القصة الكاملة.. لـ حاجز "ببيلا – سيدي مقداد"
- بواسطة يوسف عمر – خاص - اقتصاد --
- 23 كانون الثاني 2018 --
- 0 تعليقات
كثيراً ما يصف سكان جنوب العاصمة دمشق المحاصر، حاجز ببيلا سيدي مقداد، بأنه شريان حياتهم، فهو المنفذ الوحيد لدخول المواد الغذائية والطبية إلى البلدات الثلاث (يلدا، ببيلا، وبيت سحم)، ولكن بالنسبة لقوات النظام أيضاً، كان هذا الحاجز بوابة لابتزاز سكان المنطقة، وفرض الشروط عليها، والضغط على فصائلها.
افتُتح هذا الحاجز بموجب اتفاق هدنة بين البلدات الثلاث ونظام الأسد مطلع عام 2014، بعد أن حصد الحصار أرواح المئات من أبناء المنطقة جوعاً.
ونصت بنود الاتفاق على سماح قوات النظام بإدخال المواد الغذائية إلى المنطقة، عبر حاجز القداد، مقابل تعهد فصائل المقاومة بعدم استهداف طريق مطار دمشق الدولي.
وعلى الرغم من مرور أربع سنوات على توقيع اتفاق الهدنة، إلا أن صفة الحصار لم تنتفِ عن المنطقة، فتحكم قوات الأسد بحركة دخول البضائع والأهالي وحصرها بطريق واحد فقط، هو حاجز ببيلا سيدي مقداد، وتكرار حالات إغلاق المعبر، جعل المنطقة ضمن دائرة الحصار الجزئي.
جغرافياً، تمتد المنطقة المحاصرة في جنوب العاصمة من بلدة بيت سحم شرقاً، وحتى حي القدم الدمشقي غرباً، وتقسم من حيث السيطرة لثلاث كتل، الأولى تشمل بلدات (يلدا، ببيلا، بيت سحم)، تحت سيطرة فصائل المقاومة، والثانية وتشمل أحياء مخيم اليرموك، الحجر الأسود، التضامن والعسالي، وتخضع لسيطرة تنظيم الدولة، فيما يسيطر فصيل من المقاومة السورية على منطقة المادنية في حي القدم.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات سكانية دقيقة، فإن تقديرات المجالس المحلية تذهب إلى أن عدد سكان المنطقة بحدود الـ 100 ألف نسمة. ويشكل حاجز ببيلا سيدي مقداد، المنفذ الوحيد لتأمين مستلزمات حياتهم.
الناشط "فارس خطاب"، في حديث لـ "اقتصاد"، يرى أن نظام الأسد حوّل معبر ببيلا، لمنفذ تجاري، يدر على ضباطه وشعبة مخابراته، الأموال، وبوابة لابتزاز الفصائل العسكرية في المنطقة.
وكانت ذروة الحصار للمنطقة في النصف الثاني من عام 2013، فقد استنزفت المنطقة حينها مدخراتها من الغذاء ولجأ الأهالي للاعتماد على الحشائش وقسم منهم اضطر لأكل لحوم القطط والكلاب. وقد شكلت هذه الفترة حالة من الرعب لدى الأهالي خشية من تكرارها، وهو أمر استغله نظام الأسد واستثمر حاجز القداد للتلويح بعودة الحصار، بهدف فرض شروط جديدة أو الحصول على تنازلات من المنطقة، وإحراج الفصائل العسكرية أمام الأهالي، خاصة في فترة المهل التي كان يحددها النظام للمنطقة لتقرر مصيرها بإتمام المصالحة أو خروج الثوار منها.
يقول الناشط "خطاب": "أعتقد أن هذه الإجراءات كانت تتم بالتنسيق بين النظام وتيار المصالحة في الداخل".
ويتابع "خطاب": "الحاجز يتبع لفرع الدوريات ويفرض إتاوة على دخول المواد الغذائية والطبية إلى المنطقة. وتشرف شعبة المخابرات على تحصيل الإتاوة حيث تبلغ نسبتها 6% من مجمل الفاتورة أو الحمولة، وتذهب إيراداتها لضباطه ولشعبة المخابرات المشرفة على الحاجز، كما لا يخلو الأمر من اعتقال الشبان من أبناء المنطقة والزج بهم على جبهات القتال الساخنة ضد الثوار".
خلال العام الماضي 2017، أغلقت قوات الأسد حاجز ببيلا لأربع مرات، فيما أغلقته في العام الحالي لمرة واحدة حتى الآن، واستمر إغلاقه لتسعة أيام، وبالرغم من وجود معبر في الجانب الغربي من جنوب العاصمة في حي العسالي، إلا إن أهمية هذا المعبر محدودة إذا ما قيست بأهمية معبر ببيلا سيدي مقداد.
وحول إدارة الأزمات الناتجة عن إغلاق المعبر، يقول الأستاذ "وليد أبو زيد"، مراقب مطلع من أبناء المنطقة، في حديث لـ "اقتصاد": "إن إدارة المنطقة للأزمات الناتجة عن إغلاق الحاجز ليست فاشلة. هي للأسف غير موجودة مطلقاً، وهو ما ينعكس سلباً على أسواق المنطقة في كل إغلاق للحاجز، إذ لا يحتاج التجار الجشعون إلا لبضع ساعات لإخفاء المواد الغذائية والمحروقات أملاً ببيعها بأسعار مضاعفة. من المفروض وجود جهة تمارس دوراً رقابياً على تجار المنطقة وتمنعهم من احتكار المواد ورفع أسعارها بشكل جنوني".
في الإغلاق الأخير للحاجز مع بداية العام، أطلق عدد من الشخصيات الثورية حملة لكسر احتكار التجار، وقاموا بجمع مبلغ من المال وشراء كمية من المواد الغذائية وبشكل خاص السكر والطحين وعرضها بالأسواق بسعرها الأساسي، وقد نجحت هذه الحركة في كسر احتكار التجار، لكن هذا العمل كان نتاج تحرك مجموعة من الأشخاص كان الأَولى أن تتولاه المؤسسات الثورية وبدعم من الفصائل.
ويستغل النظام هذا الموقف ليبتز المنطقة. ويختم "وليد أبو زيد": "من غير المعقول أن نعطيه وسيلة للضغط علينا، خاصة وأن المخزون المتوفر في المنطقة يكفي لفترة جيدة حتى وإن أغلق الحاجز".
التعليق