التسول في إدلب.. أسباب الظاهرة ومقترحات للحل


تنتشر في مدينة إدلب شمالي سوريا، ظاهرة التسول (الشحادة) في وقت يعاني أكثر من ثلاثة ملايين سوري يقطنون منطقة ممتدة قرابة 10 آلاف كيلومتراً، من الفقر وقلة الموارد المادية.

 عشرات النسوة الصغيرات والكبيرات إضافة لأطفال ذوي أسمال بالية انتشروا بين أحياء مدينة إدلب وأمام المحلات التجارية، يلاحقون المارة طلباً لورقة نقدية من فئة الـ 100 أو الـ 200 ليرة، ما يوضح حجم الانتشار الفظيع لهذه الظاهرة التي باتت صنعة بحد ذاتها في المدينة التي تعتبر بمثابة عاصمة للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية شمالي البلاد.

"الظاهرة كانت موجودة قبل تحرير المدينة، لكنها تفاقمت عقب اندلاع الثورة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي في ظل الأزمة الحالية"، يتحدث "عبد الرزاق عوض"، مدير برنامج الأمن الغذائي وسبل العيش لدى منظمة (بنفسج) .

عوض - الذي يصر على اعتبار الغالبية الساحقة من المتسولين الذين يتجاوز تعدادهم 300 متسول وفقاً لتقديرات غير رسمية؛ ينظرون إلى التسول كمهنة- تابع لـ "اقتصاد" موضحاً أن موجة التهجير التي طالت حماة وحلب وريف دمشق ساهمت إلى حد ما في ازدياد مستوى هذه الظاهرة.

واستطرد: "أعتقد أن الموضوع أضحى مهنة بالنسبة لأغلب المتسولين، يوجد أناس في حاجة حقيقية لكنهم قلة كون المنظمات الإنسانية عادة ما تلبي احتياجات مثل هؤلاء في حال طرقوا أبوابها".

كلام عوض تنفيه إحدى المتسولات التي استوقفها "اقتصاد" في مدينة إدلب. قالت "رشا" ذات الثلاثين عاماً، بينما كانت ترتدي جلباباً طويلاً أسود اللون، "أنا مهجرة من مدينة حلب. المنظمات أعطونا في الفترة الأولى بعض الإغاثات والمساعدات لكنهم بعد ذلك رمونا رمية الكلاب".
امرأة أخرى تدعى "سمية" روت قصتها لـ "اقتصاد" مع (الشحادة). قالت بينما التمعت عيناها سروراً بعد قبضها لورقة من فئة الـ 200 ليرة، "أنا مهجرة وزوجي معتقل منذ سنتين أعيش داخل المخيم مع أطفالي الصغار وأسأل الناس لأني بحاجة لإطعامهم".

الأربعينية التي تحمل في يدها طفلها الصغير ابن السنتين أصرت على أن حاجتها للمال هي السبب في جريها وراء التسول.
 وكسابقتها اتهمت "سمية" المنظمات الإنسانية بعدم تقديم الرعاية الكافية. لكنها استخدمت عبارة كانت كافية لتوصيف الحالة "وضعوا أرجلهم وراء ظهرنا و قلعونا".

يعمل "وسيم الخلف" في المكتب الإعلامي لجامعة إدلب. الخلف اعتبر أن ظاهرة التسول ازدادت بسبب موجة التهجير الضخمة التي نالت كافة المدن الثائرة والتي استوطنت محافظة إدلب بعيداً عن سيطرة النظام.

محاصرة كافة المدن الثائرة وتهجير أهلها - يوضح الخلف - أدى لانتشار الفقر الشديد بين عوائل كثيرة وتسول بعض الأولاد الذين خسروا أهلهم من قصف الطائرات وعدم وجود أحد يكفلهم.

"هناك قسمان للمتسولين"، يتابع الخلف، "قسم هو بحاجة فعلية للمساعدة وقسم اعتبرها مهنة ومصدر رزق وهذا أدى إلى فقدان الثقة بجميع المتسولين".

كوسيلة لخنق هذه الظاهرة اقترح الخلف "تشكيل لجنة خاصة لإحصاء الفقراء والمهجرين ومعرفة العوائل المحتاجة للمساعدة وعدم ترك الأطفال الصغار في الشارع وتبنيهم من قبل هذه اللجنة ووضعهم في مدارس لإكمال دراستهم كي يشعروا باهتمام المجتمع بهم".

من جانبه اقترح الإداري في منظمة بنفسج "عبد الرزاق عوض" ملاحقة هؤلاء المتسولين بطريقة ناعمة بغية حصر هذه الظاهرة وذلك عبر دراسة أحوالهم ووصلهم بالمنظمات الإنسانية لتتبنى المحتاج منهم.

في الحالات التي تمتهن التسول - يتابع عوض - "تتدخل السلطات لإنذارهم ومن ثم ردعهم بالعقاب الملائم".

ترك تعليق

التعليق