قوامها الوافدون.. مشاريع صغيرة تغزو السويداء


تسبب القصف والدمار الذي لحق بمعظم المدن على امتداد البلاد، بإيقاف الحركة الصناعية في العديد من المناطق، في الوقت الذي رأى فيه بعض أصحاب الورش والمشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة أن السويداء، والتي تعتبر من المناطق الهادئة نسبياً، هي المكان الأنسب لضمان استمرارية هذه المشاريع وعدم توقفها.

ونتيجة لذلك شهدت السويداء، على مدى السنوات الست الماضية، حركة إنشاء ورش صناعية ومعامل نقلت من عدد من المدن السورية، وعلى رأسها ريف دمشق ودرعا وحماة وحلب، وذلك بعد أن استقر أصحاب تلك المعامل في المحافظة، ونقلوا نشاطهم الاقتصادي وعائلاتهم إليها.

مشاريع صغيرة تغزو السويداء

اعتبر "سامي عامر"، مهتم بالشأن الاقتصادي من السويداء، أن الورش التي بدأت بمزاولة عملها في المحافظة، خلال السنوات الماضية، ساهمت ولو بالحد الأدنى بكسر الجمود الذي تعاني منه السويداء على الصعيد الاقتصادي، لاسيما أن النظام حصرها على مدى أربعين عاماً بثلاث معامل فقط، وهي الخمور والأحذية والسجاد، الأمر الذي شل الحركة الاقتصادية فيها، واصفاً تلك الورش "بالمشاريع الصغيرة".

وعن أهم المعامل والورش التي تم نقلها للسويداء قال "عامر" في حديث لـ "اقتصاد": "إن من أهم هذه المعامل معمل (محناية) لتصنيع البطاريات، والذي تم نقله  من محافظة (حماة) إلى المدينة الصناعية في السويداء، وهناك أيضاً معمل آخر لتصنيع البطاريات ويقع بالقرب من بلدة (القريا) في ريف السويداء الجنوبي، ويملكه شخص من محافظة حلب، إضافة إلى معمل (للكونسروة) في الريف الغربي، والذي تم نقله من محافظة درعا إلى السويداء ويعمل بطاقة كبيرة جداً، ومعمل لصناعة الأثاث المنزلي، وتم نقله من ريف دمشق إلى المنطقة الصناعية في السويداء أيضاً".

وأضاف "عامر": "بلغ العدد التقريبي للورش المنقولة من المدن السورية للسويداء والمملوكة من أشخاص من خارج السويداء حوالي (100) ورشة، وغالبية هذه الورش تختص في (النجارة وتصليح السيارات ومحلات لبيع قطع تبديل السيارات)، ومعظم أصحاب هذه الورش من سكان مناطق ريف دمشق وعلى رأسها دوما".

وأشار "عامر" إلى أن هناك الكثير من المعامل لا تزال قيد الإنشاء، وأهمها معمل (تاميكو ) للدواء بتكلفة تقدر بـ (13) مليار ليرة سورية، بالإضافة للعديد من المشاريع مثل "صوامع لتخزين الحبوب، ومطاحن حبوب"، وكلها ممولة من شركات إيرانية، وجميعها  تقع على طريق دمشق السويداء.


محدودية الإنتاج تفشل في تحسين الوضع الاقتصادي

لم يلحظ سوق السويداء التجاري أي فوارق بوجود هذه المعامل على تنوعها وكثرتها، وفقاً لـ "وائل بلان"، صاحب إحدى الورش الصناعية في السويداء.

وعزا "بلان" عدم تأثير تلك المعامل، رغم كثرتها، على وضع السوق بشكل مباشر، إلى رؤوس الأموال المتوسطة لأصحاب المعامل، وبسبب محدودية إنتاج تلك الورش، وتصريف القسم الأكبر من إنتاجها خارج السويداء، إضافة لاعتماد صناعتها على المواد الأولية من خارج المحافظة.

ورأى "بلان" أن تلك المعامل لن تحسن مستقبلاً من الاقتصاد المحلي للمحافظة بل على العكس ستكون عبئاً عليه، حيث تعتمد هذه المعامل على موادها الأولية من خارج السويداء، ولا تطرح هذه المنشآت أموالها في السوق المحلي مما يقلل السيولة في السوق.

وأشار "بلان" إلى أن الورش الصناعية والتجارية الصغيرة لعبت دوراً ايجابياً من ناحية المنافسة مع الورش المحلية، حيث دخلت السوق الصناعي بقوة وخبرة، مما ساهم بشكل إيجابي بتخفيض الأسعار وتحسين الجودة، على الرغم من وجود بعض السلبيات من ناحية سوق المواد الأولية، حيث تعتمد هذه الورش على سوق دمشق في تأمين تلك المواد.


محدودية النشاط تعيق الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي للسوق

رأى "سلام علم الدين"، تاجر من السويداء، أن محدودية نشاط وحجم ونوع الورش التي بدأت بمزاولة نشاطها في السويداء، لا يمكن أن تعطي السوق الاكتفاء الذاتي.

وعن الأسباب التي تمنع الاكتفاء الذاتي لهذه السوق قال "علم الدين" لـ "اقتصاد": "إنه وبالاعتماد على شهادات حية من أصحاب هذه الورش، فإن الوضع الأمني المتردي، وانتشار السرقات والتعديات من قبل العصابات، والتضييق الأمني على أصحاب الورش، ومنعهم من إنشاء منشآت كبيرة، واعتماد أصحاب هذه المنشآت على العمل بقدرات محدودة تقضي حاجتهم دون المغامرة بإنشاء معامل كبيرة سيقلل من دور هذه الورش".

أما عن مستقبل هذه المعامل أفاد "علم الدين" أن هذه المعامل ستختفي مع اختفاء حالة التوتر في مناطق أصحاب الورش، فلن يكون لها أي دور مستقبلاً في السويداء، إضافة إلى أن جميع من دخل السويداء مرغم على التعاون مع الأجهزة الأمنية للنظام خوفاً على حياته وماله، حتى ولو كان من المعارضين للنظام.


ترك تعليق

التعليق