كل شيء عن معيشة السوريين في ليبيا


كغيرها من البلدان العربية والأجنبية، كانت ليبيا إحدى وجهات السوريين الفارين من جحيم الحرب، حيث استقبلت البلاد ما يزيد عن 250 ألف سوري هاجروا إليها منذ اندلاع الثورة.

إلا أن تلك الأعداد شهدت تأرجحاً نتيجة الهجرة إلى البلدان الأوروبية والتي حملت حوالي 50 ألف سوري خارجها، إضافة إلى وصول مهاجرين جدد إليها خصوصاً بعد موجة التهجير التي شهدتها مناطق محيط العاصمة، حيث فضل العديد ممن هُجّروا، السفر إلى ليبيا.

نظرة على الأوضاع المعيشية

تعتبر مدينتا طرابلس ومصراتة، أبرز المدن التي اتجه إليها السوريون عقب هجرتهم إلى ليبيا، نظراً لتوافر سوق عمل كبير إضافة إلى النشاط التجاري المتنوع.

"أبو سامر"، لاجئ سوري مقيم في مدينة طرابلس الليبية، قال لـ "اقتصاد": "شهدت سوق العمل في المدينة تقدماً ملحوظاً منذ بداية العام عقب سنتين تراجعت فيهما نتيجة الاقتتال، حيث وصل سعر صرف الدولار العام الماضي إلى 10 دينار ليبي للدولار الواحد. لكن منذ بداية العام الجديد بدأ بـ 9 دينار للدولار الواحد، ليغلق يوم الخميس الفائت على سعر 5 دينار ليبي للدولار الواحد".

وأضاف: "يتراوح إيجار المنزل بين 500 إلى 1500 دينار، فيما يأخذ السوري راتباً شهرياً يبدأ من 1500 دينار، وحسب خبرته يكون اتجاه الراتب نحو الأفضل".

متوسط حاجة الأسرة شهرياً يصل إلى 2000 دينار تقريباً بين إيجار منزل وطعام ومواصلات ولباس، كما قال "أبو سامر".

فيما نوه إلى ارتفاع أسعار الأدوية بشكل كبير لعدم وجود معامل أدوية داخل البلاد، إضافة إلى ندرة المشافي الحكومية، فيما تكثر المشافي الخاصة أو ما يسمى (مصحة)، والتي تبلغ قيمة المعاينة داخلها حوالي 50 ديناراً.

وأعطى "أبو سامر" أمثلة عن سعر أحد أدوية الأعصاب الذي يبلغ 75 دينار، فيما يصل سعر المصري منه إلى 30 دينار، إلا أن الإقبال على المصري منه قليل نظراً لسوءه.

"السيتامول" أحد أدوية الصداع يبلغ سعره 13 ديناراً.

وبالحديث عن المواصلات فهي تعتبر رخيصة جداً، نظراً لتوفر المحروقات وامتلاك معظم الناس للسيارات، سوريين كانوا أم ليبين.

وتبلغ تعرفة ركوب السرفيس ديناراً واحداً، فيما أشار "أبو سامر" إلى وجود نقل عام بين المدن تبدأ تعرفته بـ 20 ديناراً، وتنتهي عند 100 دينار كأقصى حد ممكن.

مشاريع استثمارية

تنشط المشاريع الاستثمارية في ليبيا التي أقامها السوريون، والتي تعد المطاعم في مقدمتها. ويبلغ قيمة افتتاحها بين 1000 دولار و3000 دولار، كما قال "محمد المدني"، أحد اللاجئين السوريين في مدينة "مصراتة"، مشيراً إلى سهولة افتتاحها.

إلا أنه أشار إلى أفضلية وجود شريك أو صديق ليبي يقوم بالأعمال في الواجهة لإبعاد الأنظار عن السوري كمستثمر، نظراً لسوء الأوضاع الأمنية والتواجد الكبير لقطاع الطرق الذين يهاجمون السوري على رأس القائمة، والليبي الثري ثانياً. ووجود الشريك الليبي يبعد الأنظار خوفاً من التعرض لهجمات من مسلحين.

"أبو سامر" قال إن تكلفة افتتاح مشروع مماثل في مدينة طرابلس تصل إلى 15000 دولار، بعد الارتفاع الذي شهده الدينار الليبي مقابل الدولار.

إلا أن تكلفته كانت قبيل الانخفاض أي العام الماضي وصلت إلى 5000 دولار، منوهاً إلى وجوب وجود شريك أو صديق من أبناء البلاد لنفس السبب الذي تحدث عنه "محمد". متحدثاً عن أمثلة واجهت سوريين، كالدخول إلى محله وطرده منه والسيطرة عليه دون تمكنه من تقديم شكوى واحدة.

المنظمات الإنسانية والتعليم

يندر وجود المنظمات الإنسانية أو الإغاثية التي تساعد السوريين في ليبيا، إذ يقتصر تواجد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بمكتب صغير متنقل نتيجة الاقتتالات الداخلية.

وتقدم المفوضية مساعدات تكاد توصف بالرمزية، منها معاينات طبية دون توفير علاج، إضافة إلى سلل غذائية توزع مرة سنوياً، كما قال "ياسر"، أحد اللاجئين السوريين في ليبيا.

وأشار "ياسر" إلى وجود راتب بسيط كانت تقدمه المفوضية لبعض العائلات المسجلة لديها، والذي ألغته نهاية العام الماضي موضحاً وجود قرارات وتعديلات بداية كل عام.

يوجد أيضاً مكتب للجالية السورية، والذي يوزع مساعدات لعدد معين من الناس خلال فترات معينة كشهر رمضان والأعياد، كما قال "ياسر".

وبالحديث عن التعليم فإن الأمر يعتبر صعباً نوعاً ما ضمن المدارس الحكومية لمعظم السوريين، لعدم امتلاكهم أوراقاً ثبوتية كافية، وقيام الحكومة بين الحين والآخر بإصدار قرار يقضي بمنع السوريين من التعلم ضمن المدارس الحكومية، لتقوم بإلغائه بعد فترة قصيرة من إصداره.

نظرة على أسعار السلع التجارية

ترتبط أسعار السلع سواء كانت غذائية او إلكترونية أو حتى الأثاث، بسعر صرف الدولار.

الأسعار شهدت ارتفاعاً فاحشاً خلال السنتين الماضيتين، إلا أنها بدأت بالتراجع منذ بداية العام نظراً لتراجع سعر الدولار وتوفير الحكومية الليبية لسلع مدعومة تباع في الأسواق.

السلع المدعومة هي عبارة عن سلع مماثلة لنظريتها المتوافرة، تقوم الحكومة بطرحها وبيعها بسعر يصل إلى نصف سعرها الأصلي في الأسواق.

قبل 5 سنوات من اليوم كانت الأسعار رخيصة وتعتبر ممتازة للسوري والليبي على حد سواء. إلا أن سنوات الحرب تسببت بارتفاعها. ويبدو أن الأمور بدأت بالعودة تدريجياً إلى طبيعتها منذ مطلع العام.

يُذكر أن الدخول إلى ليبيا اليوم بطريقة نظامية بات أمراً صعباً للغاية.

ويلجأ السوريون إلى الدخول بطريقة غير شرعية أبرزها السفر من تركيا إلى السودان، ومن ثم إلى ليبيا براً أو جواً، أو السفر مباشرة من تركيا بتكلفة تترواح بين 1400 دولار، و 1700 دولار تقريباً.

ترك تعليق

التعليق