (ج ، ا) أنّ الأسعار تتفاوت من منطقة لأخرى بسبب حجم الضرائب الحكومية المفروض عليها وتفاوت كبير في أجور المحلات الشهرية.

وعن المعايير أكّد أنّ أسواق العاصمة دمشق ومنذ مُدّة طويلة تفتقد لكلّ أشكال المعايير والمواصفات، ويُترك هذا الأمر للعرض والطلب، فلا تستطيع "الحكومة" المُنهمكة إدارياً ومؤسساتياً أن تفرض المعايير الموضوعة، وهنا يبقى الزبون المُستهلك هو الحكم في الشراء أو الامتناع.

وبالرغم من السعر المرتفع أشار السيد (ج ، ا) إلى أنّ لكلّ محلٍ زبائنه، وارتفاع السعر يؤثر على الطبقة الشعبية الفقيرة فقط، ويختم كلامه بأن كُل محلٍ حتى يستطيع تغطيه نفقاته وتحقيق ربح جيد يحتاج يومياً لـ 20 زبوناً لا أكثر.

وبالعودة إلى السيدة (ن ، ك)، فقد أشارت إلى أنّه في الوقت الذي يدفع فيه بعض الناس 5000 ليرة سورية ثمناً لفنجان قهوةٍ في مناطق سياحية "خمسة نجوم"، تتعذر العائلات من الطبقة الشعبية البسيطة جراء دفع 1000 ليرة سورية ثمناً لصحن سلطة فواكه، والرقم الأخير يُعدّ أجرة عمل يوم كامل لدى الكثير من الشباب الذين استطاعوا التنصل من الخدمة العسكرية في صفوف قوات الأسد بأساليب مُتعددة وملتوية.

ترك تعليق

التعليق